• ٢٥ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٣ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

المؤاخاة.. ركيزة أساسية للمجتمع المسلم

المؤاخاة.. ركيزة أساسية للمجتمع المسلم

◄تشكل قاعدة التآخي أساساً هاماً في قيم الأخلاق الإسلامية وبها حدّد الله تعالى علاقة المؤمنين في الآية الكريمة: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات/ 10). والأخوّة في الله أدوم وأبقى حتى من الأخوة في النسب والولادة، لأن أخوة الولادة تنتهي وتنقطع باختلاف الدين والعقيدة ولكن أخوة الإيمان دائمة في الدنيا وفي الآخرة وفي ذلك ما روي في الأثر: "ربّ أخ لم تلده لك أمك".

والمؤاخاة كانت الركيزة الأولى في تأسيس المجتمع المسلم الأوّل في المدينة المنورة يوم وفد المهاجرون إليها من مكة المكرمة واستقبلهم الأنصار فجمعهم النبي (ص) ووجّه الأمر لهم قائلاً: تآخوا في الله أخوين أخوين. فالتزم الجميع وكان الرجل من الأنصار يأخذ أخاه المهاجر إلى بيته فيقتسم معه كلّ ما يملك وقد يؤثر على نفسه أحياناً، ولم يكن الدافع إلى هذا الأمر مصلحة أو منفعة يريدها الأنصار اللّهمّ إلا مرضاة الله تعالى، والالتزام بأمر النبيّ (ص) الذي أكّد القاعدة هذه في الحديث النبوي الشريف: "المؤمن أخو المؤمن أحب أم كره".

وكان من نتائج الأخوة أيضاً توطيد روابط التراحم والمحبة بين النبيّ (ص) وبين صحبه الكرام وبعدهم بين كلّ المؤمنين.

ومن نتائج الأخوة أيضاً أنها تمنع الغرور، لأنّ المؤمن أخ للمؤمن بصرف النظر عن العمر أو الثراء أو المستوى العلمي أو الاجتماعي أو الوظيفي.

وإذا كان فلاسفة الأخلاق قد اهتموا بالحديث عن الصداقة ليكون الصديق عوناً لصديقه في الملمات فإنّ الإسلام قد ارتقى بعلاقة الناس ببعضهم إلى مستوى أرفع من الصداقة أو الرفقة؛ إنّه المؤاخاة. ولكن لابدّ للإنسان عند اختيار الأخ الذي لم تلده له أمه في زماننا هذا من أن يمتحن فيه بعض الخصال وأبرزها:

أ‌)       الدين الذي يجعل صاحبه من الذين يسارعون في الخيرات ويبتعدون عن منكر الأفعال، لأن تارك الدين عدو لنفسه يعرضها للخسران المبين في الدنيا والآخرة، فكيف يُرجى منه مودة غيره، أو النفع لغيره؟

ب‌) التعقّل الذي يقود إلى السلوك الراشد المتزن، لأنّ الحمق لا تثبت معه مودة ولا علاقة. فالأحمق لا يستقر على حال، ولهذا قال الحكماء: العدو العاقل أقل ضرراً من الصديق الجاهل.

ت‌) الأخلاق المحمودة التي تجعل صاحبها من أهل الخير الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر بدءاً من أنفسهم وذلك لأنّ العلاقة مع الشرير المفسد في الأرض خطر على دنياك وعلى آخرتك فمودته تكثر أعداءك وتفسد أخلاقك، ولا خير في مدة تجلب العداوة وتورث مذمّة وملامة. ►

 

المصدر: كتاب الأخلاق في الإسلام والفلسفة القديمة

ارسال التعليق

Top