• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الإسلام وتقديم الصورة الأحسن

الإسلام وتقديم الصورة الأحسن

◄قال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل/ 125). المتأمّل في آيات الله يرى أنّ القرآن الكريم لم يكتفِ من المسلم بتقديم الصورة الحُسْنى في أدائه وسلوكه وتصرّفاته وأخلاقه، بل أكّد على ضرورة تقديم الأحسن والأفضل دائماً، سيّما في حالات التعامل والتواصل مع الآخرين ليكون بذلك قدوةً لغيره من جهة، وليبقى المسلم في حالة تهذيب وتطوير وتَرَقٍّ مع نفسه، وقد أكّدت الكثير من الآيات على أنّ الله تعالى قدّم للإنسان الأحسن في كلّ ما أفاضه عليه.

 

الأحسن صفة القرآن الكريم:

يقدّم الله تعالى القرآن الكريم على أنّه أفضل السبل إلى الله وأحسنها والسبيل الأقوم لهداية الخلق إلى التوحيد والعبادة.

قال تعالى: (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) (البقرة/ 138).

قال تعالى: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ) (يوسف/ 3).

قال تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) (الزّمر/ 23).

قال تعالى: (وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرً) (الفرقان/ 33).

 

الأحسن في أفعال الله:

ويصف الله تعالى أفعاله في الخلق والتدبير والجزاء بأنها أحسن الأفعال لتشكّل حافزاً للإنسان لتقديم الفعل الأحسن في حياته.

1-  خلقة الإنسان: قال تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (التين/ 4).

قال تعالى: (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (المؤمنون/ 14).

2-     خلقه لبقية الكائنات: قال تعالى: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإنْسَانِ مِنْ طِينٍ) (السجدة/ 7).

3-     الجزاء الإلهي يوم القيامة: قال تعالى: (وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (التوبة/ 121).

قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل/ 97).

 

دعوة الإنسان إلى أداء الأحسن:

ويحثّ الله تعالى الإنسان على تقديم الأحسن في ساحة الموت والحياة التي جعلها الله محلّاً لابتلاءاته، فالمسلم إذا ما ابتلاه ربّه سعى ليقدّم أحسن ما عنده.

قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ) (هود/ 7).

قال تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا) (الكهف/ 7).

قال تعالى: (أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا) (الفرقان/ 24).

 

علاقة الإنسان بالآخر:

ومن أبرز مصاديق تقديم الفعل الأحسن هو العلاقة بالآخر بحيث يشكّل هذا الفعل قدوة للآخرين ونقطة جذب إلى الدين الحنيف، ومن المهم هنا لَفْتُ النظر إلى ضرورة مراعاة الأحسن في كافة أبعاد الصورة المقدّمة.

قال تعالى: (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (العنكبوت/ 46).

قال تعالى: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ) (المؤمنون/ 96).

قال تعالى: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصّلت/ 34).

قال تعالى: (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) (الزّمر/ 55).

قال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (فصّلت/ 33).

قال تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ) (الأحقاف/ 16).

 

تفاوت الأحسن بتفاوت الأشخاص:

الفعل الأحسن ليس واحداً من كافّة شرائح المجتمع، بل يختلف من شريحةٍ إلى أخرى بحسب المهمّة التي يؤدّيها أو المنصب الذي يشغله، أو بكلمةٍ أصحّ فإنّ كلّ ما يأتي على الإنسان من صفات ونعوت ومناصب غيرها إنما تشكّل ابتلاءات للإنسان ليرى الله تعالى ليس أداءه الحسن فحسب بل فعله الأحسن الذي يجزيه الله تعالى في الآخرة بأحسن منه.

العدل حسن، ولكن في الأمراء أحسن، السخاء حسن، ولكن في الأغنياء أحسن، الورع حسن، ولكن في العلماء أحسن، الصبر حسن، ولكن في الفقراء أحسن، التوبة حسن، ولكن في الشباب أحسن، الحياء حسن، ولكن في النساء أحسن.►

ارسال التعليق

Top