لا يمكن للراغبين في تخفيف أوزانهم إلا أن يرحبوا بسماع نتائج الدراسات والأبحاث التي يقوم المتخصصون في مكافحة السمنة. فالاطلاع على هذه المعلومات والاستنتاجات العلمية، واستخدامها في الحياة اليومية يسهلان مهمة التخلص من الترهلات والكيلوغرامات الزائدة.
جميعنا نعلم أنّ الاستراتيجية المثلى لتخفيف الوزن هي الجمع بين النظام الغذائي المتوازن المدروس خفيف الوحدات الحرارية، وممارسة التمارين الرياضية المناسبة لبنية أجسامنا، وأعمارنا، وحالاتنا الصحية. لكن هناك كثيراً من العوامل الأخرى المؤثرة التي تلعب دوراً في إنجاح أو إفشال هذه الاستراتيجية العامة. والواقع أنّ الأوساط العلمية لا تزال تمدنا يوماً بعد يوم بنتائج التجارب والأبحاث التي تقوم بها للتعرف إلى كل ما يمكن أن يفيدنا في تسهيل مهمة التخلص من تلك الدهون المتراكمة في أجسامنا. وغني عن الذكر أنّ الاستعانة بهذه المعلومات تساعدنا على بلوغ الوزن الطبيعي الذي لا يمنحنا قواماً رشيقاً فحسب، بل يقينا الكثير من الأمراض المرتبطة بزيادة الوزن والسمنة. ونورد في ما يلي نتائج عدد من الدراسات والأبحاث الحديثة من مختلف بلدان العالم.
1- تأثير سمنة الأصدقاء في أوزاننا:
أظهرت الدراسات الإحصائية أنّه إذا ازداد وزن أحد أصدقائنا وأصبح بديناً، فإن إمكانية معاناتنا البدانة تزداد بنسبة 57 في المئة. وإذا كان هذا الصديق من المقربين جدّاً إلينا، فإن هذه النسبة ترتفع لتصل إلى 171 في المئة. ولا يهم إذا كان هذا الصديق يعيش في مكان بعيد جدّاً عنا. ويعلق أستاذ علم الاجتماع في جامعة هارفرد، البروفيسور نيكولاس كريستاكيس فيقول إن زيادة أوزان أصدقائنا تجعل أوزاننا تزداد، وزيادة الوزن في أوساط أشخاص في محيطنا الاجتماعي تحدث موجات دائرية تصل إلينا وتؤثر فينا. واللافت هو ما أسفرت عنه الأبحاث من نتائج مماثلة عندما يتعلق الأمر بتخفيف الوزن. ويقول كريستاكيس إنّ الناس يشاهدون صوراً لعارضات الأزياء في وسائل الإعلام، إلا أن تأثرهم بهذه الصور يكون أقل بكثير من تأيرهم بوزن الأشخاص الذين يحيطون بهم. فازدياد أوزان الأصدقاء، يلعب دوراً في تغيير رأينا بخصوص ما هو مقبول على مستوى وزن الجسم ومقاييسه. ويصبح هذا المقاس الكبير، والسلوك الذي قاد إليه مقبولين كمعيار لنا أيضاً.
وتقول أستاذة علم النفس في جامعة كوينزلاند الأسترالية فيونا بارلو إنّه إذا كان أصدقاؤنا أشخاصاً يخرجون بانتظام ليشربوا القهوة ويتناولوا الحلويات، أو أشخاصاً يتناولون كميات كبيرة من المعكرونة أو البيتزا في عطلة الأسبوع ويستمتعون بهذا النوع من السلوك، فهناك إمكانية كبيرة بأن نميل نحن أيضاً إلى الاستمتاع بها. وهذا سيؤدي بالطبع إلى زيادة في أوزاننا نحن أيضاً. ولا ينتهي الأمر عند هذا الحد، فقد ينتشر هذا النوع من السلوك في أوساط أصدقائنا الآخرين الذين قد نتحدث معهم في هذا الأمر. ولتفادي كل ذلك، من المهم أن نتبنى نمط حياة صحياً ومتوازناً، ونقوم بالخيارات الغذائية الجيدة، ونمارس الأنشطة البدنية، ونحاول أن نؤثر في أراد عائلتنا، وأصدقائنا في هذا الاتجاه السليم.
2- الحبوب الكاملة والمكسرات غير المقشورة:
تبين للبحاثة الأميركيين في جامعة روود أيلند أنّ الوقت الذي يحتاج إليه الناس لتناول رقائق حبوب كاملة، وخبز قمح كامل أو حبوب كاملة يزيد بنسبة 20 في المئة على ذلك الذي يحتاجون إليه لتناول الأنواع المحضرة من حبوب مقشورة وبيضاء. وتعلق البروفيسورة كاثلين ميلانسون، الأستاذة المساعدة في علوم التغذية في الجامعة المذكورة، فتقول إن غنى الحبوب الكاملة بالألياف يعني أننا نحتاج إلى وقت أطول لمضغها. وهذه الدقائق الإضافية التي نقضيها ونحن نحرك فكينا في عملية المضغ، تمنح أدمغتنا الوقت اللازم لالتقاط وتسجيل إشارات الشبع التي تطلقها المعدة، قبل أن نفرط في الأكل. وهي تنصح بإضافة الكينوا أو الشعير المطبوخين إلى أطباق السلطة أو الحساء، وبتحضير الشطائر بخبز القمح الكامل أو خبز الجاودار، وبقضم البوب كورن (المحضر من دون زيت) أو لوح من الحبوب الكاملة كوجبة خفيفة عند الإحساس بالجوع.
أما في ما يتعلق بالمكسرات، فقد أشارت تقارير نشرتها مجلة "الشهية" الأميركية إلى أن شراء المكسرات (فستق حلبي، جوز، لوز) غير مقشورة، قد يساعد على تفادي الإفراط في الأكل. فقد أظهرت الدراسات أن عدد الوحدات الحرارية التي يتناولها الأشخاص الذين يشترون المكسرات بقشورها تقل بنسبة 10 في المئة عما يتناوله الآخرون الذين يشترونها مقشورة. ويقول البحاثة إنّه إضافة إلى الدور الذي يلعبه الوقت اللازم لتقشير هذه المكسرات في إطالة مدة أكلها (مثلما يحدث بالنسبة إلى الحبوب الكاملة) فإنّ القشور التي نخلفها أمامنا أثناء الأكل، تلعب دور الدليل البصري، الذي يبرز لنا بوضوح الكمية الحقيقية التي أكلناها.
3- الحركات اليومية الصغيرة والوقوف:
حتى الأشخاص الذين يمارسون التمارين الرياضية بانتظام يستفيدون كثيراً من الحركات البدنية المختلفة والصغيرة التي يمكن القيام بها خلال ساعات النهار. فالمواظبة مثلاً على إيقاف السيارة في أبعد مكان داخل مرآب سيارات مكان العمل، أو المركز التجاري أو أي مكان آخر، والسير من هناك إلى المكان الذي نقصده يساعدنا على التخلص من نسبة إضافية من الوزن الزائد. وكانت إحدى الدراسات الأميركية التي شملت 34 امرأة قد أكدت فاعلية هذه الدفعات الصغيرة من النشاط البدني الذي نقوم به على امتداد ساعات النهار. وقد استغرقت الدراسة 8 أسابيع، وكانت جميع النساء المشاركات فيها ينفذن البرنامج الرياضي نفسه. لكن تبين بعد انتهاء الدراسة أن بعض النساء فقدن نحو 3 كيلوغرامات من الدهون التي كانت متراكمة في أجسامهنّ، بينما زادت أوزان بعضهنّ الآخر بمعدل كيلوغرامين تقريباً. وتبين للبحاثة أن فارق الخمسة كيلوغرامات هذا يعود إلى أنّ النساء اللواتي فقدن أكبر قدر من الوزن الزائد كن نشيطات طوال اليوم، فكن يمشين، يصعدن الأدراج ويتحركن كثيراً. وفي المقابل فإنّ النساء اللواتي زادت أوزانهنّ، كن يخففن من حركاتهنّ المختلفة خلال النهار، ويعتبرن خطأ، أن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام تكفي، وأنهنّ لا يحتجن إلى القيام بأي أنشطة بدنية إضافية أخرى كالمشي. والواقع أن مجرد الوقوف يسهم أيضاً في تخفيف الوزن. فقد أظهرت إحدى الدراسات الحديثة أن محيط خصر الأشخاص الذين يكثرون من الوقوف يكون أقل بمعدل أربعة سنتيمترات تقريباً من محيط خصر الآخرين الذين يمضون ساعات طويلة جالسين في مكاتبهم، أو في منازلهم. وجاء في التقارير التي نشرتها مجلة أمراض القلب الأوروبية أنّ الوقوف يمكن أن يساعد الجسم على إزالة الدهون والسكر من مجرى الدم، ما يساعد بدوره على تخفيف الوزن. وينصح الخبراء بعدم إطالة فترة الجلوس الواحدة على نصف ساعة، وبضرورة الوقوف أو المشي لبضع دقائق كل نصف ساعة.
4- نوعية الأطباق ولونها:
إذا أردنا أن نحس بدرجة أكبر من الشبع والرضا، يستحسن أن نتناول طعامنا في أطباق سميكة وثقيلة الوزن. فقد أظهرت الدراسة التي أجراها البحاثة البريطانيون أنّ الأشخاص الذين يأكلون اللبن في أطباق أثقل وزناً من الأطباق الزجاجية أو البلاستيكية المعتادة، يصفون اللبن بأنّه أكثر كثافة بكثير مقارنة باللبن الذي أكلوه في أطباق أخف وزناً، وذلك على الرغم من أن نوع اللبن الذي قدم لهم كان نفسه في الحالتين. ويعلق البحاثة فيقولون إن ثقل الوعاء الذي نأكل أو نشرب منه قد يخدع الدماغ في تقويم كمية الطعام أو الشراب الذي نتناوله، وقدرته على إشباعنا.
وفي دراسة سويسرية حديثة تبين أنّ الأشخاص الذين يتناولون طعاماً لذيذاً في أطباق حمراء يأكلون منه كمية أقل من تلك التي يأكلونها عندما يقدم لهم في أطباق ذات ألوان أخرى. كذلك تبين أن كمية ما يشربونه من محتويات أكاب حمراء تقل بنسبة 44 في المئة عما يشربونه عندما تكون الأكواب بيضاء أو شفافة أو بألوان أخرى. ويعتقد العلماء أنّ الدماغ يربط بين اللون الأحمر ومفهوم "الخطر" أو "الممنوع"، فيخفف بشكل غير مباشر، أو غير واعٍ من كمية ما يأكله أو يشربه في الأوعية الحمراء.
5- تدريب براعم الذوق:
يبدو أنّه في الإمكان تدريب براعم الذوق لدينا لتصبح حليفتنا الأولى في معركتنا ضد السمنة. فقد أظهرت دراسة أجريت في جامعة ديكن الأسترالية أن اعتماد نظام غذائي غني بالدهون يمكن أن يضعف قدرتنا على اكتشاف وتذوق الدهون في الأطعمة التي نأكلها، ما يمكن أن يؤدي إلى الإفراط في الأكل وزيادة الوزن. لكن تبين أن مجرد أربعة أسابيع من تبني نظام غذائي فقير بالدهون يمكن أن يعيد برمجة براعم الذوق بحيث تصبح أكثر حساسية وقدرة على اكتشاف الدهون الموجودة في الطعام، ما يساعد بدوره على تفادي الإفراط في الأكل. وقد تبين أنّ التأثير يظهر واضحاً في الاتجاه المعاكس أيضاً، أي أن شهراً من النظام الغذائي غير الصحي، فخفف من قدرة الأشخاص من ذوي الأوزان الطبيعية على تذوق الدهون في الطعام. وينصح الخبراء من يرغب في تخفيف وزنه بالصبر لمدة شهر في تدريب براعم التذوق لديه على الأطعمة خفيفة الدهون، فتتحول هذه البراعم التذوقية بعد ذلك إلى أكبر حليف له في حربه ضد السمنة.
- الالتحاق ببرنامج لتخفيف الوزن:
جاء في دراسة نشرت نتائجها مجلة "لانسيت" الأميركية أنّ المشاركين الذين تطوعوا في اتباع برنامج لتخفيف الوزن لمدة سنة، نجحوا في التخلص من ضعف الوزن الزائد الذي تخلص منه الآخرون الذين اكتفوا باتباع نصائح طبيبهم الخاص. كذلك تبين أنّ الأشخاص، الذين التحقوا ببرنامج محدد لتخفيف الوزن، نجحوا في التخلص من نسبة أكبر من دهون الجسم، ومن عدد أكبر من السنتيمترات في محيط خصورهم، كما أنهم أحرزوا نتائج أفضل في ما يتعلق بمستويات الأنسولين والكوليسترول لديهم، مقارنة بالآخرين. ويعلق البروفيسور إيان كاترسون، أحد المشرفين على الدراسة، فيقول إنّ الفضل في تسجيل تلك النتائج الإيجابية يعود إلى ترافع مستوى الاحتكاك والتواصل مع الآخرين، ازدياد عدد المناسبات التي يتم فيها قياس الوزن، والدعم الذي يقدمه بقية المشتركين في البرنامج نفسه، وسهولة الوصول إلى المعلومات والمصادر الضرورية لبلوغ الهدف.
7- اعتماد التوقيت المناسب:
الأشخاص الذين يريدون تخفيف أوزانهم ولا يرغبون، أو لا يتمكنون من الامتناع عن تناول حلوياتهم المفضلة، يمكنهم الاستمرار في تناول كمية معتدلة منها، ولكن في التوقيت المناسب. فقد تبين في دراسة كندية أنّ الراغبين في تخفيف أوزانهم الذين كانوا يأكلون تحلية، مثل: البسكويت، أو الشوكولاتة، أو الآيس كريم، كجزء من وجبة الصباح الغنية بالبروتينات والكربوهيدرات بطيئة الهضم، نجحوا في فترة ثمانية أشهر من التخلص من 18 كيلوغراماً زائدة أكثر مما فعل الآخرون، الذين كانوا يتناولون وجبة إفطار خفيفة صباحاً. وعلى الرغم من أن الجميع كانوا يتناولون العدد نفسه من الوحدات الحرارية يومياً، إلا أن أولئك الذين كانوا يأكلون وجبة أكبر صباحاً، بما فيها التحلية، كان يشعروا بقدر أقل من التوق إلى الطعام في وقت لاحق خلال النهار، ما كان يخفف من إمكانية كسرهم قواعد الحمية.
8- حمية ليومين في الأسبوع فقط:
تبين لمجموعة من المتخصصين البريطانيين في تخفيف الوزن أنّ النساء اللواتي لجأن إلى التخفيف من تناول الكبروهيدرات يومين في الأسبوع فقط، وتناولن الطعام بشكل عادي في الأيام الخمسة المتبقية، نجحن في غضون فترة أربعة أشهر، في التخلص من ضعف الوزن الزائد الذي تخلصت منها النساء اللواتي اكتفين باتباع نظام غذائي يحتوي على 1500 وحدة حرارية في اليوم للمدة نفسها. وتعلق المتخصصة البريطانية وسعنا أن نتناول الكمية التي نريدها من البروتينات، فإننا لن نشعر بالحرمان. وبما أن إمكانية الإفراط في تناول الأطعمة البروتينية مثل الدجاج ليست كبيرة، فإننا سنتناول عدداً أقل من الوحدات الحرارية الإجمالية من دون أن نعي ذلك. وهي تنصحنا بتجريب هذه الحمية عن طريق الحد من تناول الكربوهيدرات مرتين في الأسبوع، بحيث لا تتعدى 40 غراماً في اليوم، والامتناع خلال هذين اليومين عن تناول المعكرونة، الخبز والبطاطا ولكن مع الاستمرار في تناول الخضار الأخرى غير النشوية.
9- الوجبة الخفيفة (سناك) الصباحية:
تبين أن تناول وجبة خفيفة في فترة قبل الظهر، بين وجبتي الإفطار والغداء، يمكن أن تبطئ عملية التخلص من الوزن الزائد. ففي دراسة جديدة نشرت نتائجها مجلة رابطة المتخصصين في تخفيف الوزن الأميركية، فإن متبعي الحميات الذين لا يأكلون وجبة خفيفة قبل الظهر، نجحوا خلال فترة سنة في التخلص من وزن زائد يعادل 11 في المئة من وزن أجسامهم، بينما لم يتخلص الآخرون الذين كانوا يأكلون وجبة خفيفة قبل الظهر إلا من 7 في المئة من وزن أجسامهم. وتقول البروفيسورة آن ماكتيرنان، التي أشرفت على الدراسة: إن تناول الوجبات الخفيفة قبل الظهر قد يكون بفعل السأم، أكثر من كونه بفعل الجوع الفعلي. وهي تنصحنا في المرة المقبلة التي نشعر فيها برغبة في قضم الطعام في حوالي الساعة العاشرة صباحاً، أن نشرب كوباً من الماء، أو نمضغ قطعة من العلكة وننتظر لمدة عشر دقائق. وإذا استمر إحساسنا بالجوع وقرقرة معدتنا، فيمكننا أن نتناول تفاحة مع قطعة من الجبن خفيف الدسم، أو شريحة صغيرة من خبز القمح الكامل المحمص مع القليل من زبد الفستق. فالخياران يحتويان على الألياف الغذائية والبروتين والدهون الصحية، ما يسهم في إبطاء عملية هضم الطعام ويساعد على الإحساس بالشبع لفترة أطول.
10- الحليب ومشتقاته:
إضافة إلى تناول 5 حصص من الخضار والفواكه يومياً، ينصح المتخصصون في تخفيف الوزن بالحرص على تناول الحليب ومشتقاته يومياً أيضاً، فقد تبين في دراسة أسترالية حديثة أن متبعي حميات تخفيف الوزن الذين يأكلون 5 حصص من مشتقات الحليب في اليوم يفقدون نسبة من دون البطن تفوق تلك التي يفقدها الآخرون الذين يأكلون 3 حصص فقط. وتعلق البروفيسورة وندي ديلفوس، التي أشرفت على الدراسة في جامعة كورتين، فتقول إن سبب ذلك يعود على الأرجح إلى ارتفاع مستويات الكالسيوم وفيتامين D في مشتقات الحليب، إضافة إلى نوع من البروتينات موجود في الحليب ومشتقاته ويساعد على حرق الدهون. وهي تنصح بأن تكون الحصص الخمس، التي نتناولها، موزعة على وجبات النهار كافة ومن الأنواع خفيفة الدسم أو الخالية منه.
ارسال التعليق