• ٢٤ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٢ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

صونوا أولادكم بتربية قلوبهم

صونوا أولادكم بتربية قلوبهم

لا شك في أنّ الآباء والأُمّهات جميعهم على السواء راغبون في تربية أولادهم وتهذيب سلوكهم، بيد أنّ كثيراً منهم يضل طريق التربية والتهذيب، فبرغم توافر النية الطيبة لكنّهم لا يمتلكون مهارة الخطاب والحوار، ولا يعرفون من أين يبدؤون؟

ويرى التربويون – عند تربية الأولاد وتهذيبهم – ضرورة البدء بتربية قلوب الأبناء والبنات، فتلك هي البداية الصحيحة، وعماد الإصلاح، ولذلك أشار الرسول الكريم (ص) إلى أهمية صلاح القلب فقال: "إنّ في هذا الجسد مضغة لو صلحت لصلح سائر الجسد"، ويرى ابن القيم أنّ القلب في الجوارح كالملك في الجنود، يأمر فيطاع، فإن أمر بخير فعلت الجوارح خيراً، وإن أمر بشر فعلت شراً.

ويشير ابن القيم أيضاً إلى أمرين يفسدان القلب: الغفلة عن ذكر الله، وكثرة الذنوب، لذا ينبغي للآباء التنبه لهذا الأمر، بأن يكون حال البيت المسلم ذِكْراً دائماً متواصلاً، ووقاية من الذنوب والمعاصي، حتى يتمكنوا من تطهير القلوب، فتتسع لنور الله وتمتلئ إيماناً.. يقول أحد الصالحين: "ما قست القلوب إلّا لكثرة الذنوب، وما جفت الدموع إلّا لقسوة القلوب".

إنّ كثيراً من الأولاد تهزّ قلوبهم أغنية يسمعها، وتزيد ضربات قلوبهم لانهزام الفريق الرياضي الذي يشجعونه، بل يموتون بسكتة قلبية فرحاً لفوز فريق، أو حزناً على هزيمته، وقد يتمزق قلب ولده لأنّ البنت التي مال إليها قررت أن تتركه، وقد يحدث الأمر ذاته للبنت إن قرر الولد أن يتركها ويعبث بمشاعر غيرها!!

فليبدأ الآباء والأمّهات بتربية قلوب أبنائهم وبناتهم؛ بحيث تصير قلوباً تهزها آية من كتاب الله، أو هدي لرسول الله، فلنطهر قلوب أولادنا مما ران عليها، ولننقّها من الغفلة والمعاصي، ولنربها على التوبة النصوح، لنملأ قلوبهم ببرد اليقين، ونور الإيمان، ولنحيها ونعمرها وننيرها بحبّ الله ورسوله.

إنّ البدء بتربية قلوب الأبناء والبنات بداية تربوية وإصلاحية سديدة، أما أن نشبع أولادنا تقريعاً وتوبيخاً وعقاباً ونسرف في ذلك؛ فهذا لن يزيدهم إلّا عناداً ونفوراً.

 

-  صونوا أولادكم بتبصيرهم بالصداقة:

يقول ربّ العزة: (الأخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ) (الزخرف/ 67).

فلنبصر أولادنا بحقيقة الصداقة، ومعايير اختيار الصديق، وإيجابيات صحبة الخير، وسلبيات صحبة السوء، قال تعالى: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) (الكهف/ 28).

فلنربِّ أولادنا على أن يحبوا لله، وأن يكرهوا لله، وليكن الله سبحانه وتعالى أحب إليهم مما سواه، قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) (البقرة/ 165)، ويقول النبيّ (ص): "لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما"، ويقول ابن القيم (رحمه الله): "مَن أحب شيئاً غير الله عذب به"، والمعنى هنا: مَن أحب شيئاً أكثر من حبّه لله تعالى.

 

الكاتب: أ. د. سمير يونس

ارسال التعليق

Top