• ٥ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٣ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الشباب.. سمو في الشخصية

د. محمد رضا

الشباب.. سمو في الشخصية

◄قال رسول الله (ص):

"مَن أكرم امرأً مسلماً فإنما يُكرِمُ الله تعالى".

"تنبع عظمة الإنسان من بركة روحه التي تعد نفحة إلهية ونبراساً ربانياً يعكس عليه الضياء السماوي، وهي على أهبة الاستعداد لاكتساب وجهة عالمية تضاهي العالم بأسره في نهاية المطاف". (فرانسيس باكون Francis Bacon).

تعد شخصية كلّ فرد أحب الظواهر المرغوبة لديه. وتثير غريزة حب الذات التي استودعتها الحكمة الإلهية في وجود الإنسان، بني البشر لصيانة أنفسهم من المخاطر والشدائد والحفاظ بذلك على استمرار حياتهم. إنّ مثل هذه الغريزة تدفع الإنسان إلى الدفاع عن وجوده وشخصيته ومجابهة كلّ ما يهدد هذه الشخصية. وبهذا يكون من الطبيعي أن لا يسمح لأحد بالتغلغل في حيز شخصيته. ويعتبر "تحقير شخصيته" من قبل الآخرين يسدد ضربة موجعة لأحب أبعاد وجوده مما يثير أكبر مقاومة لديه.

بينما ينجم عن احترام الشخصية ازدياد شعور الفرد بشأنه ومكانته وتغيّر وجهته إزاء عالمه الباطني والعالم الخارجي معاً. كما تنتج عنه الأمور التالية:

1- يبعث على ثقة الشباب بالمحيطين بهم ويخلق جواً من التفاهم بين أبناء الجيلين (الراشدين والشباب).

2- إنّ هذا الأسلوب منبثق عن سيرة الرسول (ص) ونهج الأتقياء الذين سعوا دوماً إلى تقدير الشباب حقّ قدرهم ومنحهم مكانة لائقة بهم.

3- إنّ تقدير جيل الشباب يؤدي إلى تنزههم وابتعادهم عن الآثام، فمن يشعر بالعظمة وعلو الشأن يأبى تلويث وجوده بالآثام، حيث قال الإمام عليّ (ع) في هذا الخصوص: "مَن كرمت عليه نفسه، هانت عليه شهواته"، بل يؤلب أفعاله ضدها مما يطهر المجتمع منها. وبالعكس يوفر تحقير الشباب أرضية "الإقبال نحو الآثام" لديهم ويتركهم عرضة لعواصف الياس والحيرة في المجتمع المعاصر المعقد.

4- احترام وتحسين شخصية الشباب، يبث الحركة في مواهبه المهملة والكامنة لتعقد أواصرها مع قدراته الجلية الواضحة للعيان فتتكوّن من ثم قوة قاهرة لها القدرة على تحقيق الأهداف المهمة والقيمة للمجتمع.

5- الشباب وفي سياق المساهمة في المجتمع المدني بحاجة إلى شخصية تتمتع بالاحترام من لدن أنفسهم أوّلاً، ومن قبل المجتمع ثانياً. إنّ "احترام الذات" يبعث على بلورة المصداقية الذاتية والوجاهة الاجتماعية.

 

الأساليب والطرق:

1- تقبُّل شخصية الشباب كما هي يمكننا من مد جسور الارتباط القائمة على دعائم التفاهم معهم، ويضمن كذلك استمرار هذه العلاقات الحميمة.

2- عند محاورة الشباب علينا أن نبدأ الحديث بما يرغب الشباب في التحدث عنه لأنّ هذا السلوك يغرس بذور الثقة العالية في نفوس الشباب ويعتبر انطلاقة طيبة في العلاقات المتبادلة معهم.

3- إنّ تطلع الشباب إلى العالم الخارج عن وجودهم بأي منظار كان يثري تجاربهم ويوسع نطاقها ويسهل مهمة تقدمهم الاجتماعي، لأنّ انحصار العلاقات الإنسانية يقف دون تطور الفرد اجتماعياً. وبمقدورنا تشجيع الشباب نحو توسيع حيز علاقاتهم الإنسانية المنشودة بغية اكتساب تجارب أكثر شمولاً في خضم الحياة.

4- من الممكن إيجاد مركز القوة في مضمار الشعور بالجدارة في أعماق الشباب وليس خارج نطاق نفوسهم، ليعود الشباب إلى شعوره الذاتي أكثر من تأثره بآراء الآخرين عند شعوره بالحاجة إلى تقييم جدارته وكفاءاته.

5- من أهداف تربية الشباب، خلق منظومة موحدة من القيم في نفوسهم ليتسلح الفرد بمقاييس وضوابط تؤهله لتمييز القيم من القضايا التي تخالفها، ومقارنتهما مع بعضهما بالعودة إلى قوة تحكيم سليمة. وبغية تحقيق هذا الهدف ينبغي انعقاد اجتماعات تبادل الآراء لتنمية القوى العقلانية وإيجاد القدرة على المقارنة والتحكيم لدى الشباب تمهيداً لاجتياز سلّم التسامي ووصولاً إلى أعلى مراحل التفكير والقدرة على مقارنة الأمور مع بعضها والتحكيم بشأنها.

6- عند مناقشة الشباب يجب أن نستهدف تنمية الانتقاد الفكري بدلاً من ترسيخ طابع "الانقياد الذهني" لديهم وتوفير الأرضية التي تمكنهم – عن طريق مناقشة نظام القيم، الاعتبارات والمنبوذات الأخلاقية – من إدراك وتفهم هذه القضايا بشكل أوضح والتمييز بين الانتقاد البنّاء والانقياد الهدّام وانتقاء أساليب مناسبة للحوار. وستكون ثمرة إتخاذ مثل هذه الخطى على درب سمو شخصية الشباب، تبلور هذه الشخصية وتكاملها.►

 

المصدر: كتاب الشباب والقوّة الرابعة للحياة

تعليقات

  • 2020-12-15

    aouji mahfoudh

    احسنتم انا اقول ان الانسان الناجح لا يعتبر كذلك الا اذا انجح عدد من الشباب في مجاله لكن بأطول مسافة مما فعل واتقن عمل مما فعل وصارت أكثر انتشارا.

ارسال التعليق

Top