• ٥ تشرين أول/أكتوبر ٢٠٢٤ | ١ ربيع الثاني ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الذنوب الموجبة لحبط الأعمال في القرآن

الذنوب الموجبة لحبط الأعمال في القرآن

بغضّ النظر عن النقاشات التي وردت حول هذا البحث، فقد ورد في القرآن الكريم ذنوب متعددة توجب حبط العمل، أي من آثارها حبط الأعمال، نذكر منها:

1- الإرتداد عن الإسلام:

قال الله تعالى: (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة/ 217).

فالإرتداد عن الدين يحبط ما سبق وما لحق، والآية -كما هو واضح- مشروطة بالموت على الكفر أولئك حبطت أعمالهم شرط في الإحباط الموت، هذا يعني أنه إذا لم يمت على الكفر، بل تاب قبل موته لم تحبط أعماله.

 

2- الشِّرك المقارن بالعمل:

قال الله تعالى: (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ) (التوبة/ 17).

كان المشركون يزعمون أنّ العمل الصالح بنفسه موجب للثواب، غير أنّ القرآن ألغى هذه الفكرة، وصرّح بأنّ الثواب إنما يترتب على العمل الصالح، إذا صدر من فاعل مؤمن، ولأجل ذلك أتبع الآية بقوله: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ...) (التوبة/ 18).

 

3- مجادلة الرسول ومشاقته:

قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ) (محمد/ 32).

إنّ هذه العوامل إمّا هي عوامل مستقلة في الإحباط أي الكفر والصدّ عن سبيل الله تعالى ومشاقة الرسول (ص)، وإمّا هي ترجع إلى عامل واحد وهو الكفر.

وفي بعض الروايات، فسّر معنى المشاقة بما نقل عن أمير المؤمنين (ع): "وشاقوا الرسول"، أي قطعوه في أهل بيته بعد أخذه الميثاق عليهم له.

 

4- قتل الآمرين بالقسط من الناس:

قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ) (آل عمران/ 21-22).

 

5- إساءة الأدب مع النبيّ (ص):

قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) (الحجرات/ 2).

قد يفهم أنّ رفع الصوت ليس عاملاً مستقلاً في الإحباط، وبالتالي يكشف عن كفر الذين يرفعون أصواتهم فوق صوته (ص) لأنّ الآية تخاطبهم بـ (يا أيُّها الّذين آمنوا) والتي لا يفهم منها شأنية الإيمان، بل فعليته.

فالذي يوجب إحباط العمل هو الإساءة إلى النبيّ (ص) التي تعتبر هتكاً في نظر العامّة وتنزيلاً من شأنه (ص) في أوساط المسلمين، كما هو الظاهر، من أسباب النزول التي ذكرت للآية الكريمة.

 

المصدر: كتاب أسوار الأمان (صيانة المجتمع من الانحراف على ضوء سورة الحجرات)

ارسال التعليق

Top