من الشهر الثاني عشر وحتى الثامن عشر، يلتقط الطفل المفردات اللغوية التي تتردد أمامه، بحيث يمكن أن يكتسب كلمتين في اليوم. وبعد الشهر الثامن عشر، يرتفع هذا المعدّل إلى كلمات تسع في اليوم، ممّا يرفع حصيلة مفرداته إلى خمسين كلمة، وقد يبدأ في ربط كلمتين معاً، مثل: "صباح الخير". وعندما يتمّ العامين من عمره قد يربط ثلاث كلمات ببعضها. وفي هذا الإطار، ينصح أن تقرئي الكتب المناسبة لعمره بصوت مرتفع، فالقصص والأناشيد تمثّل متعةً فائقةً للأطفال في هذه المرحلة العمرية. وإذا كانت حصيلته اللغوية عند نهاية هذه المرحلة لم تتجاوز بضع كلمات، ينبغي استشارة الطبيب، إذ يمكن أن تسبّب له الإصابة بالتهابات الأذن المتكرّرة عدم وضوح الحديث الذي يسمعه، فتخفّ قدرته على استقبال الألفاظ، وبالتالي إصدارها.
- من سن ثلاثة إلى خمسة أعوام: في سن الثالثة والنصف، سيكون طفلك قد تمكّن من كل القواعد اللغوية التي يحتاجها لكي يخبرك عن موضوع كامل. ولكن، لا تنزعجي إذا نطق بعض الكلمات بطريقة طفولية، فبعض الحروف كـ"الشين" و"الزين" صعبة عليه ولا يتقن لفظها قبل الثامنة من عمره. واحذري من الإلحاح في تصحيح ألفاظ الطفل، حتى لا يميل إلى قلّة الحديث خوفاً من نقدك له، مع الإشارة إلى أنّ الأطفال عموماً في هذه المرحلة العمرية لديهم ميل لمعرفة التفاصيل. ولتنمية هذه القدرة، لابدّ أن نكفّ عن الإجابات المقتضبة، مثل: "سنذهب إلى المنتزه"، بل تحدّثي عن المكان الذي ستذهبان إليه وعن الأحوال الجوية وأعدّي "سيناريو" عمّا سيحدث هناك. ولتوسيع خيال طفلك وقدرته على التعبير عن أفكاره، علّميه كيف يحكي قصّة يستخدم فيها التشبيه بتجربته الشخصية. - من سن ستة أعوام فما فوق: في الصف الأوّل الدراسي، سيتمكّن من الحديث بجمل طويلة ومركّبة ويسترسل في حوار طويل معك أو مع أصدقائه، علماً أنّه في هذه السن يعرف رواية النكات والفوازير، فاطلبي منه إلقاء بعضها عليك أو على الآخرين حتى لا تكون لديه رهبة في التحدّث. وتذكّري أنّ القراءة ما تزال صعبة على معظم الأطفال خصوصاً في الصفوف الأولى، لذا استمري في القراءة له حتى تصير سهلة وسلسة. ومن الممكن الإستعانة بالمجلات الكوميدية التي تعتمد على الرسوم، فهي تساعد طفلك على اكتساب روح المرح والدعابة أثناء تعلّم مهارات اللغة. - خطوات مفيدة:تساعد هذه الخطوات على تحسين قدرات النطق والكلام والتحدث اللبق لدى الطفل، أبرزها:
- كوني حازمة، فقد يلتقط طفلك بعض الألفاظ غير اللائقة فلا تدعيه يردّدها وأخبريه أنها تؤذي الشعور وتدلّ على قلّة تهذيب صاحبها. وإذا أصرّ على ترديد ألفاظه المرفوضة، إسحبي منه بعض الامتيازت كالمصروف الإضافي إلى أن يتمكّن من تهذيب كلامه. - كوني قدوة أمام طفلك، فإن أردتِ أن يقول مفردات تحبّين سماعها منه، إبدئي أنت بترديدها أوّلاً. - لا تدعي طفلك يشاهد برامج تلفزيونية تتردّد خلالها ألفاظ غير مقبولة. - إقرئي مع طفلك الكتب المناسبة لعمره، ولا تظنّي أنّ القراءة التي يقوم بها كجزء من واجباته المدرسية كافية، إذ ثبت أنّ هناك علاقة مباشرة بين نموّ مهارة القراءة والنمو المتزايد في مهارة التحدث. - إبتعدي عن النقد أو التهديد أو نعت الطفل بصفات سلبية ومقارنته مع أقرانه، وابحثي عن أسباب تعثِّره وعالجيها بهدوء وبدون انفعال أو عصبية، وجرّبي مع أسلوب التشجيع والتحفيز بصورة مستمرة. - إعلمي أن مشكلة عدم تحدّث الطفل بطلاقة يحكمها العامل الوراثي، وقد يتأخّر طفلك في النطق إلى سنّ السابعة. - علّمي طفلك على الإعتماد على ذاته عبر أداء بعض الأنشطة اليومية، فإحساسه أنّه يستطيع أن يفعل أشياء بمفرده يعزّز ثقته بنفسه ويوحي له أن يتحدّث بدون أي خوف ممّن حوله. - هناك العديد من الألعاب التي ستساعد الطفل على النطق بطريقة طبيعية وبدون ضغط، كتقليد أصوات الحيوانات أو حفظ الأناشيد وإعداد مسرح للألعاب يتكلّم فيه الطفل بالنيابة عن كل لعبة. وشاركي طفلك اللعب بهذه الألعاب حتى يشعر بالدفء الأسري. - إمنحي طفلك الفرصة للتعبير عن نفسه، وتبادلي معه أطراف الحديث لمرّات عدّة في اليوم الواحد. - إختبري تدريبك لطفلك على اللباقة واسمحي له أن يشارك الضيوف في مجالسهم ولو لبعض الوقت واطلبي منه أن يتحدّث. - التلفاز لا يثري لغته وألعاب الكومبيوتر تضعف قدرته على التواصل:يخطئ الآباء الذين يظنون أن متابعة أطفالهم الصغار لبرامج التلفزيون قد تزيد المفردات اللغوية لديهم، فقد أفادت دراسة أعدّت في جامعة ميامي أنّ الأطفال الذين يشاهدون الأفلام في سن مبكرة لا تتحسّن قدراتهم اللغوية بالضرورة! وخلصت هذه الدراسة إلى أنّ أفضل وسيلة لاكتساب الأطفال مفردات جديدة ولمساعدتهم على التخاطب بشكل سليم وطبيعي تكمن باللهو والتحدث معهم وليس إبداعهم أمام جهاز التلفاز، علماً أنّ التفاعل الإجتماعي بين الآباء والمدرّسين والأشقاء الكبار في المنزل من جهة، والأطفال من جهة أخرى هام للغاية لإكتساب الطفل مهارات لغوية.
أمّا الجامعة "دنيسون" بولاية أوهايو، فقد أصدرت دراسة تفيد بتراجع التحصيل العلمي والتواصل اللغوي لدى الأطفال، وخصوصاً من يمارسون ألعاب الكومبيوتر في المنزل لساعات طوال مقارنة بنظرائهم الذين لا يمتلكون مثل هذه الوسائل الترفيهية. وشملت هذه الدراسة 64 صبياً تتراوح أعمارهم بين 6 و9 سنوات. وتشير إلى أنّ ألعاب الكومبيوتر قد تؤثِّر على أدمغة الأطفال وتعوق تقدمهم في مادتي القراءة والكتابة وتشوّه أسلوبهم في التواصل مع الآخرين، داعية إلى منع الأطفال من قضاء أوقات طويلة على هذه الألعاب بسبب ضررها المحتمل عليهم. * إختصاصية التخاطب وصعوبات التعلّم في "معهد التربية المتكاملة"مقالات ذات صلة
ارسال التعليق