• ٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

زوجُ وحديقةٌ وامرأةٌ آتية

زوجُ وحديقةٌ وامرأةٌ آتية

جلس يراقبُ البعيد، يترقب معجزةً تأتي لتُخرجه من واقعه المأزوم، يبحث في الكمال التائه عن صفات يستبدل بها ما يعتبره نقصاً في زوجته؛ ولأجل ذلك هرب إلى حديقةٍ عامة علّه يستلهم بديلاً عن شعور النفور ذلك...

جلس مستسلماً للتيه والضياع، غارقاً في التفكير والتحليل بُغيةَ الاهتداء لحل وسبيل، وإذا به يرى امرأة تُقبل من بعيد المسافات، حينها خفق قلبُه، وما قرّ له قرار، وأخذ الحزنُ الممزوج بشعور الغبطة يحتله، وخصوصاً عندما شاهد طفلاً يمسك يد تلك الآتية.

وصار يردد: ليتها كانت محل زوجتي، فما أسعدَ زوجها، فهي تملك من الصفات الجميلة ما تملك، وقد لمس حنانها في تعاملها مع ولدها وفي كيفية احترامها لعفّتها من خلال مشيتها وحجابها...

جلس يستذكرُ ما يعتقدهُ عدم رقةٍ في زوجته وعدمَ رعايةٍ لحجابها، وظل أسيرَ الحسرة حتى اقتربت منه تلك الآتية الملتحفة بثوب الكرامة والحياء ثم خاطبته: عزيزي كنتُ أتوقعُ أنّك هنا فأحببنا أنا وأبنُك أن نأتي ونجالسك، وهو غارقٌ في بحار الخجل؛ فالآتية التي أعجبته ما كانت إلّا زوجتَهُ التي هرب منها، وإذا بها تمتلك كلَّ ما يُحبُّ ويريد...

نعم أيها السادة، عندما يُغمضُ الشريك عينَ الحق لا يُشاهد حقيقة شريكه، بل يُصبح الشّريك أسيراً لأوهام صنعها الخيال، دون إدراك حقيقة الحال إلّا بعد فوات الأوان...

أيّها العزيز، إبحث عن جمال صفات شريكك، وأعد النظر إلى تقيمك إيّاه، وحاول بناءَ رأي آخر عندما تعيد النظر إليه بعينٍ جديدة، ولاتكُن كمن يغفلُ عن نجوم السماء وشمسِها؛ لأنّه لم يشاهد إلّا الغيوم فظن أنّ السماء كلّها غيمٌ...

       

المصدر: كتاب لباسٌ بخيوط الحُبْ

ارسال التعليق

Top