• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

السيِّد أبو القاسم الخوئي.. راعي العلم والعلماء

عمار كاظم

السيِّد أبو القاسم الخوئي.. راعي العلم والعلماء

الإسلام منذ بزوخه وهو يعزّز الاتجاه نحو استمرارية التعليم وطلب العلم والتعلُّم، فيشير القرآن الكريم إلى ذلك بقوله تعالى: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) (طه/ 114)، وفي آية أُخرى قال الله تعالى: (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) (الإسراء/ 85).. فالعلم والتعلُّم من الحقوق الأساسية للإنسان، والقراءة والكتابة باب التعلُّم والمعرفة والحياة البهيجة، فبالعلم تكون التنمية الاجتماعية والبشرية، وتتطوّر حياة الأفراد وتنمو المجتمعات، تتطوّر سياسياً وتتحسّن اقتصادياً وتنمو اجتماعياً. واليوم تطوّر التعلُّم والتعليم من إجادة القراءة والكتابة إلى مظاهر التقنية والتكنولوجيا والإنترنت والهواتف الذكية، وهو سباق من التعلُّم والعلم لا ينتهي، بل يزيد اتساعاً بما يُوطد العلاقات الإنسانية والمشاركات. وعن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): «طلب العلم فريضة على كلّ مُسلِم». ولأئمّة الهدى (عليهم السلام) أحاديث وتأكيدات مكررة حول ضرورة طلب العلم أبرزها ما ورد على لسان الإمام الصادق (عليه السلام)، لكن بين أيدينا حديث مرويٌ عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول فيه: «نومٌ مع علمٍ خيرٌ من صلاةٍ مع جهلٍ». هذا الحديث فيه من الإثارة والخصوصية في تناول مسألة العلم ومفاضلته مع فريضة الصلاة حتى وإن كان صاحب العلم أو العالم في حالة نوم، بينما لا فضيلة للمصلي القائم والمؤدِّي للفريضة العبادية وهو جاهل. فإذا كنّا حقّاً حريصين على العقيدة والإيمان والقيم الأخلاقية في المجتمع، وهي أُمور لا ينكر أهميّتها وفضلها عاقل، لابدّ من إعطاء العلم بها أو تعلُّمها ودراستها الأهميّة القصوى لاسيّما في هذه المرحلة الراهنة، في وقت تتطوّر فيه الحياة ومستلزماتها وأيضاً مسلتزمات وحاجات الإنسان، وفي نفس الوقت تطوّر الحالة الذهنية والفكرية له، ممّا يستوجب أن يتسلح الإنسان المؤمن بقدر كبير بالعلم والمعرفة والأخلاق ليقدّم صورة مقبولة للعالم بحيث يجعلونه مصدراً لمراجعة طريقة تفكيرهم ومنهج حياتهم.

ومن رجالات العلم السيِّد أبو القاسم الخوئي الذي هو من أبرز فقهاء الشيعة ومراجع التقليد في القرن الرابع عشر الهجري. تَتلمذ على يد كبار العلماء في النجف الأشرف، وتخرّج على يديه الكثير من الأعلام والشخصيات العلمية، من جملتهم: السيِّد محمّد باقر الصدر، الميرزا جواد التبريزي، السيِّد علي السيستاني، الشيخ وحيد الخراساني، والسيِّد موسى الصدر والشيخ إسحاق الفياض، وقد تسنّم البعض منهم سدّة المرجعية الشيعية بعد رحيل الأستاذ الخوئي. تعلّم السيد الخوئي الكثير من العلوم الرائجة في الحوزة العلمية التقليدية وكان أُستاذاً بارزاً فيها، وتعدّ نظرياته الأصولية والفقهية والرجالية والتفسيرية من النتاجات الفكرية التي يشار إليها بالبَنان. صنّف السيِّد الخوئي الكثير من المؤلفات أشهرها كتاب البيان في تفسير القرآن وموسوعة معجم رجال الحديث. كما تسنّم آية الله العظمى الخوئي مقام مرجعية الشيعة العامّة لسنين عديدة. وصبّ اهتمامه خلالها على نشر الشريعة الإسلامية في سائر بقاع المعمورة، كما شُيّدت الكثير من المؤسّسات العلمية والثقافية والخدماتية، في شتّى بلدان العالم تحت إشرافه. تصدّى السيِّد الخوئي لكرسي التدريس منذ السنين الأُولى من عمره الدراسي وحينما بلغ العقد الرابع من العمر أصبح من الأساتذة المعروفين في النجف الأشرف، مواصلاً التدريس ما يقرب من الستين عاماً ألقى خلالها دورة فقهية كاملة وعدّة دورات في أُصول الفقه. وقد تميّز السيِّد الخوئي بقدرات عالية في تربية التلاميذ وإعداد العلماء والمدرسين، كما تميّز درسه بالانضباط والتناسق، وقد عمد السيِّد بالإضافة إلى إلقاء الدروس والمحاضرات العالية إلى تربية جيل من الفقهاء والمستنبطين للأحكام الشرعية بعيداً عن التعقيد الأُصولي والفقهي والإطناب المُمِل. وكان السيِّد صاحب منهج خاصّ يتمكّن من خلاله حضّار درسه من التعرُّف على مبانيه الأُصولية والرجالية ومن هنا وسم بأنّه صاحب مدرسة مستقلة. والجدير بالذكر أنّ الكثير من مراجع التقليد المعاصرين كانوا من تلامذته وحضّار حلقات درسه.

ارسال التعليق

Top