تمضية ليلة في نوم هادئ رَغيد تعدُّ وعداً ببشرة نضرة ونظرات مُعبّرة في صباح اليوم التالي، وأثناء النهار فالنوم العميق الهانئ هو بحقّ "مستحضر تجميل" صامت، ولا يكلّف وقتاً ولا مالاً إن كان للرجل أو المرأة.
هذه بعض الوسائل التي تُعين على إيجاد نوم عميق.
في باب النضارة والحيوية و"التجميل الطبيعي" للمرأة، لا يندر أن يشدد الأطباء والباحثون، ومعهم المجلات والبرامج التلفزيونية، على جانبين اثنين، وهما: التغذية السليمة والقيام بأنشطة رياضية خفيفة. وللعاملين المذكورين، والحقّ يُقال، تأثير حاسم في الحفاظ على صحّة جيِّدة، ما يعني وجهاً نضراً وابتسامة حلوة وحيوية وتألقاً. لكن، في الوقت نفسه، لا ينبغي إهمال عامل ثالث، يكتسب أهمية كبيرة هو أيضاً، ألا وهو النوم العميق، وبعدد ساعات كافٍ. فللنوم عظيم الأثر كـ"وسيلة تجميل"، من شأنها جعلك، أكثر إشعاعاً في حياتك اليومية، الزوجية أو المهنية والاجتماعية سواء للرجل أو المرأة.
وثمّة نصائح تستأهل الأخذ بها، كليّاً أو جزئياً، في باب الاستفادة من النوم لأقصى قدر ممكن، وتحويله إلى "مستحضَر تجميل" مجّاني، ولا يستلزم وقتاً إضافياً. ومنها، نشير إلى الآتي:
1- تدليك (ماساج) بسيط للاسترخاء: لتحفيز الجسد على الاسترخاء، بالتالي، الاستعداد لنوم جميل، يمكنك استخدام زيت السمسم الأصلي الحقيقي الكثيف، لكن غير الدهني، وتدليك الجسم به بهدوء، مساءً قبيل وقت النوم. فلزيت السمسم خصائص مضادة للأكسدة. كما يضم نسبة من المغنيسيوم، الذي يعين على إراحة الأعصاب وإرخاء العضلات. ويمكن أن تضيفي إلى الخليط بضع قطرات من الزيت العطري لزهر البرتقال (ما يسمّى "روح النيرولي")، أو زيت "البرغموت" (وهو صنف من الليمون، يسمّى Bergamot)، أو زيت أزهار الخزامي (المسماة أيضاً "لاوندة"، بالإنجليزية Lavender وبالفرنسية Lavande ). افركي منطقة الفقرات القطنية أوّلاً (الفقرات السفلية)، والظهر والورك، ثمّ الفخذين (من أسفل إلى أعلى)، والساقين، وأخيراً القدمين لإحمائهما، ومنع إصابتهما بالبرودة أثناء النوم. فتعرضهما للبرد ليلاً قد يفضي إلى تشنجات، ولو خفيفة وغير محسوسة، لكنها تؤدي إلى إيقاظك، بالتالي تشتيت ساعات النوم.
2- الكاميليا للوجه: مساءً، بعد إزالة الماكياج وتنظيف الوجه ملياً، يمكن اللجوء إلى تدليكه بزيت زهر "الكاميليا" العطري، إذا كانت بشرتك حساسة جدّاً، أو بزيت الـ"أرغان" العطري، لمفعوله الحميد ضد التجاعيد وشيخوخة البشرة (والـ"أرغان" نبتة تنمو في المغرب، ويعدُّ زيتها ذا فوائد صحية كثيرة عظيمة). ويكفي استخدام قطرتين أو ثلاث، لا أكثر، من أي من ذلكما الزيتين العطريين. كما ينبغي تجنب التدليك حول العينين. أما على الأماكن الأخرى من الوجه، مثل: الخدين والوجنتين والجبين والصدغين والحنك وحول الشفتين، فافركي بهدوء بحركة دورانية، مع التشديد على الصدغين. ويمكن اللجوء إلى هذه الطريقة لمدة 15 ليلة للاستغناء عن "كريم الليل"، أو لاستكماله إذا كانت بشرتك بالغة الجفاف.
3- التنفس من البطن: يعين التنفس من البطن على الاسترخاء، وإفراج العضلات، وتصفية الذهن. هكذا، قبل الخلود إلى النوم، السعي إلى أخذ أنفاس عميقة، مع جعل الشهيق يمر في الحنجرة مثلما لو كان يلامسها، أي بصورة تحاكي الشخير. ثمّ الزفير للهواء بشكل مماثل، أي مع إصدار صوت. وهذه الطريقة بالتنفس تحاكي أسلوب الأطفال الرُضع عندما يتنفسون. أنتم أيضاً، تنفسوا على ذلك المنوال في "سلسلة" من 3 "حلقات"، تضم كلّ "حلقة" منها 10 عمليات شهيق وزفير. وستجدون أنّ الجسد والذهن باتَا أكثر تقبُّلاً للنوم.
4- إنعاش الغرفة: من أجل نوم هانئ، من الضروري تفادي رفع درجة الحرارة في الغرفة. فالحرارة الأفضل للنوم تتراوح بين 18 و20 درجة مئوية، وفي الأحوال كلّها لا ينبغي تجاوز 22 أو 23 كحد أقصى. وبخلاف ذلك، فضلاً عن التعرق الليلي، وما يفضي إليه من الإخلال بالنوم المتواصل، يتم الاستيقاظ والوجه "متورم" نوعاً ما بسبب السخونة. إلى ذلك، تُسهم الحرارة الزائدة في تجفيف البشرة، ما لا يتناسب والوجه الحسن النضر الصبوح، في الصباح التالي. وإذا كنت "برّيدة"، فكرية بالأحرى في استخدام غطاء سميك (لحاف)، أو بطانية، بدلاً من التسخين الزائد (إذا كان البيت مزوّداً بمسخنات). وعندما يكون الطقس معتدلاً، من الأفضل فتح النافذة فتحة طفيفة (مثلاً من سنتيمتر أو سنتيمترين اثنين) لتبديل الهواء باستمرار، ما يعين على نوم أفضل.
5- تعطير الغرفة: التفكير أيضاً في تعطير الغرفة بعطور خفيفة، غير سادّة للأنوف. هكذا، قبل ساعة من وقت النوم، يمكن وضع زيوت عطرية في وسائل بخ متواصل، مع الحرص على إغلاقها قبل النوم تفادياً لإشباع جو الغرفة إشباعاً مزعجاً، يُعيق النوم بدلاً من أن يُسهّله. استخدموا أي عطور زيتية ترونها مناسبة، مثلاً "روح النيرولي" (زيت أزهار البرتقال العطري)، أو زيت الهيل العطري، أو زيت أزهار الخزامي العطري، وما إلى ذلك. هكذا، تجدين الغرفة مُعطّرة بشكل هادئ، ما يعين على النوم، وبالتالي النضارة في الصباح التالي.
6- مثلما هو معروف، يؤدي أي عشاء دسم إلى عرقلة دورات النوم الطبيعية، وأحياناً إلى التعرق الليلي والكوابيس، وكلّها عوامل "مُعادية" للنوم الهانئ. لذا، يُستحسَن تفادي الأكل الدسم، في الأوقات كلّها عموماً، وفي المساء خصوصاً. إلى ذلك، ثمّة وسيلة تُعين أيضاً على تمضية ليلة هانئة: الحرص على تناول العشاء مبكراً، مثلاً في السابعة مساءً، أو حتى قبلها. فذلك يتيح وقتاً كافياً للهضم. بالتالي، النوم بمعدة غير مثقلة زائداً على اللزوم، وهو شيء جيِّد للنوم الجيِّد. وليس جزافاً أن عهدت بعض الشعوب، مثل الهولنديين، على تناول العشاء مبكراً جدّاً، في حدود السادسة مساءً.
7- تناول أعشاب مهدّئة: من المعروف أن لنقيع الزيزفون والبابونج والأقحوان، مفعولاً حميداً في تهدئة الأعصاب، يُعين على الاسترخاء والنوم بشكل أفضل. لكن، ثمّة نبتات أخرى أقل "شهرة"، إنما لها أيضاً قدرة كبيرة على تأمين نوم هانئ. نذكر منها:
خشخاش كاليفورنيا: هذه الشجيرة، التي ليست لها علاقة بالخشخاش العادي، لها أزهار معروفة بفوائدها ضد الألم وقدرتها على تهدئة الأعصاب. وتسمّى أيضاً "إيشوليتزيا(Eschscholitzia)" نسبة إلى عالم نبات ألماني الأصل، ولد عام 1793 في روسيا وعاش فيها، ويُدعى "يوهان إيشولتز"، هو أول مَن درس النبتة وحدّد فوائدها الطبّية، بعدما تمّ "استيرادها" إلى أوروبا من سواحل أميركا الغربية. فنقيع أزهار خشخاش كاليفورنيا يبث مركبات قلويّة مهدئة، وليس مخدّرة (مثل الخشخاش العادي). لذا، إن كانت متوافرة، يُنصح بشرب كأس من ملعقة أزهار الـ"ايشوليتزيا" المجففة، منقعة في كأس من ربع لتر ماء مغلي، لمدة 10 دقائق. لكن، حذار: هذه النبتة لا تناسب الأطفال والمراهقين بتاتاً.
الزعرور: هذه الشجيرة، المسمّاة أيضاً "الشوك الأبيض" (بالإنجليزية Hawthorn وWhitethorn، وبالفرنسيةAubepine)، التي تعمر قروناً، تَغَنّى بها شعراء الغرب كرمز للصفاء والنقاء. لكن السحرة هناك، هم أيضاً، استخدموا فضائلها لغايات الشعوذة. في أي حال، تنتج أزهاراً وثماراً وأوراقاً معروفة بمقدرتها على التأثير في النظام العصبي المركزي، مفضية إلى تهدئة الأعصاب وتخفيف الانفعالات ومكافحة خفقان القلب. لذا، لنوم هادئ، ينصح بشرب 3 كؤوس يومياً، لمدة أسبوع، من ملعقة كبيرة من خليط أزهار الزعرور وأوراقه وثماره، منقوعة في 200 ملليلتر من الماء المغلي.
الآلامية (أو "زهرة الآلام" Passiflora) أو Passion Flower ثمّة نحو 500 نوع من تلك النبتة المتسلقة، لكونها تنمو على أي نوع من الأرض، وتتسلق أي نوع من الجدران، شرط أن تكون في أمكنة مشمسة. لكن بائعي الأعشاب يعرفون تماماً النوع ذا الخصائص الطبية الحميدة، التي فطن إليها سكان أميركا الشمالية الأصليون، "الهنود الحمر"، قبل آلاف السنين. فهي تُعين على إرخاء الأعصاب، وطرد القلق والسوداوية. لذا، في حال اضطراب النوم، يُنصح بها للجميع، حتى للأطفال بدءاً من سن الـ6.
حشيشة الدينار (أو الـ"جُلجُل"): بالإنجليزية Common hop أو Humulus lupulus، الاسم العلمي اللاتيني، وبالفرنسية Houblon هي أيضاً، كسابقتها، نبتة متسلّقة، ما يفسر تسميتها أحياناً "كروم الشمال". لكنها، بخلاف الآلامية، لا تنمو سوى في مناطق باردة نسبياً، ورطبة. وفي أوروبا، يستخدمون حبوبها بشكل خاص لإنتاج البيرة. إلّا أنّ ما يجهله كثيرون هو أنّها، هي أيضاً، معروفة بخصائص أزهارها وأوراقها في تهدئة الأعصاب، وإزالة القلق ومكافحة الاكتئاب. لذا، تصلح حشيشة الدينار كمهدّئ طبيعي فاعل من أجل نوم هانئ.
الكاتب: محمد عبود السعدي
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق