• ٢٤ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٢ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

اجعل نفسك مستمعاً طيّباً

اجعل نفسك مستمعاً طيّباً

◄اجعل نفسك مستمعاً طيّباً ولا تنسَ تشجيع محدثك على الكلام نفسه

يقول الإمام عليّ (ع): "عوّد أذنك حسن الاستماع، ولا تصغِ إلى ما لا يزيد في صلاحك".

الإصغاء للطرف الآخر فن يهمله قسم من الناس. فهؤلاء لا يهمهم ما يقول الطرف الآخر، بقدر ما يهمهم أن يكونوا هم المتكلمين، والماسكين بدقة الحديث. ولا يهمهم أيضاً أن يبقى الطرف الآخر متابعاً، ومسترسلاً في الحديث، بل يهمهم أن يقاطعوه، ويجدعوا أنفه، ويبتروا حبل أفكاره.

والإصغاء ليس مسألة صعبة، بل هو فن بسيط يعتمد على إتاحة الفرصة للطرف الآخر لأن يبدي أفكاره، ويعتمد على الاتصاف بنوع من الإرادة في التحكم في اللسان، وعدم مقاطعة الطرف الآخر في حديثه، حتى يتمه، أو حتى يتم الفكرة التي يعطينا بعدها إجازة إبداء الرأي والتعليق.

ومشكلة عدم إجادة فن الإصغاء والاستماع موجودة في مجتمعاتنا. فقد يصادف أن تحضر مجلساً، يتحدّث فيه أكثر من شخص في نفس اللحظة، ويبدي الرأي والتعليق أكثر من شخص في نفس اللحظة أيضاً، ويتحوّل المجلس إلى مقاطعات كلامية، فوضوية، تشبه الأصوات المتعددة الجهات في سوق من أسواق الخضروات!

وهذه المشكلة ـ وللأسف ـ موجودة حتى في صفوف المثقفين.

قد يقول قائل: إنّ فن الإصغاء مطلوب ـ فقط ـ في الاجتماعات الرسمية. ولكن الحقيقة أنّه مطلوب في النقاش بل وحتى في الاجتماعات الأخوية العادية، ودردشات الاستراحة. فحينما تكون في اجتماع أخوي عادي، ماذا يضرك لو أنّك التزمت حالة تنظيمية في التحدّث، بأن لا تتحدث وآخر يتحدث، وأن تنتظر حتى ينتهي من كلامه؟

 

وبناء على ذلك يمكننا القول:

أن تصغي لمحدثك، يعني أن تقدّم الاهتمام والتقدير لما يطرحه من أفكار، وقضايا، حتى لو كان يختلف معك في الآراء، ولا تندهش حينما ترى محدثك يرتاح إليك، ويهتم بما تطرحه عليه. وهذا هو السرّ في أنّ الخطباء يهتمون في توجيه نظراتهم، والكلام إلى مَن يصغي إليهم جيداً، ويتلقى الأفكار منهم بكلّ اهتمام.

وحتى أولئك الناس الذين يتصفون بالجفاف في الطباع، والغلظة في الأقوال، فهم يلينون أمام مستمع، جيِّد، صبور.

فإذا أردت أن تكسب الناس، كن حكيماً في أن تكون مستمعاً طيّباً، مقدماً لمحدثك التشجيع على الكلام ـ عموماً ـ وعن نفسه.►

ارسال التعليق

Top