إجازة للاستجمام والاسترخاء والاستمتاع مع الصديقات، فرصة تُدغدغ رغبة سيدات كثيرات، يَتُقْنَ إلى الاستقالة من دورهنّ كزوجات وأمهات وربّات بيوت. فهل يسمح الزوج لزوجته بتحقيق أمنية مثل هذه؟ وهل يترك زوجته تسافر مع صديقاتها من دونه هو والعائلة؟
بين مُوافق ومعترض، يقف الرجل حائراً ماذا يختار، أيَسْمَح بإجازة لزوجته مع صديقاتها من دونه وأولاده؟ أم يرفض الأمر متسلّحاً بالعادات والتقاليد والخوف عليها؟ كثُرَت تبريرات الرجل بين مَن هو مع ومَن هو ضد. فالموضوع ليس سهلاً لمن لم يعتَدهُ، والمسؤولية التي تتركها الزوجة عليه، همّ يحسب له الحساب الكبير. بناء على كلّ هذه المعطيات، هل تترك زوجتك تسافر مع صديقاتها في إجازة؟ قبل أن توافق أو ترفض، اقرأ التحقيق..
لا فرصة للرفض:
"زوجتي معتادة أن تحظى بإجازة مع بداية الصيف، تسافر خلالها مع صديقاتها للتسوق في لندن". اعتراف يصدر على لسان موفق البابا (مهندس مدني، متزوج منذ 4 أعوام ولديه ولدان). ويقول: "جميع صديقاتها يسافرن لوحدهنّ من دون أزواجهنّ. لذا، لا فرصة لديّ لأرفض، حتى لو كنتُ غير مقتنع تماماً بالأمر". يلتقط موفق يد ابنه الذي يقف إلى جانبه، يجذبه إليه مُعلِّقاً: "خلال 7 أيام كاملة، أكون الأب والأُم لولديّ الحبيبين في غياب والدتهما". يضيف: "لقد بات الأمر ممتعاً لي، لأنّه يقرّبني منهما كثيراً، ويجعلني أشتاق إليها، وهي فرصة لها أيضاً لترتاح من دورها كأم وزوجة، وتستعيد نشاطها لتبدأ من جديد". يتردّد موفق قبل أن يختم: "صحيح أنّ الموضوع مكلّف ومُزعج لي، لكنّي في المقابل أحصل على زوجة عصرية ومُواكِبة للموضة".
"قدها وقدود":
إلى ذلك، يبدو أن موضوع سفر الزوجة مع صديقاتها من دون زوجها أو أولادها، مقبول لدى د. محمّد الغرّ (طبيب عام)، حيث يقول: طأعطي زوجتي الحرية الكاملة لتسافر مع صديقاتها لو أرادت ذلك، وهي سيدة شاطرة، ومثلما نقول بالعامية "قدها وقدود". وفي رأي د. محمّد: "إنّ الرجل الذي لا يسمح لزوجته بهذه الفرصة، هو إنسان مُثْقَل بتقاليده وعاداته، أو ربما هو لا يثق بقدرة زوجته على التعامل مع الأمور بعيداً عنه". وقبل أن يتوقف د. محمد عن الكلام، يضيف مبتسماً، بينما نظراته تتركز على زوجته التي تقف قُبالته: "على فكرة، قد لا أحدد المكان لزوجتي وصديقاتها، ولكن يجب أن أوافق على خيارهنّ، تماماً مثلما أوافق على الصديقات المرافقات".
خبرة:
لماذا يُعارض رجل زوجة تُريد أن تسافر مع صديقاتها في إجازة؟ سؤال يستغربه ماهر عزّالدين (مدير مالي، متزوج منذ 20 عاماً ولديه 3 أولاد). ويقول: "من الجميل أن تترك زوجتك تسافر للاستمتاع بالبحر، أو تكتشف مناطق جديدة، لتعود إليك سعيدة ومرتاحة".
استنتاج يخلص ماهر إليه، ليُضيف: "لست ضد الفكرة، ويمكن لزوجتي أن تذهب إلى المكان الذي تختاره مع صديقاتها، لأن خبرتي معها جعلتني أثق بها بشدة". يتوقف ماهر عند مسألة الخوف ليُعرب: "لا أخاف على زوجتي مهما اعترضتها الصعاب، فسنوات العِشْرة بيننا، أظهرت لي مدى إتقانها التعامل مع المشكلات".
شكوك:
أحمد الشرقاوي (مندوب تسويق، متزوج منذ 6 أعوام ولديه ولد وحيد)، هو أيضاً ينظر إلى الموضوع بقبول كبير، لأنّه ما إن سمع سؤالنا حتى ردّ بسرعة قائلاً: "لا مانع عندي أن تسافر زوجتي مع صديقاتها، فهي امرأة مسؤولة وقديرة، ويمكنها أن تعتمد على نفسها بشكل كبير. يعني أنها إذا اضطرت إلى التعامل مع أمر من الأمور، لن تحتاج إليّ، ستقوم باللازم على أكمل وجه".
وينتقل أحمد ليتحدث عن وجهة السفر التي يوافق عليها، فيلاحظ: "زوجتي وصديقاتها هنّ اللواتي يقررن ذلك، والجهة التي سيُسافرن إليها. بالتالي، أنا لا أتوقف عند صديقاتها، مادمتُ أعرفهنّ وأدرك حُسن العلاقة التي تربط زوجتي بهنّ".
أما عن الزوج الذي يرفض مثل هذا الطلب لزوجته، فيلفت أحمد جازماً بالقول: "بالتأكيد لدى هذا الزوج أسبابه، وهي ربما تنبع من شكوك لديه تجاه الرحلة بشكل عام، أو لكونه يخاف من تحمّل مسؤولية البيت والأولاد في غياب زوجته، أو لأسباب مادية بحتة. الله العليم بما يفكر كلّ إنسان على هذه الأرض".
حق:
على صعيد متصل، لا يفكر محمّد الأجهوري (إداري، متزوج منذ 17 عاماً ولديه ولدان) كثيراً في الموضوع، إنما يجيب ببساطة وعفوية: "من حق زوجتي أن تسافر للاستمتاع مع صديقاتها. وشرطي الوحيد أن أعرف المكان المقصود، ومَن ترافقها من الصديقات".
يشير محمّد، إلى أنّه "ضد أن يرفض زوج طلباً من هذا النوع لزوجته، إلا إذا كانت لديه ظروف قاهرة"، موضحاً: "شخصياً، قد أطلب من زوجتي تأجيل المشروع لفترة أو للوقت المناسب، ولكن يستحيل أن أرفض". ولأن محمّد يُدرك أن معظم النساء يملن إلى السفر إلى بلدان يتسوقن منها، يصرّح: "زوجتي أيضاً تحب أن تسافر وتتسوق مثل غيرها من النساء.
وقد تكون باريس والمتاحف التاريخية مغرية لها، ولكنني أعرف أنها ستختار في النهاية جزيرة وبحراً وشمساً، لتسترخي على رمل أحد الشواطئ مع كتابها المفضّل".
لا:
ما يستحيل على محمّد أن يرفضه لزوجته، يبدو من الأمور المرفوضة قطعاً، بالنسبة إلى سرمد إبراهيم (تاجر، متزوج منذ 24 عاماً ولديه 6 أولاد)، ذلك أنّه يعترف بأنّه "إذا كان الرجل مقتنعاً بسفر زوجته من دونه، فهذه هي قناعته وحريته الشخصية. أما أنا فلا أسمح لزوجتي بأن تسافر في رحلة مع صديقاتها، انطلاقاً مما تربّينا عليه من عادات وتقاليد، وما نشأنا عليه من طباع وأخلاق". لا ينكر سرمد أنّه قد يفكر قليلاً قبل أن يوافق: "لو أرادت زوجتي فلتذهب في رحلة مع صديقاتها داخل الدولة. أما السفر إلى الخارج، فهو أمر مرفوض تماماً". يتنفس بصوت مسموع.
وهو يضيف: "على قلبي أحَب من العسل، لو أرادت زوجتي أن تحج إلى الأراضي المقدسة مع صديقاتها، وغير ذلك فأعتذر لها". وعن الأسباب التي تجعل سرمد مصرّاً على موقفه هذا، يبوح: "الثقة موجودة بيني وبين زوجتي، كما أنني أدرك حُسن تعاملها مع كلّ ما قد يعترضها أثناء سفرها، ولكن التقاليد هي التي تحول دون تسليمي بالموضوع، وأجزم أن زوجتي أيضاً توافقني الرأي، لا بل أعرف أنها مقتنعة به أكثر مني".
حوادث:
في رأي مُتمايز عن الآخرين، يؤكد محمد صالح (محاسب، متزوج منذ سنة)، أنّه لا يوافق الآخرين في ما قالوه، سواء أكان من ناحية موافقتهم لزوجاتهم على السفر مع صديقاتهنّ، أم من ناحية التقاليد والعادات، والثقة وعدم الخوف على الزوجة، وإلى ما هنالك. إذن، يبدو أن لدى محمّد رأياً آخر يُجاهر به حين يقر قائلاً: "لا أترك زوجتي تسافر لوحدها من دوني، خوفاً عليها من مفاجآت السفر، أو من أحداث مباغته لا تستطيع التعامل معها بشكل صحيح". الخوف على الزوجة هو ما يرتكز عليه محمّد ليُتابع كلامه قائلاً: "لا يرتبط رفضي بالمكان أو بالصديقات، فهي داخل البلد حرّة في الذهاب إلى حيث تشاء، ومع مَن تشاء من صديقاتها، ولكنني كما أوضحت، أخشى من مفاجآت لم يُحسب لها حساب، مثل تعرضها لحالة سرقة أو نَشْل، أو فقدانها أياً من أغراضها الشخصية، أو تعرضها لحادث سير، أو لحوادث أخرى كثيرة. لا أحد منّا يرغب في وجع الرأس". وإذ يأبَى محمّد التعليق على الزوج الذي يوافق لزوجته على أن تسافر في إجازة مع صديقاتها، يختصر ملاحظاً: "لكل امرئ رأيه وفكره، وأنا لا شأن لي مع أيٍّ من الناس لكونهم أحراراً في قراراتهم، مثلما أنا حُر في تفكيري وقراراتي".
أفعل ذلك أحياناً:
في المقابل، وبين أن يوافق الزوج وأن لا يُوافق، ما هو رأي المرأة في موضوع يخصّها هي أكثر من غيرها؟
للوقوف عند آراء السيدات في الموضوع، كان لابدّ من محطة معهنّ، والبداية كانت مع بيرت ريكستن (نرويجية متزوجة منذ 26 عاماً ولديها 3 أولاد)، التي تعلّق بالقول: "قد تختلف تقاليدنا عن التقاليد العربية، التي تمانع من سفر الزوجة من دون زوجها. لذا، لا يمكنني التفكير في أن زوجي قد يمنعني من السفر في إجازة مع صديقاتي، خصوصاً، لو كنت في حاجة إليها، وفي العادة نختار منتجعاً للاسترخاء على شاطئ البحر أو أماكن أثرية نكتشفها". إلا أنّ هذا الإقرار لا يمنع بيرت من توضيح: "لا أحب شخصياً أن أذهب في إجازة من دون عائلتي، وإنْ كان الأمر مسموحاً لي أو عادياً، إلا أنني لا أنكر قيامي بذلك أحياناً، لعدم تَوافُق وقت إجازتي مع وقت إجازة زوجي بسبب عملنا".
أسبوع كلّ عام:
وبالعودة إلى عالمنا العربي، تُقاطع سالي أبوحمد (موظفة مصرف، متزوجة منذ 6 أعوام ولديها طفلة وحيدة) كلام الأجنبية لتُصرّح قائلة: "أنا عربية وزوجي عربي، ومتفقان على أن يقوم كلّ منّا بإجازة منفردة مع مَن يرغب، لمدة أسبوع في كلّ عام". لم تتوقف سالي، بل أكملت لتقول: "اعتدت منذ سنوات أن أذهب مع صديقاتي وهنّ متزوجات مثلي، في رحلة للاستجمام في بلد نختاره بالإجماع". تضيف: "إنّه اختبار رائع، وفسحة لي ولزوجي نُجدّد من خلالها مشاعرنا وشوقنا إلى بعضنا بعضاً".
البحر:
في مكان آخر، لو تَسنّى لرجاء عبدو السفر في إجازة مع صديقاتها، لاختارت على حد قولها: "البحر للاسترخاء والاستجمام تحت أشعة الشمس الجميلة". ولكن هَيْهات أن تقوم رجاء بذلك، فهي تؤكد: "زوجي لا يسمح لي بفعل ذلك، ولا أنا أسأله أمراً مماثلاً، لأنني في قرارة نفسي غير مقتنعة به". ولكي لا تظلم السيدات اللاتي يرغبن في مثل هذه الإجازات، تقول: "المرأة التي تحب الإجازات مع الصديقات، من حقها الحصول على موافقة زوجها، استناداً إلى الثقة التي يجتمعان عليها".
مع العائلة:
أما شيماء قحطان (متزوجة منذ 6 أعوام، ولديها ولد وحيد)، فتقول: "إذا كنت أرفض الفكرة من الأساس، فكيف أقنع زوجي بها؟". تعليق يلفت إلى رأي شيماء الواضح، حيث تُعلن متابعة: "هذه خطيئة كبرى، وتقاليدنا وعاداتنا تؤكد ذلك. ثمّ إنّ الإجازة هي للاستمتاع مع العائلة وجميع أفرادها. لذلك، أجدني حصينة تجاه أية مغريات قد تُقدّم لي في هذا الإطار". تختم بصوت جاد: "بصراحة، لا ألوم امرأة تسافر مع صديقاتها لقضاء إجازتها، وأحترم قرارها وتفكيرها".
عائلية وليست فردية:
يُعلّق الطبيب النفسي الدكتور سامح طالب، على موضوع السماح للزوجة بقضاء إجازتها مع صديقاتها من دون العائلة فيقول: "إنّ إحساس الزوجة بالمسؤولية، يجعلها غير مقتنعة بالإقدام على خطوة من هذا النوع، ولكن إذا كان لديها الاستعداد هذا وطلبت من زوجها، فردّه الطبيعي في اعتقادي سيكون الرفض". ورفض الزوج طلب الزوجة، لا يعود في رأي د. طالب "إلى كونه لا يثق بزوجته، ولكن لكونه غير مستعد لتحمّل مسؤولية البيت والأولاد، وما إلى ذلك من تنظيم وتدبير. من دون أن ننسى أن بعض الرجال، يتعامل مع الموضوع بأسلوب نفسي محض، وقد تأكله الغيرة وتمنعه من فكرة السماح للزوجة بإجازة من دونه". وفي الإطار النفسي عينه، يلفت د. طالب إلى "أن وضع المرأة النفسي يختلف من حالة إلى أخرى، فإذا كانت ترغب بشدة في الذهاب في إجازة مع صديقاتها، ستُصدم برفض زوجها وتكتئب وتحوّل البيت إلى مَرْتَع للقلق والعصبية، وسيشعر بالأمر أولادها وزوجها، الأمر الذي يجعل الأخير يوافق مُرغماً، لكي يتحاشى مثل هذه الأجواء الملبّدة بالزعل. أما إذا كانت الزوجة تريد أن تختبر زوجها في ما إذا كان يوافق لها على الإجازة أو العكس، فهنا يجب الانتباه إلى أنها ستتوقف عند أسلوبه في التعامل مع المسألة. فإذا وافق لها على مضض وأفهمها أنّه لا يحتمل غيابها ولو لأيام، سوف تَسْعَد وترتاح نفسياً. ولكن إذا أبدى موافقته السريعة من دون إظهار أي اهتمام لها، فإن ذلك سوف يُحبطها بشدة".
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق