◄ممّا لا شكّ فيه أنّ عالمنا يتغيَّر بصورة متسارعة بسبب تدفُّق المعلومات، فقد أصبح لوسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئيّة الأثر الكبير اليومي في حياة الأفراد والجماعات، بل إنّ أثرها قد طغى في بعض الأحيان على العادات والتقاليد المتوارثة في المجتمعات، وأفرزت هذه الوسائل عادات وتقاليد حياتية جديدة مكتسبة لم تكن مألوفة للنّاس، لدرجة إنّ وسائل الإعلام باتت تتمكَّن من قولبة النّاس وشحذ شخصيتهم ليصح قول الصحافية تالا ياغي "قل لي ما تشاهد أقول لك من أنت".
لقد اعتبر الإعلام في عصرنا الحاليّ "سلطة رابعة" نتيجة لما له تأثير واضح وأكيد على حياة وسلوكيات الأفراد والجماعات، فمع نشأة وسائل الإعلام في بداية القرن العشرين بدأ الناس ينتقلون من حالة "التواصل" عبر الحكاية أو القصة أو الحديث المقروء والمسموع بينهم إلى حالة الالتفاف حول جهاز المذياع والإنصات إلى ما يبوح به، فبدأت مع هذا الجهاز مرحلة التحلق في الخيال لما تسمعه الأذن والشوق إلى رؤية ومعرفة من يتكلّم عبر هذا الجهاز، وبدأت أيضاً مع هذه المرحلة تراجع مسألة التواصل بين الناس والالتفاف إلى حالة الانفرادية مع جهاز يتحدث إلى الفرد، ثمّ مع اختراع التلفزيون عام 1927 أصبح وسيلة أساسية في يومنا هذا للترفيه والتثقيف، وحلّ محل عدد كبير من وسائل التواصل الأخرى فصار بوسع الإنسان أن يرى العالم من خلال جهاز صغير يتحدث إليه بالصورة والصوت، وصار له انتشار واسع واستطاع أن يستقطب مليارات البشر في أنحاء العالم، ولابدّ من القول أنّ التلفزيون يعتبر "أوكسجين" حياة الكثير من الناس في مجتمعاتنا العربية، ومع وجود التلفزيون كشريك معنا في البيوت ومجال الأعمال وغيرها تراجعت بشكل حاد حالة التواصل بين الناس، كما تسارعت وتيرة انتقال المعلومة عبر اختراع "الإنترنت" و"الكمبيوتر" الذي نستطيع أن نغوص فيه لساعات دون أن نلاحظ صمتنا وانصهارنا به، إلا إنّنا نعتقد أنّ التلفزيون ما زال هو الوسيلة الإعلامية المسيطرة على التواصل.
في كلِّ الأحوال، إنّ أغلب وسائل الإعلام وخاصة المرئية منها لها الصفات التالية:
1- تصدّر المعلومة بالصوت والصورة (أي ناقلة وغير متلقية).
2- لديها متلقي سلبي في أغلب الأحيان لا يستطيع أن يناقشها أو يحاورها.
3- تعتبر وسيلة مروّجة للفكر (الإيجابي والسلبي) وكذلك المادة الاستهلاكية والقيم الحياتية (الإيجابية والسلبية).►
المصدر: كتاب الإعلام وقضايا المرأة
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق