- السلام قبل الكلام
أنت حين تخاطب الناس، لا تخاطب عدواً، وإنّما تخاطب أخاً لك في الدين أو نظيراً لك في الخلق، وإذا كان كذلك، فلابدّ أن تعلن السلام معه في بدء كلّ لقاء، ثم تبدأ معه الحوار.
والتحية بهذه الصيغة الإسلامية الرفيعة: "السلام عليكم"، هي إعلان للسلام، والأخوة لمن تريد اللقاء معه، والتحدث إليه.
وبدون أن تُعلن الصلح والسلام، فلا إذن لك بالحديث والكلام. وقد قال رسول الله (ص): "ابدأوا بالسلام قبل الكلام. فمن بدأ بالكلام قبل السلام، فلا تجيبوه".
ويقول الإمام الصادق (ع): "لا تدع إلى طعامك أحداً حتى يسلّم".
ويقول الإمام الباقر (ع): "إن الله يحب إفشاء السلام".
ويقول الإمام الصادق (ع): كان سلمان (رحمه الله) يقول: "افشوا سلام الله، فإن سلام الله لا ينال الظالمين).
إذاً، سلّم على كلّ من تلقاه، سواء كنت تمشي في الطريق، أو تدخل بيتاً، أو تقوم بعملية مفاوضات. ليكن السلام دينك في كلّ مكان، ولا تكن بخيلاً فيه، فإن البخيل – كما جاء في الحديث – من بخل بالسلام.
عندما كنا صغاراً، كانوا يعلموننا أن نسلم على كلّ إنسان يمر في الطريق. وكانوا يقولون لنا: انظروا إلى النمل كيف يسلم بعضه على بعض؟ وكنا نظن فعلاً أن النمل يسلم على النمل عندما يلتقي به.
ترى، هل يجوز أن يكون النمل أكثر إخلاصاً للنمل، من الإنسان لأخيه الإنسان؟!
إن التحية عبارة عن كلمات بسيطة تحمل معها عطر الورد وروح المحبة، وهي في غاية السهولة، فلماذا استثقالها؟ ثم إن في "السلام" كثيراً من التواضع بقليل من الكلمات.
يقول الإمام الصادق (ع): (من التواضع أن تسلّم على من لقيت).
ولأنّ التواضع مطلوب في أداء التحية، كان هنالك بعض التعليمات فيه. فمن يسلّم على من؟ ومن يكون البادئ به؟
ترى، هل على الصغير أن يسلّم على الكبير؟ وهل الراكب يسلم على الراجل، والداخل على الجالس، أم العكس؟
لعل البعض يقول: إن من واجب الصغير أن يبدأ السلام على الكبير، ومن واجب المحكوم السلام على الحاكم، والفقير على الغني، ومن واجب الجالس على الواقف، والواقف على الماشي.
ولكن يبدو أن العكس هو الصحيح: فعلى الكبير أن يسلّم على الصغير، والحاكم على المحكوم، والغني على الفقير، والماشي على الواقف، والراكب على الرّاجل.
يقول الإمام الصادق (ع): "ليسلم الصغير على الكبير، والمارّ على القاعد".
ويقول أيضاً: "من أخلاق المؤمن إنصاف الناس، وابتداؤه إياهم بالسلام عليهم".
ويقول الإمام الباقر (ع): إن ملكاً من الملائكة مرّ برجل قائم على باب دار، فقال الملك: "يا عبد الله، ما يقيمك على باب هذه الدار؟".
فقال: "لي أخ فيها أردت أن أسلّم عليه".
فقال له الملك: "هل بينك وبينه رحم ماسة، أو نزعتك أية حاجة؟"
فقال: لا، ما بيني وبينه قرابة، ولا نزعتني إليه حاجة، إلا أخوة الإسلام وحرمته، وأنا أتعاهده وأسلم لله رب العالمين.
فقال الملك: "إني رسول الله إليك، وهو يقرئك السلام ويقول: إنما إيايَ أردت، ولي تعاهدت، وقد أوجبت لك الجنة، وأعفيتك من غضبي، وأجرتك من النار".
ويقول الإمام علي (ع): "لكل داخل دهشة وذهول".
والمقصود من ذلك هو أنك حينما تدخل في مكان، فإن عيون الحاضرين تحملق فيك، وعلامات الاستفهام تحوم حولك، والجميع يتساءل: من الداخل؟ وماذا يريد؟ وعندما تبدأ بالسلام، فإنك تنشر روحية إيجابية عند الآخرين.
فلكي تزيل الدهشة من نفوس الآخرين كن أنت البادئ بالسلام عليهم، وهكذا فإن الداخل يسلم على الجالس!
يقول رسول الله (ص): "السلام اسم من أسماء الله تعالى فافشوا السلام بينكم، فإن الرجل المسلم إذا مرّ بالقوم فسلّم عليهم، فإن لم يردّوا عليه ردّ عليه من هو خير أو طيب".
* هادي المدرسي
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق