◄حين يجذبك إنسان وتقول عنه إنّه جميل، فرأيك هو مسألة فعلاً خاصّة. فالجمال مسألة ذوق خاص، وإن كان هناك ذوق جماعي. فما يراه شعب ما على أنّه جميل، قد لا يراه شعب آخر جميلاً. كذلك فإنّ الذوق الفردي في الجمال، واعتبار شكل ما مثيراً يختلف باختلاف الأفراد. فنحن كأفراد نختلف عن بعضنا البعض في تكويننا الحسي والوجداني.
لو بحثنا في الأمر من الناحية التاريخية، سنجد مفاهيم مختلفة للجاذبية. ففي فترة من التاريخ، كان هناك تقدير عالٍ للخصر النحيل، بشكل مبالغ فيه، وكان الخصر الضيق رمز الإثارة والجمال، وهذا الذي جعل موضة "الكورسيه" تظهر في أوروبا. أما في أفريقيا، فإنّ حجم الثدي له تقديراته الجمالية العالية، التي تختلف عن مفهوم الإثارة من حجم الثدي في أوروبا في القرن 16، حيث كان يفضل أن يكون مسطحاً.
عموماً، مفهوم الشكل المثير، والقائم على تناسق الوجه، من النقاط الأساسية التي أثبت العلم صحّتها في مسألة تقديرنا للجمال، أياً كان انتماؤنا الجغرافي. لكن آخر الدراسات تقول إنّه عندما يجد البعض أنّ شخصاً ما جذاب، فإنّ سبب ذلك هو أنّ تناسق تقاطيع هذا الشخص يشبه تناسق تقاطيع وجوه الأشخاص الذين أعجبوا به. ومن دراسة المشاهير والنجوم الذين يعيشون علاقة عاطفية طويلة، وجد أنّ ملامحهم متقاربة. هل هي الألفة؟ هل هو دافع غريزي؟ إنّها مسألة مثيرة للجدل.
ولكن، وجد أنّ الأغلبية من الناس تنجذب إلى مَن هم في المستوى نفسه من الجمال.
وهناك وجهة نظر علمية خضعت لتجارب، بخصوص الجمال والذوق العام، حيث ترى وجهة النظر هذه، أنّ الوجه الجذاب يجعل الإنسان يحدق فيه طويلاً، مهما كان الجنس والعمر. ومن الطريف أنّه وضعت صور لأُناس أقل جاذبية وإلى جانبها صور وجوه جذابة، أمام مجموعة من الأطفال، فوجد أنّ الأطفال يحدّقون أكثر في الوجوه الجذابة.
إنّ تناسق الشكل في الإنسان يلعب دوراً كبيراً في مسألة الانجذاب للجنس الآخر. ولكن الدور الأكبر هو في عالم الحيوان. والأمر هو حالة لا شعورية لأجل ضمان نسل جيِّد، لأنّ الدراسات أثبتت أنّه كلما كان الشكل متناسقاً، عكس ذلك غالباً جينات جيِّدة ذات أمراض قليلة.
إنّ الدراسات التتبعية في أوروبا وأميركا تثبت أنّ الرجل الذي عنده تقاطيع متناسقة هو أكثر قابلية لأن يمارس الجنس أكثر مع النساء، قياساً بالرجل الذي تقاطيعه أقل تناسقاً، كما أنّه يمارس الجنس في وقت مبكر.
ومن الطريف أنّ الدراسات الحديثة في أوروبا وجدت أنّ الرجل الخشن، صاحب العضلات والفك العريض، أي رمز الفحولة التامة، لم يعد يجذب النساء. فهن لا ينظرن إليه كشخص مثير، كما أنّه أقل إثارة للخيالات الجنسية، فقد أصبحت النساء ميالات إلى الوجه متساوي التقاطيع والرقيق إلى حد ما. لكن المرأة حين تفكر تفكيراً أُسرياً، تحلم برجل ليكون أباً لأولادها، وهنا تصبح أكثر انجذاباً لملامح الرجل غير الخشنة، أي الفئة التي نسميها "طيبة".
لكن، لماذا يقولون في مسألة الانجذاب إنّ "الطيور على أشكالها تقع"؟ لقد وجد أنّ الانجذاب بين المتشابهين يكون أكثر في مسألة تشابه الطباع، منها في تشابه الشكل، بمعنى أنّ مَن لديها عدم ثقة بنفسها تتزوج إنساناً ليس لديه ثقة بنفسه، والقوي يتزوج القوية وينجذب إليها.
إلّا أنّه في حالات أخرى تكون المسألة مسألة تعويض، فيقوم الإنسان بالارتباط بمن هو أفضل منه. أو تكون المسألة مسألة تباهٍ، فترتبط المرأة بمن هو أكثر تميزاً منها.
وهكذا، فإنّ الانجذاب الجنسي قد لا يكون له معيار ثابت عند كلّ البشر.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق