نواجه يومياً العديد من التحديات، التي تجعل من الصعب الوصول إلى أفضل شيء فيما يتعلق بالرعاية الذاتية. ينطبق ذلك على تحديات العمل أو طريقة تأمين حياة جيدة أو الإرهاق نتيجة المسؤوليات المختلفة، أو العلاقات المرهقة.
في النهاية تؤثر جميع هذه العوامل على طريقة حياتنا، وتجعلنا نعاني من أجل الوصول إلى تقدير الذات بما تستحقه. الأمر الصعب هو أنّ هذه التحديات تجعل التركيز على التقدير الذاتي شيئاً صعباً من الأساس، نظراً لأننا نبدأ في توجيه مجهوداتنا إلى التعامل مع المواقف المختلفة في محاولة حلها، حتى إذا كانت تسبب لنا ضرراً، والأسلم هو الابتعاد عنها.
يجعلنا هذا غير قادرين على جعل تقدير الذات في مقدمة الأولويات في حياتنا، بل ربما يظن البعض أنّ هذا الأمر ليس متاحًا من الأساس في الواقع. لكن الحقيقة أنّ تقدير الذات والتركيز على الرعاية الذاتية جزء أساسي من حياتنا، ولا بد من الاهتمام بها تحت أي ظرف.
بالطبع لا يعني هذا أنّ جميع الحلول تناسب جميع الأفراد، إذ تختلف التحديات والعوائق التي يقابلها كلّ فرد في حياته، بالتالي لا يتناسب النهج ذاته مع الجميع. لكن الجيد في نصائح تقدير الذات، هي أنّها تساهم في تغيير نظرتنا لهذا الأمر، وتخبرنا كيف أنّ تقدير ذاتنا يستحق أن يصبح أولوية في حياتنا، وفقًا للنهج الذي يناسب كل شخص منا، حتى إذا كان ذلك لا يناسب الآخرين.
1- تعريف الرعاية الذاتية وأثرها على تقدير الذات
يظن البعض بالخطأ أنّ الرعاية الذاتية هي محاولات الاسترخاء التي نحصل عليها من الأماكن المخصصة لذلك. لكن في الواقع، يمكننا تعريف الرعاية الذاتية بشكل أكثر شمولية، وفقاً لموقع PsychCentral:
«أي نشاط نقوم به عمداً، من أجل رعاية صحتنا العقلية والعاطفية والجسدية»، وهو ما يقودنا إلى تقدير الذات.
بالطبع يختلف مفهوم الرعاية الذاتية من شخص لآخر. أو للدقة، يختلف النشاط الذي يقوم به كلّ شخص، ولا عجب في ذلك، فربما تبدو طريقة الاهتمام بأجسادنا متشابهة، لكن لا ينطبق ذلك أبداً على الصحة العقلية والعاطفية، إذ لكلٍ منا تفضيلاته واختياراته، وبالتالي لا يوجد نشاط يناسب الجميع بالتبعية.
لذا، في إطار هذا التعريف، أنت بحاجة إلى فهم الرعاية الذاتية، والتفكير في الممارسات التي تناسبك بعد ذلك، التي ترى أنّها تحقق تقدير الذات بالشكل المناسب. أياً يكن تعريفك للرعاية الذاتية، فهي ليست بالضرورة شيئاً معقداً ويحتاج إلى وقت طويل لممارسته أو تحمل تكلفة باهظة، بل ربما الاختيار المناسب هو شيء بسيط جداً.
2- تحديد الأسباب من عدم جعل تقدير الذات أولوية في حياتك
يبدأ حل أي مشكلة من خلال قدرتك على تعريفها بطريقة صحيحة. إذا أمكنك الوصول إلى الأسباب، سيكون من السهل معرفة العلاج. حتى يمكنك فعل ذلك، أنت بحاجة إلى الإجابة على الأسئلة التالية: ما الأشياء التي تمنعك من جعل تقدير الذات أولوية في حياتك؟ ما الذي يؤدي إلى شعورك أنّك لا تملك الوقت الكافي للعانية بذاتك والتركيز على الرعاية الذاتية؟
عندما تحصل على إجابات هذه الأسئلة، سيكون من السهل عليك التفكير في الحلول المناسبة. إذ يمكنك تصميم العلاج لما تعاني منه. إذا كانت مشكلتك الأساسية مثلاً هي تحديات مع الصحة العقلية، ستجعل أولويتك هي مواجهة هذه التحديات.
من أهم الأشياء في التعرّف على الأسباب، محاولة معرفة إذا كان لديك التزام نحو الآخرين أكثر من اللازم أو لا، إذ يؤدي هذا دوراً كبيراً في تقدير الذات نتيجة اهتمامك بالآخرين أكثر من نفسك. إذا كان هذا هو الواقع، فأنت بحاجة إلى تعلم قول "لا" عند الضرورة، لا سيّما للأشياء التي تسبب لك مشكلة وضغطاً معيناً في حياتك.
3- تحديد ممارسات الرعاية الذاتية التي تخلق شعور تقدير الذات داخلك
كما ذكرنا في المقدمة، تختلف الرعاية الذاتية من شخص لآخر. بالتالي، أنت بحاجة إلى تعريف الممارسات المناسبة لك، التي تفضل القيام بها، وتشعر بأنّها تساعدك على الوصول إلى هذه المرحلة، ومن ثم شعورك بوجود تقدير الذات من داخلك. يمكنك التفكير في الأنشطة التي تمارسها في حياتك، ومحاولة معرفة ما هي الأشياء التي تحب قضاء الوقت في ممارستها؟ ومن هم الأشخاص الذين تستمع بقضاء وقتك معهم؟
كذلك محاولة معرفة ما الأشياء التي تساعدك في الشعور بالهدوء في أوقات التوتر أو الضغط؟ وما هي الأنشطة التي تمنحك السعادة والشعور بالطاقة والاسترخاء وتقدير الذات؟ عندما تنجح في الوصول إلى الإجابة على هذه الأسئلة، سيكون لديك قائمة بالأنشطة التي تعزز شعور تقدير الذات من داخلك، وبالتالي يمكنك الحرص على الالتزام بممارستها، وتضمينها كجزء من حياتك اليومية.
4- إنشاء روتين يومي للرعاية الذاتية يحقق تقدير الذات
ما الفائدة من هذه الممارسات إذا لم تجد طريقها إلى حياتك اليومية؟ ستظل موجودة وتعرف قيمتها، لكنّك في الواقع لا تحصل على هذه القيم أبداً. لذا، أنت بحاجة إلى إنشاء روتين يومي خاص بالرعاية الذاتية، تحرص على تنفيذه والاستمتاع به باستمرار، ويجعلك تشعر بتقدير الذات حقاً رغم أي صعوبات تمر بها.
خصّص قدراً من الوقت، من 10 إلى 30 دقيقة يومياً حسب جدولك، واحرص على تنفيذ هذه الممارسات، مع الاسترخاء ومحاولة الاستمتاع بالهدوء، بعيداً عن صخب الحياة اليومية، ومشاكلها وتحدياتها التي لا تنتهي. في الكثير من الأحيان أنت تحتاج إلى الراحة من كلّ هذه الضوضاء، حتى يمكنك الاستمرار في الطريق مرة أخرى.
5- تضمين الروتين اليومي كجزء من جدولك اليومي
في الواقع حتى مع تخصيص الوقت للرعاية الذاتية، ستظل أنشطة تقدير الذات لا تأخذ طريقها إلى حياتك، إلّا من خلال تضمينها كجزء من جدولك اليومي. ببساطة، يمكنك التفاعل معها كأي نشاط آخر تضعه في قائمة مهامك. مثلاً، عند كتابة المهام التي ترغب في تنفيذها، ضع قائمة بأنشطة الرعاية الذاتية كجزء منها، وتذكر هدفك منها دائماً من خلال جعلها سبباً في تحقق تقدير الذات.
كذلك قم بتحديد وقتها في جدول أعمالك، وعندما يأتي هذا الوقت، قم بتنفيذ هذه الممارسات. في الحقيقة لا شيء يساعدنا في القيام بأي نشاط، سوى من خلال الالتزام به كجزء من الخطة، وأن نضعه كأولوية لا فقط مجرد نشاط ثانوي نقوم به عندما نشعر بوجود الوقت، بل الصواب هو خلق هذا الوقت، والحرص على الالتزام به يومياً.
6- الفهم أنّ تقدير الذات ليس أنانية
يظن البعض أنّ تقدير الذات والاهتمام بها هو شيء أناني. فإذا قضيت وقتاً بمفردك بعيد عن الآخرين، أو ركزت على تحقيق الأفضل لنفسك، فهذا يعني تجاهلهم أو إبعادهم عنك أو وضعهم في ترتيب متأخر في حياتك. وهذا الوصف خاطئ جداً للأسف، ويجعلك تشعر بإحساس الذنب أثناء تنفيذ أنشطة تقدير الذات، فيتحول الأمر إلى أن يصبح ضغطاً بالنسبة لك، ويؤثر عليك سلباً.
بالطبع الاهتمام بالآخرين هو شيء إيجابي، لكنّه يجب أن يكون بقدرٍ معقول، فتقديم احتياجات الآخرين على احتياجاتك، سيؤدي بالنهاية إلى التأثير على صحتك العامة، وستجد نفسك تشعر بالتوتر أو الإرهاق، ولن تقدر على الاستمرار في تنفيذ هذه الأنشطة بالطريقة التي اعتدت عليها سابقًا. كما أنّ تقدير الذات يعزز من رغبتك في مساعدة الآخرين لاحقاً، فكلاهما مهم للآخر.
عليك أن تفهم أنّك لست مسئولاً عن الآخرين، على الأقل ليس بالقدر الذي يجعلك تنسى احتياجاتك الشخصية وتفكّر بهم دائماً. الرعاية الذاتية هي احتياج أساسي لابدّ من تسليط الضوء عليه، وعندما يأتي وقتها، فلابدّ من الالتزام به وترك أي شيء آخر، حتى تصل إلى شعور تقدير الذات. وقتها فعلًا ستقدر على تقديم الدعم للآخرين.
بالطبع تطبيق ممارسات تقدير الذات ليس شيئاً سهلاً، ومع الانشغال في الحياة اليومية ننسى القيام بها، لكن الأمر يستحق تماماً. عندما تحرص على هذه الممارسات، وتجد كيف غيرت من حياتك، ستدرك أنّك كنت تفوّت الكثير سابقاً، وأنّ تقدير الذات كأولوية، يمكنه تغيير حياتك للأفضل.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق
تعليقات
SID AHMED ABD ALMONIEM
شكراً
محمد رموز
احترام الذات من مستلزمات الإنسان الضرورية. أما الأنانية تدمر المجتمع بأكمله. وتولد الحقد والكراهية والبغضاء وخصوصا إذا اجتمعت مع الجهل وفقدان الوعي.