عندما يتعلق الأمر ببناء العضلات وخسارة الوزن، فإنّ البروتين يتردد على مسامعنا وكأنّه العنصر الغذائي الوحيد الموجود بالحياة. هذا إن دل على شيء، فإنّما يدل على فائدة البروتين الكبيرة ليس فقط للهدفين المذكورين، وإنّما لعدة أهداف أخرى سنتعرف عليها من خلال أسطر هذا التقرير. فما هو البروتين بالضبط؟ وما أهميته؟ وكم غراماّ نحتاج إليه يومياً؟
أهمية البروتين لا تقتصر على بناء العضلات فقط
يُعد البروتين واحداً من 3 عناصر أساسية - إضافةً إلى الكربوهيدرات والدهون - لأجسادنا تُسمى بـ"المُغذيات الكبرى الثلاث" Macronutrients، وعادةً ما ترتبط سيرته بالبناء العضلي وإصلاح الخلايا التالفة.
من الناحية العلمية؛ فالبروتين عبارة عن مركب كيميائي مُعقد، يتكون من وحدات بناء أصغر حجمًا تُسمى "الأحماض الأمينية"، وهذه الأحماض بدورها ليست سوى مركبات عضوية تتكون من النيتروجين والكربون والأكسجين والهيدروجين، إضافة إلى سلسلة جانبية "Side chain" تتغير من حمض أميني لآخر.
وبشكل أساسي، تحتاج أجسادنا إلى 20 نوعاً من الأحماض الأمينية مُقسّمة ما بين الأحماض الأمينية الأساسية والأحماض الأمينية غير الأساسية. (المزيد عنهما في فقرة البروتين الحيواني والنباتي).
وتلعب البروتينات أدواراً محورية في أجسادنا؛ فالأجسام المضادة Antibodies - التي تحمينا من البكتيريا والفيروسات - ومعظم الإنزيمات - المسؤولة عن آلاف التفاعلات الكيميائية في أجسادنا - وبعض أنواع الهرمونات - مثل هرمون النمو GH - ليست سوى بروتين بالأساس، ولولاها جميعاً لما كنا لنعيش يوماً آخر.
كم غراما نحتاج من البروتين؟
تتفق دراسات كثيرة على أن النسبة اليومية المطلوبة من البروتين هي 0.8-0.9 غرام لكل كيلوغرام واحد من وزننا، مما يعني - تقريبًا - أننا لا يجب أن نُخصص أقل من 10% من سعراتنا الحرارية للبروتين. فعلى سبيل المثال، إذا كنت تتناول 2000 سعرة حرارية باليوم، فإن نسبتك من البروتين يجب ألا تقل عن الـ 50 غراماً.
ملحوظة: كل غرام من البروتين به 4 سعرات حرارية؛ أي إنك في المثال السابق ستحتاج إلى ما لا يقل عن 200 سعرة حرارية بروتينية المصدر في اليوم الواحد.
ولكن، يجب أن تعلم أن ضمور العضلات - نقص الكتلة العضلية - يبدأ عادةً ما بين سن 40-50 عامًا، وهذا يعني أن احتياجك من البروتين سيزيد بمجرد وصولك إلى تلك المرحلة، كم ستحتاج حينها من البروتين؟ حوالي 1.2 غرام/ كيلوغرام من وزنك، وهذا بحسب دراسة منشورة في دورية "Nutrients"؛ فهذه النسبة - حسب الدراسة - قد تقيك من ضمور العضلات وتحافظ على صحة العضلات والعظام لديك.
الشيء نفسه تقريباً ينطبق على الرياضيين الذين يتمرنون بشكل مُنتظم بغية زيادة الكتلة العضلية، أو حتى الحفاظ عليها، بل في الواقع يحتاج هؤلاء من 1.2 إلى 1.5 غرام من البروتين لكل كيلوغرام من وزنهم.
كيف أحصل على البروتين؟ وما الفرق بين البروتين الحيواني والنباتي؟
بعيداً عن المكملات الغذائية والبروتين الخام، سنتحدث عن الحصول على احتياجنا من البروتين من الأطعمة فقط، ولكن دعونا أولاً نُفرّق بين شيئين؛ أفضل الأطعمة الغنية بالبروتين وأفضل الأطعمة من حيث جودة البروتين بها، فجودة البروتين تتفاوت من مصدرٍ لآخر ولكي نحكم على جودتها، علينا أن ننظر جيدًا إلى الأحماض الأمينية التي تكونها.
ذكرنا في فقرة التعريف بالبروتين أن هناك نوعين أساسيين من الأحماض الأمينية، هُما الأحماض الأمينية الأساسية Essential Amino Acids "وهي الأحماض التي لا تستطيع أجسادنا أن تكونها ولهذا يجب الحصول عليها من مصدر خارجي"، والأحماض الأمينية غير الأساسية Non-essential Amino Acids، تُصنّعها أجسادنا من تلقاء نفسها ولا تحتاج إلى الحصول عليها من مصدرٍ خارجي".
أما الأحماض الأمينية الأساسية فعددها 9، وبالنسبة لغير الأساسية فعددها 11، ما يعطينا في النهاية ما مجموعه 20 حمض أميني مثلما ذكرنا أيضًا في نفس الفقرة.
بالنسبة لمصادر الغذاء الغنية بالبروتين، فكثيرة جداً ومتنوعة ما بين الحيوانية والنباتية؛ فهناك اللحوم والأسماك والدجاج والألبان والبيض وما إلى ذلك من المنتجات الحيوانية، وهناك البقوليات "مثل العدس والفاصوليا والحمص والفول السوداني" والمكسرات والكينوا وغيرها من المصادر النباتية الأخرى، وهنا يطرح سؤالٌ نفسه: ما الفرق؟
الفرق بين البروتين الحيواني والنباتي
يكمن الفرق الأكبر بين البروتين الحيواني والنباتي في أن المصادر الحيوانية المعروفة تحتوي على الأحماض الأمينية الأساسية، ما يجعلها أكثر جودة وفائدة لأجسادنا.
على الجانب الآخر يعيب الكثير من مصادر البروتين النباتية أنها غير مكتملة الأحماض الأمينية؛ فالفاصوليا والعدس والمُكسرات والحبوب الكاملة عادةً ما ينقصها حمض أميني أساسي واحد على الأقل، ما يجبر النباتيين أو أي شخص يريد الاعتماد على المصادر النباتية كمصدرٍ للبروتين، أن ينوعوا فيها بشكل كبير حتى يحصلوا على الفائدة الكاملة من البروتين.
لهذا السبب إن كنت تريد الحصول على حصتك اليومية من البروتين وتضمن الاستفادة الكاملة منها، فعليك بالمصادر الحيوانية، مثل صدور الدجاج التي تحتوي على 13.5 غرام من البروتين لكل 52 غراماً منها "بشرط أن تكون مطبوخة ومنزوعة الجلد بالطبع".
وقبل أن ننتقل إلى فقرتنا الأخيرة - والمهمة جداً -، دعونا نتحدث بشكل عملي عن طريقة الحصول على ما يزيد عن الـ 100 غرام من البروتين من خلال وجبات يوم كامل، صحية، ومتنوعة بين المصادر الحيوانية والنباتية:
وجبة الإفطار:
- بيضتان مسلوقتان "حوالي 12 غراما من البروتين".
- نصف كوب من الزبادي اليوناني "حوالي 10 غرامات من البروتين".
- كوب من عصير التوت البري "حوالي 4 غرام من البروتين".
وجبة الغداء:
- 100 غرام من صدور الدجاج "حوالي 26 غرام من البروتين".
- 170 غرام من الأرز البني "حوالي 4 غرام من البروتين".
- نصف كوب من الخضراوات المطبوخة "حوالي 2 غرام من البروتين".
وجبة العشاء:
- عُلبة تونة 140 غرامًا "حوالي 26 غراماً من البروتين".
- نصف كوب من العدس "حوالي 9 غرامات من البروتين".
- 30 غرام من المكسرات "حوالي 6 غرامات بروتين".
ملحوظة: إن كنت تريد أن تسير على نظام غذائي، فلا تسر على هذا الجدول دون أن ترجع إلى الطبيب، فعلى الرغم من أن هذا نظام صحي، فإنَّ حالتك قد تستدعي بعض التعديلات.
ماذا سيحدث إن تناولت أكثر من احتياجك من البروتين؟
تعتمد أنظمةٌ غذائية على البروتين بشكل مبالغ فيه للدرجة التي تُجبر البعض على تناول 200-400 غرام من البروتين في اليوم الواحد فقط، وهذا أكثر من الحد الموُصَّى به بأضعاف! فصحيحٌ أن هذا العنصر الغذائي هو الأفضل من حيث قلة السعرات الحرارية والحفاظ على الحجم العضلي، ولكنه مثل أي شيء آخر؛ إذا زاد عن حده تحولت فوائده إلى أضرار.
يكفي أن أخبرك أن الاعتماد على البروتين بشكل مُفرط قد يؤدي إلى إجهاد الكُلى والكبد، فضلاً على فقدان كميات كبيرة من الكالسيوم، ما قد يزيد من فرص الإصابة بهشاشة العظام، وهذا هو العكس تمامًا مما يُفترض بالبروتين أن يفعله، أليس كذلك؟
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق