مشكلة البدانة عند الأطفال أو حتى المراهقين هي مشكلة شائعة في عالمنا العربي. تدعو هذه المشكلة إلى دق ناقوس الخطر سريعاً إذ أنها تسبب العديد من المشاكل الصحية للطفل، ويمكنها أن تقضي على مستقبله وحياته. لذا من الضروري إلقاء الضوء بشكل مستمر على هذه المشكلة لنحاربها في عالمنا العربي ونحمي صحة أطفالنا.
يمكن اعتبار الطفل بأنّه بدين عندما يكون وزنه يتخطى 90% من معدل نمو الأطفال في سنه، أي عندما يزيد وزنه على الحدود الطبيعية. معدل النمو يأخذ أيضاً بعين الاعتبار الطول وسن الطفل أيضاً وليس فقط وزنه. السمنة عند الطفل يمكن أن تسبب عدداً من المخاطر الصحية الخطيرة كالربو والسكري وارتفاع ضغط الدم والكوليسترول وأمراض القلب. كما أنّ الطفل الذي يعاني زيادة الوزن يكون عرضة للتوتر والاكتئاب والاضطرابات النفسية وذلك بسبب نظرة المجتمع إليه مما قد يسبب انعزاله الدائم. السمنة المفرطة تؤدي كذلك إلى إصابة الطفل بتسوس الأسنان وذلك بسبب كمية الحلويات الكبيرة التي يتناولها وبسبب شرب كمية كبيرة من العصائر والمشروبات الغازية أيضاً. لا يجب إهمال هذه المشكلة عند الطفل إذ أنّها فعلاً مرض يهدد حياته ومستقبله.
لماذا يعاني الطفل من السمنة؟
يزداد الوزن عندما تكون كمية السعرات الحرارية التي يتم إدخالها للجسم أكثر من السعرات الحرارية التي يتم حرقها عبر الحركة اليومية والرياضة. بالإضافة إلى ذلك تلعب بعض العوامل الأخرى في زيادة الوزن عند طفلك. زيادة الوزن أمر معقد وإليك أبرز ما مسبباته:
- الوراثة: الجينات تلعب دور بالسمنة أيضاً. الأطفال الذين لديهم تاريخ عائلي لأم وأب أو أفراد أسرى يعانون البدانة يعتبرون أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض.
- العادات الغذائية الخاطئة التي يتم ممارستها في المنزل كالإكثار من إعداد المقالي وعدم تواجد السلطة على سفرة وتقديم الحلوى للطفل بشكل مستمر مما يشجع الطفل على تناول كمية كبيرة من المأكولات من دون أن يشعر بالجوع حتى.
- عدم تقديم وجبة الفطور للطفل والتركيز فقط على وجبتي الغداء والعشاء.
- تأثير المجتمع والضغط على الطفل لإنهاء كلّ طعامه دائماً وتقديم التشيبس أو الحلوى كنوع من الإعجاب به.
- وجود خيارات محددة في المدرسة للفطور كوجود سندويشات مليئة بالمايونيز والكثير من المعجنات.
- غياب الأنشطة الرياضية اليومية أو الأسبوعية بين الأسرة.
- معاقبة الطفل في المدرسة عبر منعه من حضور حصة الرياضة الأسبوعية والتي يمكن أن تكون سبيل طفلك للتخلص من الوزن الزائد.
- لعب الطفل بشكل مستمر على الـ"آيباد" والتليفون يمنعه من القيام ببعض الحركة مما دفع الطفل للتخفيف من اللعب الذي يتطلب الحركة والجلوس طويلاً في أماكنهم.
- عدم حصول الطفل على ساعات كافية من النوم.
- انتشار مطاعم الوجبات السريعة ورغبة الطفل الدائمة في تناول هذه الوجبات تسبب إصابته بالبدانة.
- وزن الأُم قبل الحمل يؤثر في إصابة الطفل في البدانة، كما أنّ نوعية الغذاء التي تتناولها الأُم خلال فترة الحمل والرضاعة تؤثر في وزن الطفل.
كيف نعالج طفلنا البدين؟
أوّلاً: ما عليك القيام به الانتباه إلى نوعية الغذاء التي تقدمينها لطفلك في المنزل حيث يجب أن تحدَي من إعداد المقالي وتركزي على إعداد الأطعمة المشوية والسلطات واليخاني مع الأرز وتشجيع الطفل على تناولها بتقديمها له بطرق مختلفة. حاولي السيطرة على كمية الطعام التي يتناولها طفلك عبر استخدام أواني صغيرة مما يخفف من كمية السعرات الحرارية التي يتناولها ولا تقدمي المشروبات الغازية لطفلك نهائياً. لا تضعي في المنزل خيارات غير صحية من الأطعمة كالتشيبس والشوكولاتة والبسكويت بل استبدليها بخيارات صحية كالبسكويت بالشوفان والفوشار والكراكرز الأسمر. التركيز على تقديم وجبة الفطور لطفلك يومياً على أن تتضمن كوب من الحليب الخالي من الدسم وقطعة من الفواكه. كما يمكنك تحديد يوم مع طفلك لتناول الوجبات السريعة والحلويات واحرصي على عدم اعتبار هذه المأكولات كمكافأة على عمل ما لطفلك.
من جهة أخرى، حاولي الحد من مصروف طفلك الذي تقدمينه له لشراء الأطعمة في المدرسة وذلك من أجل التخفيف من كمية الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية التي يمكن أن يشتريها. بالإضافة إلى ذلك، يجب عليك تشجيع طفلك على ممارسة الرياضة بشكل يومي وذلك عبر إشراكه في أنشطة رياضية مختلفة ككرة السلة وكرة القدم للصبيان والباليه والرقص للبنات.
لكن انتبهي من إجبار طفلك على اتباع حميات غذائية صارمة إلى أنّ ذلك سيسبب له ردة فعل عكسية ويمكن أن يؤدي إلى زيادة وزنه بشكل أكبر. كما أنّ هذه الحميات الغذائية تفتقر للمواد الغذائية الأساسية التي يحتاج إليها الطفل مما قد يؤثر في نموه ومستواه التعليمي. لذا من الأفضل أن تعرضي طفلك على أخصائية تغذية لتحدد نسبة البدانة لديه وتقديم حمية غذائية مخصصة له إذ أنّه في بعض الأحيان يفضل المحافظة على وزن الطفل كما هو وعدم إجباره على إنقاص وزنه.
ومن المهم ألا تصفي طفلك باليدين نهائياً! دراسة أميركية من "جامعة كاليفورنيا" تشير إلى أنّ وصف الطفل بالبدانة وهو في عمر صغير يهدده في زيادة نسبة السمنة لديه في المستقبل. هذه الدراسة أجريت على فتيات في عمر العاشرة حيث وصفن بالبدينات من قبل الأهل وهن صغيرات وعندما أصبحن في سن 19 زاد خطر إصابتهنّ بالبدانة بنسبة 62% في حال بينما زاد خطر الإصابة بالبدانة لديهنّ بنسبة 40% في حال وصفهنّ أحد المعارف من خارج نطاق الأسرة بالبدانة. الثقة بالنفس تتراجع عند الطفل عند وصفه بالبدانة مما يصيبه بالتوتر النفسي ويدفعه لتناول المزيد من المأكولات الدسمة لتعويض خوفه المستمر.
الوقاية خير من قنطار علاج:
أما في حال كان وزن طفلك طبيعياً، لابدّ من القيام بخطوات يومية للحفاظ على صحته ووقايته من هذه المشكلة التي تتفقم بكثرة وحالياً تصيب طفل من كلّ ثلاثة أطفال في الولايات المتحدة الأميركية. وأبرز خطوات وقاية الطفل من البدانة تتمثل بما يلي:
- تحضير غذاء صحي في المنزل يحتوي على الخضار والحبوب الكاملة والفواكه.
- استخدام اللحوم الخالية من الدهن أو التي تحتوي على كمية قليلة منه لإعداد فيها المأكولات.
- أعدي المأكولات المحببة لطفلك بطرق صحية، بدل من قلي البطاطا اشويها بالفرن مثلاً. كما يمكنك شوي الإسكالوب بالفرن وغيره الكثير من الأطعمة للتخفيف من كمية الزيت التي يحصل عليها طفلك.
- تجنب إضافة المايونيز وغيره من الصلصات الدسمة إلى سندويشات طفلك.
- استخدمي كلّ منتجات الحليب قليلة الدسم أو الخالية منه عند إعداد الأطعمة أو تحضير الفطور والعشاء.
- تناولي دائماً غذاء صحياً أمام طفلك لكي تكوني قدوته في هذا المجال، لذا يجب عليك الابتعاد عن كلِّ المأكولات الدسمة وعدم شرب المشروبات الغازية والعصائر بتاتاً وإعداد وجبات سناك صحية للجميع كالجزر مع عصير الليمون الحامض والملح وسلطة الفواكه.
- ممارسة الرياضة مع طفلك من حين إلى آخر لأنّ ذلك سيشجعه بشكل أكبر على ممارسة الرياضة.
- تحديد ساعات معينة لجلوس الطفل أمام التلفاز أو لاستخدام الـ"آيباد" والألعاب الإلكترونية الأخرى.
- عدم تقديم الطعام للطفل خلال مشاهدة التلفاز أو اللعب لأنّ ذلك سيجعله يتناول كميات أكبر من الأطعمة دون حتى الشعور بذلك.
- عدم حرمان الطفل من الأطعمة التي يحبها بشكل فجائي بل قدمي له هذه الأطعمة بكميات محددة من حين إلى آخر.
الرضاعة الطبيعية تقي من البدانة:
تقديم الحليب الاصطناعي للطفل يمكن أن يكون مسؤولاً عن إصابته بالبدانة في المستقبل. دراسة أميركية تظهر أنّ 14% من الأطفال الذين يعانون البدانة تناولوا الحليب الاصطناعي. وكانت مجلة الرابطة الطبية الأميركية قد نشرت دراسة لمقارنة أوزان أكثر من 15000 طفل تتراوح أعمارهم بين 9 و14 سنة. تبين في هذه الدراسة أنّ الرضاعة الطبيعية لمدة 6 أشهر تخفض نسبة إصابة الطفل بالبدانة في المستقبل بنسبة 20%. كما أنّ هذه النسبة انخفضت أكثر عندما تم تقديم الحليب للطفل لمدة أكثر من ستة أشهر. يعتقد أنّ الرضاعة الطبيعية تحفز من حرق الدهون في جسم الطفل في المستقبل بسبب المواد الصحية التي تحتويها وبالتالي تحميه من البدانة. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ الرضاعة الطبيعية تحمي الطفل أيضاً من الإصابة بالسكري وأمراض القلب. كما الدراسات العلمية تشير إلى أنّ الرضاعة الطبيعية تساعد في زيادة نسبة ذكاء الطفل بشكل كبير جدّاً. وتأكدي أيتها الأم أنّه ليس هناك أي نوع من الحليب الصناعي قادراً على تقوية جهاز الطفل المناعي كما تفعل الرضاعة الطبيعية. لذا ننصحك بإرضاع طفلك على الأقل لمدة 6 شهور.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق