• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

تدريب الناشئة على الصوم

تدريب الناشئة على الصوم
◄إذا كان صوم رمضان فرضاً عينياً وركناً دينياً، فيلزمنا أن نحدد بالضبط على من يجب الصيام وجوباً غير مخير. والذي لا خلاف فيه: أنّه يجب وجوباً فورياً على المسلم البالغ، العاقل المقيم، الصحيح، إذا لم تكن فيه الصفة المانعة من الصوم، وهي الحيض والنفاس للنساء. قال تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (البقرة/ 185).   -        لا صيام على غير المسلم: فلا يطالب غير المسلم في الدنيا بصوم رمضان، لأنّه لا يطالب بالفرع من لم يؤمن بالأصل، إنما يدعى إلى الإسلام أوّلاً، فإن شرح الله صدره له، طولب بأركانه وفرائضه بعد ذلك.   -        الصيام والبلوغ: ولا يطالب غير البالغ بالصيام، لأنّه غير مكلف، وقد رفع القلم عنه، كما في الحديث: "رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم" (رواه أحمد وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والدار قطني عن علي وعمر. وصححه غير واحد. وانظر: صحيح الجامع الصغير 3512 – 3514). ورفع القلم: كناية عن سقوط التكليف، ومعنى (يحتلم): أي يبلغ الحلم وهذا بالنسبة للغلام الذي يعرف بلوغه بالإحتلام ونحوه من العلامات الطبيعية التي تدل على أنّه تجاوز مرحلة الطفولة، ودخل في طور آخر. وأما الفتاة، فيعرف بلوغها بالحيض، الذي يؤهلها لحياة الزوجية والأمومة. وأما البلوغ بالسن، فهو خمسة عشر عاماً. فمن تأخر عنده الاحتلام، أو تأخر عندها الحيض، فبلوغه يكون بالسن. ولكن هل يترك الصبي والصبية ولا يطالبان بالصوم إلا بعد بلوغ سن التكليف؟ لا.. فإن تعاليم الشرع تأمر بتدريب هؤلاء الناشئة على أداء الفرائض ابتداء من استكمال السابعة من العمر. وفي هذا قال رسول الله (ص)، في شأن الصلاة: "أمروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر" (رواه أحمد وأبو داود والحاكم عن ابن عمرو، وحسنه في صحيح الجامع – 5868). وفي حديث آخر: "علموا الصبي الصلاة إبن سبع سنين، وإضربوه عليها إبن عشر" (رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن خزيمة والطبراني والحاكم وغيرهم كما في الجامع الصغير – 4025). وإذا كان الحديث الوارد في شأن الصلاة، فهو ينطبق على الصيام أيضاً بفارق واحد، وهو مراعاة القدرة البدنية للصبي والصبية، فقد يبلغ السابعة أو العاشرة، ولكن جسمه ضعيف، لا يحتمل الصيام، فيمهل حتى يشتد عوده ويقوى. وقد كان الصحابة يصومون صبيانهم وهم صغار، حتى كانوا يأتون لهم باللعب من العهن (أي الصوف) يلهونهم بها حتى يأتي وقت الإفطار. وليس من المطلوب أن يصوم الشهر مرة واحدة، فليس هذا بمقدور، ولا منطقي، وإنما يصوم في أول سنة يومين أو ثلاثة مثلاً، والتي بعدها يصوم أسبوعاً ثمّ إسبوعين، حتى يمكنه بعد ذلك صوم الشهر كله بهذا التدرج. ومن الخطأ الذي يتحمل تبعته الآباء، والأُمّهات، إهمال الصغار حتى يبلغوا دون أن يدربوا على أداء الفرائض والطاعات. فإذا أمروا بها بعد البلوغ كانت أثقل من الجبال على كواهلهم. وما أصدق ما قال الشاعر: وينفع الأدب الأولاد في صغر وليس ينفع عند الشيبة الأدب! إنّ الغصون إذا قومتها إعتدلت ولن تلين إذا قومتها الخشب.►

ارسال التعليق

Top