• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

قوّة الخير والعطاء

عمار كاظم

قوّة الخير والعطاء

الإيثار في أبسط معانيه هو أن تقدّم منافع غيرك على منافعك، أن تحبّ لأخيك ما تحبّ لنفسك، بل وأكثر ممّا تحبّ لنفسك، أن تعطي لأخيك مثل أو أكثر ممّا تعطي لنفسك، أن تخدم الغير - عند الحاجة والاقتضاء -  أكثر ممّا تخدم نفسك، وذلك رغبة في رِضا الله تعالى، فقد يجوع المؤثر ليشبع غيره ويعطش ليروي سواه، بل قد يموت في سبيل حياة الآخرين، وبهذا الشعور النبيل يجدّد حقيقة إيمانه فيطهر نفسه من الأثرة والأنانية التي هي حبّ النفس وتفضيلها على غيرها، وهي صفة ذميمة عند من كمل إيمانه فاختار مراقي السؤدد ابتغاء الأجر الأخروي.. فالإيثار منزلة رفيعة القدر لا يتخلّق به إلّا أصحاب القلوب التي وعت إنسانيتها وفهمت دينها وتحقّق لها القرب من الله، فهو الخلق الذي وصف به الحقّ سبحانه وتعالى أنصار رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذين جسّدوا تجربة الأخوّة الإيمانية في صورة لا عهد لتاريخ البشرية بها، فقال عنهم: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الحشر/ 9). فقد يضحي المرء بنفسه أو بماله من أجل مبدأ أو فكرة يؤمن بها ويتحرّك من أجلها، أمّا أن يقدم الإنسان غيره على نفسه كما فعلوا فهذا ممّا يستثقله الناس، فكيف إذا كان هذا الغير ممّا لا قرابة للإنسان به. سأل رجل رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) فقال: «أيُّ الناس أحبُّ إلى الله، قال: أنفع الناسَ للناسِ». ورُوِي عنه (صلى الله علیه وآله وسلم) قوله: «الخَلقُ كُلّهم عيالُ اللهِ، فأحبُّ الخَلق إلى الله، أحسن الناس إلى عياله». وعن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال: «قولوا الخير تُغرفوا به، واعملوا الخير تكونوا من أهله».

إنّ من الأُسس التي يبنى عليها النظام الاجتماعي والأخلاقي في الإسلام، هو الدعوة إلى فعل الخير.. وأن يكون الإنسان، قوّة خير وعطاء، وإصلاح في هذا العالم.. متحرراً من النزعات الشريرة التي تحول بينه، وبين التفكير في الخير، وفعله للناس وللمجتمع. حيث إنّ مشكلة الإنسان الاجتماعية، تكمن في الأنانية.. وعدم الاهتمام بخير الآخرين، ومنع الخير عنهم أحياناً. إنّ هذه النزعة الشريرة.. (نزعة الأنانية) و(منع الخير عن الآخرين) التي سماها القرآن بـ(الشُّح) فاستنكرها، وذمّ الإنسان المتصف بها، وعدّه من المجرمين، والمعتدين على القيم والحياة الإنسانية، لهي مصدر المحنة. قال تعالى: (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ) (ق/ 24-25). وقال سبحانه: (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (التغابن/ 16).

ارسال التعليق

Top