• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

آثار النهضة الحسينية وتداعياتها

عمار كاظم

آثار النهضة الحسينية وتداعياتها

إنّ القضية الحسينية هي مدرسة إنسانية إلهيّة ذات معالم وشعائر تتجدد عبر العصور والأجيال، فإنّ فيها دروساً قيّمة ومفاهيم سامية ومعارف راقية، كلّ واحد ينظر فيها ويتطلّع إليها من زاويته الخاصّة وثقافته واختصاصه، إنّها تجسيد للقرآن ومعانيه ومفاهيمه ومعارفه الربّانية.

إنّ فاجعة كربلاء دخلت في الضمير الإسلامي وانفعل بها المجتمع الإسلامي بصفة عامّة انفعالاً عميقاً. لقد كان هذا كفيلاً بأن يبعث في الروح النضالية الهادمة جذوة جديدة، وأن يبعث في الضمير هزّة تحييه، وأن يبعث في النفس ما يبعثها إلى الدفاع عن كرامتها.

إنّ لهذه القضية نتائج وآثار وتداعيات منها:

- تحطيم الإطار الديني المزيف وفضح الروح اللادينية الجاهلية التي كانت توجه الحكم الأموي.

- بث الشعور بالإثم في نفس كلّ فرد وهذا الشعور الذي يتحوّل إلى نقد ذاتي من الشخص لنفسه يقوّم على ضوئه موقفه من الحياة والمجتمع.

- خلق مناقبية جديدة للإنسان العربي المسلم وفتح عينيّ هذا الإنسان على عوالم مضيئة باهرة.

- بعث الروح النضالية في الإنسان المسلم من أجل إرساء المجتمع على قواعد جديدة، ومن أجل رد اعتباره الإنساني إليه.

ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) جمعت الفكر والعاطفة واحتوت العقل والسيف، وضمّت الشِعار إلى الحكمة، والعِبرة إلى العَبرة، والدِّين إلى السياسة، والدمعة الساخنة إلى التأمل والفكرة.. كما أنّ تحويل دم الثوار إلى محاضرات فكرية باردة لا علاقة لها بثورة القلب وتدفّق المشاعر يحوّلها إلى نظرية ميّتة لا تستنهض متثاقلاً ولا تستصرخ متثائباً ولا تستفز نخوةً في قلب مظلوم.. أو فؤاد مفجوع... وخلاصة كلّ ذلك تجسّدت ثورة الحسين (عليه السلام) في شعارها الخالد: «ما خرجت أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدي لآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر» وكذلك السعي لتجهيل الناس بشعارها العظيم الآخر: «مَن رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله ناكثاً عهده ولم يغيّر عليه بقول أو فعل كان على الله أنْ يُدخله مدخله». أيضاً يقول الإمام الحسين (عليه السلام): «إنّي لا أرى الموت إلّا سعادة والحياة مع الظالمين إلّا برماً». ما قيمة الحياة في ظل حكم توجهه الأهواء والشهوات، ولا تحكمه أية مبادئ أو قيم، بحيث تصبح حياتك ومصيرك على شراع أهواء الحاكم ونزواته. إنّها لحياة تعيسة تلك التي تفقد فيها حرّيتك، وتسلب حقوقك، وتُداس مبادئك وأنت تنظر وتتفرج. أنّها حياة الذل والعار والبرم، أمّا الشهادة، دفاعاً عن الكرامة الإنسانية ودفاعاً عن الحرّية والعزّة وحقوقك في الحياة فهي الحياة السعيدة.

إنّ الإمام الحسين (عليه السلام) كان ينظر في ثورته إلى الساحة الإسلامية الواسعة، وإلى الخط الإسلامي الممتد في حياة المسلمين جميعاً. إنّ حركة الإمام الحسين (عليه السلام) لم تكن حركةً نحو الفتح الكبير على مستوى الواقع، ولكنها كانت حركةً نحو الفتح الكبير على مستوى الذهنية الإسلامية التي يريد أن يطلقها باتجاه قضايا الحرّية والعدالة، والمنهج الإسلامي القويم. إنّ التزام قضية الإمام الحسين (عليه السلام) تحمّلنا مسؤولية أن نقف حيث وقف، وأن نتحرّك حيث تحرّك. إنّه كان يتحرّك من أجل طلب الإصلاح في أُمّة جده، فهل نتحرّك في خط الإصلاح في أُمّة جده؟ الحسين (عليه السلام) كان يتحرّك في خطّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلنتحرّك في هذا الخطّ.

ارسال التعليق

Top