• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

«التعليم الذكي» خطوة رائعة تواكب العصر

«التعليم الذكي» خطوة رائعة تواكب العصر
   ◄في الطريق إلى المدارس الذكية...

أكّدت دراسة ألمانية حديثة أنّ التكنولوجيا تؤدي إلى زيادة تشتيت انتباه الطلبة داخل قاعات الدرس. وقد أظهرت الدراسة أنّ قرابة 40% من الطلبة يمارسون في الصف أنشطة على الأجهزة الإلكترونية لا علاقة لها بموضوع الدرس. على الرغم من ذلك، يبقى التعلّم الذكي مثار جدل بين مؤيد ومعارض في المدارس فإلى أين وصلت تجربتنا مع التعليم الذكي حالياً؟ وهل يدحض تفاعل الطلبة معها الدراسة الألمانية؟ وهل هناك وسائل لضبط العملية التعليمية الذكية في الصفوف؟

إنّ تجربة الإمارات المتمثّلة في برنامج للتعلّم الذكي تمثل أحد النماذج لمواكبة النهضة التكنولوجية في الدول المتقدمة. وفي ضوء بحر المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات الذي نعوم في خضمه، بات لزاماً علينا أفراداً ومؤسسات أن نواكب هذا التطور. ولأنّ كلَّ عمل لابدّ أن يترافق مع إيجابيات وسلبيات، فعلينا أن نأخذ بعين الاعتبار هاتين الناحيتين في كلِّ عمل نقوم به. والحل بالتأكيد لا يكمن في البقاء مستمرّين في أماكننا خشية التقدّم وارتكاب الخطأ، وإنّما في وضع حلول للوصول بالعمل إلى أقرب درجة من الكمال.

 

عبء الحقيبة:

كان للطلبة رأي مغاير عن آراء التربويين الذين تحدّثوا عن بعض السلبيات التي تترافق مع العملية التعليمية الذكية. فعلياء علي – 13 عاماً – اعتبرت الخطوة مثالية جدّاً للجيل الحالي الذي يفضّل التعامل مع التكنولوجيا على الاستمرار في التعامل مع الكتب والأوراق "ونحن نمارس التعلّم الذكي، وللعام الثاني لم نجد إشكالية في التعامل مع النظام الجديد، بل على العكس تخلّصنا من عبء الحقيبة الثقيلة، وغدت الكتب متوفّرة على موقع البوابة التعليمية، إلى جانب إمكانية التواصل بيننا كطالبات وبين الطالبات والمعلّمات بعد انتهاء الدوام المدرسي إن لزم الأمر".

 

متعة في التعليم:

أيّدتها في الإيجابيات السابقة ندى عبيد – 13 عاماً – مؤكّدة أنّ التعليم لم يقتصر على كونه إلكترونياً وإنما تجاوزه ليكون تفاعلياً، وأنّ كلَّ ما اختلف هو الأدوات المستخدمة في تنفيذ العملية التعليمية "أصبحنا نجد متعة في الدراسة بما في ذلك من حل للواجبات وتحميل للدروس وإجراء الاختبارات، وكلّ ما علينا فعله هو التنقل بالجهاز اللوحي بين المدرسة والمنزل وكلّ شيء في داخله، كما يمكننا أن نتشاور كطالبات بيننا حول بعض الإشكاليات في الدراسة وحل الواجبات عن طريق الموقع أيضاً، برأيي هي وسيلة عصرية، سهلة ومرنة للغاية".

 

أدوات جديدة:

اعتبرت زينب أحمد – 14 عاماً – أنّ التعامل مع الكتب والواجبات المدرسية غدا أمراً أكثر سهولة ومرونة عن النظام التقليدي السابق "بعض الواجبات الحسابية مازلنا نستخدم فيها الطريقة التقليدية، عدا ذلك فإنّ التوجه بات بالكامل نحو الدراسة الإلكترونية، وبتنا نتواصل مع بعضنا بشكل جيد في تنفيذ الأنشطة والواجبات والمشروعات الجماعية أيضاً، والكتب متوفرة دائماً ولم تعد هناك إشكالية في حمل الكتب الثقيلة أو نسيان أحدها في المنزل كما كان يحدث أحياناً". وأكملت "كلّ المعلومات والتفاصيل وحلّ الواجبات والاختبارات أيضاً في بوابة تعليمية واحدة، ذلك برأيي يضفي المتعة إلى التعليم والحماس للتعامل مع الكتب والواجبات أدوات جديدة تعاصر حياة اليوم".

 

ضبط العملية التعليمية:

وفيما يتعلّق بمخاوف ولوج الطلبة إلى مواقع الإنترنت بدلاً من متابعة الدروس أو حلّ الواجبات، أوضحت آلاء منيب أبو بكر اختصاصية في التعلّم الذكي أو بوابة التعلّم الذكي تسمح للطالب فقط بالدخول إلى مواقع محدّدة ذات علاقة بالمناهج التعليمية من خلال حساب الطلبة عدا ذلك فإنّ الدخول لمواقع أخرى يكون من حساب المعلّم فقط "في السابق كان دخول الطلبة من حساب المعلم فقط وهذا كان يسبّب بعض التجاوزات، لكن بعد ذلك تم عمل حسابين منفصلين، أحدهما للمعلم والآخر للطلبة، وبذلك نضمن المتابعة والتركيز في الدروس فقط".

واستكملت حديثها قائلة "تبقى إشكالية دراسة الطالب في المنزل، وهذا الأمر يتطلّب من الأهل فهم كيفية الدراسة وماهية الواجبات والمتابعة مع أبنائهم لضمان عدم إضاعتهم الوقت في الألعاب أو أي مواقع أخرى، إلى جانب الإرشاد والتوجيه المستمرّين".

 

منصات تفاعلية:

وبالحديث مع محمّد غياث مدير برنامج للتعلّم الذكي أوضح أنّه خلال بداية العالم الدراسي تم تجهيز وتأهيل البنية التحتية للمدارس، وتم توزيع الأجهزة اللوحية على 147 مدرسة في الدولة وما يتجاوز 1200 صف دراسي، إلى جانب شاشات تفاعلية موصولة بشبكة الإنترنت.

واستكمل غياث حديثه قائلاً: "التعلّم الذكي يمثّل منصّات اجتماعية للتفاعل بين الطلبة في المدرسة وخارج الدوام الرسمي، إلى جانب التواصل بين الطلبة وهيئة التدريس إن استدعى الأمر. وبمتابعتنا للعملية التعليمية وجدنا أنّ عدداً كبيراً من المراسلات تمت خارج الدوام المدرسي وهذا أمر إيجابي للغاية".

وبسؤاله عن كيفية السيطرة على ولوج الطلبة مواقع غير ذات صلة بالتعليم، أجاب بأنّ هذه الإشكالية مازالت موجودة ولكن خارج المدرسة "في الصفوف يتم السيطرة على الأمر، يمكننا القول إنّ العملية مقنّنة إلى حدٍّ كبير، لكن تبقى الإشكالية في المنزل وهنا يأتي دور الأهل في السيطرة، وهذا هو أصعب جزء نواجهه والمتمثّل في كيفية نشر الوعي بين الأهل وهو أحد أهدافنا في المستقبل القريب".

 

التعلّم الذكي ليس مرهوناً بالتكنولوجيا:

"التعليم الذكي هو أي طريقة أو أسلوب أو أداة تؤدي إلى إيصال المعلومة بذكاء ينمي عقلية الطلبة، ويكسبهم مهارات ومعرفة وتطبيقات صحيحة تعطي نتائج سليمة تؤدي بهم إلى إبداع يوظف لخدمة البشرية".

هكذا بدأ بسّام الخطيب أستاذ أكاديمي  ومستشار في تطوير الأعمال حديثه عن التعلّم الذكي موضحاً خطأ الاعتقاد بأنّ التعلّم الذكي مرهون بالتكنولوجيا "قد يكون التعلّم الذكي باستخدام القلم والورقة، باستخدام اللوح، باستخدام لغة الجسد ونبرة الصوت والكلمات، باستخدام التعلم الفردي والجماعي، باستخدام التكنولوجيا والإنترنت، وليس مفهوم التعلم مقتصراً على استخدام التكنولوجيا وإلغاء القلم والورقة والكتاب واللوح".

وأضاف "هناك مهارات لا يمكن للتكنولوجيا أن تعلمها للطالب، وهناك مهارات لا يمكن للتعليم التقليدي أن يعلمها للطالب، المطلوب من الجهات ذات الصلاحية والاختصاص أن تأخذ الجانب الإيجابي والفعّال من النظام التقليدي في التعليم والنظام الحديث باستخدام التكنولوجيا، وتستبعد السلبيات من النظامين، وتخرج لنا بنظام تعليم جديد (تكنوتقليدي) يجمع محاسن وإيجابيات النظامين معاً، وبالتالي تتحقق الفائدة القصوى للطالب، وليس أن يكون نظاماً على حساب نظام آخر".

 

أبناء ستيف جوبز لا يستخدمون أجهزة الآي باد:

في أحد الأيّام اعترف ستيف جوبز مدير شركة آبل الراحل، أنّ أبناءه لم يستخدموا جهاز "الآي باد" وكان ذلك الاعتراف صادماً للمجتمع الأمريكي والعالم أجمع. وقال جوبز حينها "إنّهم لم يستخدموه، ونحن نضع حدوداً لمدى استخدام أطفالنا للتكنولوجيا في المنزل".

وأوضح نيك بيلون محرر الشؤون التكنولوجية في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الذي تلقّى هذه الإجابة الصادمة حينها، أنّه التقى بعدد من الرؤساء التنفيذيين في شركات التكنولوجيا وأصحاب رؤوس الأمول الذين يقولون أموراً مشابهة، وأنّهم يحدون بشكل صارم من استخدام أطفالهم للأجهزة الإلكترونية، وغالباً ما يمنعون استخدامها في ليالي المدرسة، ويخصصون حدوداً زمنية معتدلة في الإجازات الأسبوعية.

وكان جوبز يحرص كلّ ليلة على تناول العشاء على المائدة الكبيرة الطويلة في المطبخ مع عائلته، ويناقش مع أبنائه الكتب والتاريخ وأموراً متنوعة، موضّحاً لم يُخرج أحد نهائياً جهاز الآي باد أو جهاز كمبيوتر، وأنّ الأطفال غير مدمنين على الإطلاق على هذه الأجهزة.

 

في الدراسة الألمانية 18% من الطلبة يطالعون المحتوى الدراسي فقط

أشارت الدراسة التي أجرتها جامعة سارلاند الألمانية إلى أنّ الكثير من الطلبة وبدلاً من استخدام الأجهزة الإلكترونية المحمولة (سواء كانت هاتفاً ذكياً أو كمبيوتراً لوحياً أو كمبيوتراً محمولاً...) لتسجيل الملاحظات عن المحاضرة، فإنّ الأغلبية منهم يستخدمونها لتصفح الإنترنت.

وقد رصد الباحثون استخدام الطلبة للأجهزة المحمولة في محاضرات إدارة الأعمال وتنمية الطفولة وعلوم الكمبيوتر، حيث كانوا يمرون كلّ 30 ثانية لمعرفة ما يوجد على شاشة كلّ طالب.

وأظهرت النتائج أنّ قرابة 40% من الطلبة كانوا يمارسون أنشطة على هذه الأجهزة لا علاقة لها بموضوع المحاضرة أو الدرس، وفي 12% من الحالات فقط، كان الطلبة يقومون بعدة أعمال في وقت واحد بعضها ليس له علاقة بالمقرر الدراسي والبعض الآخر مواد تتعلق بالدرس. وكان واحد من كلّ ستة من الطلبة فقط أي 18% يطالع المحتوى المتعلق بالمحاضرة ويرصد الملاحظات الخاصة بها على جهازه المحمول.

أما الطلبة الذين لا يتابعون المحاضرة فكانوا يستخدمون الجهاز المحمول في تصفح الإنترنت أو ممارسة ألعاب الكمبيوتر أو دخول مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك.►

ارسال التعليق

Top