• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

أفكار لتفعيل التواصل في بيوتنا

أفكار لتفعيل التواصل في بيوتنا

التعاون بين الزوجين:

التعاون بين الزوجين يعطي الحياة الأسرية مذاقاً رائعاً ويضفي عليها روح المودة المفقودة والمنشودة، فكلاهما يشارك نصفه الآخر في الحزن والفرح، وفي العسر واليسر، وفي اتخاذ القرارات المناسبة والخاصة بمستقبل حياتهما، وعلى قدر هذا التعاون يصبحان كياناً واحداً، ونفساً واحدة، وتغشى السكينة وسحائب المودة حياتهما، وتبقى المودة والرحمة، ويتحقّق السّكن المنشود بينهما، وللتعاون بين الزوجين، والمشاركة في تحمل أعباء الحياة صور كثيرة، منها:

 

1-    تعاون الزوجين في طلب العلم:

من سلك طريقاً يلتمس فيه علما سهل الله به له طريقاً إلى الجنة والعلم سبيل إلى الرفعة والرفاهية ونيل ما تحلم به الأسرة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (المجادلة/ 11). وقال (ص): "من يرد الله به خيراً، يُفَقِّهْهُ في الدين".

وعلى الزوج أن يعلِّم زوجته أمور دينها، إن كان قادراً على ذلك، من حيث العلم والوقت، فإن لم يقدر فعليه أن يأذن لها بالخروج؛ لتحضر مجالس العلم والفقه في المسجد، وعليه أن يُيَسِّر لها سُبُل المعرفة من شراء كتب نافعة، أو شرائط مسجَّلة، بها دروس ومواعظ.

وقد حرصت زوجات النبيّ – رضوان الله عليهنّ – على تبليغ الدين، وأحاديث النبي (ص) إلى سائر المسلمين، فقالوا: يا رسول الله غلبنا عَليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهنّ يوماً لقيهنّ فوعظهنّ وأمرهنّ.

 

2-    التعاون على أداء الطاعات:

الزوجة شريكة الزوج في حياته، وبها تسعد حياة الزوج أو تشقى، والزوجة الصالحة تشجع زوجها على تأدية العبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج، وتساعده على المحافظة عليها، بل وتعينه على قيام الليل، والتصدق على الفقراء فالزوجة الصالحة نصف دين الزوج حقّاً، والزوج الصالح معيّن لزوجته على طاعة الله وفعل الخير وروى لنا الرواة عن النبي (ص) أحد الصور والمشاهد التي تستجلب الرحمات على البيت المسلم قال (ص): "رحم الله رجلاً قام من الليل، فصلى وأيقظ امرأته فصلَّتْ، فإن أبتْ رشَّ في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلَّتْ وأيقظتْ زوجها فصلَّى، فإن أبى رشَّتْ في وجهه الماء".

وما أجمل أن يقرأ الزوجان معاً شيئاً ولو يسيراً من القرآن بعد صلاة الفجر، ويجعلان ذلك وِرداً يوميّاً لهما، فإن كثيراً ممن قاموا بهذا الأمر أقروا بأثره الطيب على قلوبهم، بل إنّه يذيب ما قد يعلق بقلب الزوجين من آثار الخلافات. تلك هي المشاركة الإيجابية والفعالة في الحياة الزوجية، التي تسعد الزوجين في الدنيا والآخرة.

 

3-    التعاون في أعمال المنزل:

ما أجمل أن يعاون الزوج زوجته في بعض شؤون المنزل، من باب المودَّة والحب ومشاركتها في أعبائها اليومية، فهي فرصة طيبة ليعبر الزوج عن تقديره لزوجته، وتطييب نفسها، ويتقرب إليها.. حتى ولو كانت هذه الأعمال بسيطة؛ مثل: غسيل الأطباق أو حملها إلى المائدة، أو فرش سجادة، أو تنظيم غرفة من الغرف.

 

4-    التعاون في تربية الأبناء:

الأولاد أحد ثمار الحياة الدنيا وزينتها، وهم أمنية كلّ زوجين، والزوجان يبذلان جهدهما لتربية الأبناء أحسن تربية، ليكونوا ذرية صالحة، تسعد بها الأسرة والمجتمع، أما إذا ترك الزوجان الأبناء دون تعهد ولا تربية سليمة، فإنّهم يكونون نقمة لا نعمة.

ويقع عبء التربية في جانبه الأكبر على الأُمِّ؛ حيث إنها تشارك طفلها نهاره وليله، تطعمه وتسقيه، وتمنحه الحنان والدفء، وتعلمه كيف يأخذ النافع، ويترك الضارَّ، وغير ذلك حتى يشب نافعاً لنفسه ولأسرته ولأُمّته.

لذا أكّد شاعر النيل حافظ إبراهيم على معاونة المرأة لتقوم بدورها في تربية الأبناء:

الأُمّ مدرسة إذا أعددتها *** أعددتَ شعباً طيب الأعراقِ

أما الزوج فإنّه يطلب رزقه بالنهار؛ ليوفِّر لأهله حياة هانئة، وقد يصل الليل بالنهار، فلا يبقى إلا وقت يسير يكون من نصيب نومه، وكثيراً ما نسمع أنّ الزوج يخرج لعمله في الصباح قبل أن يستيقظ الأبناء، ويعود في المساء بعد أن يناموا، فلا يرى الأبناء أباهم إلا في أيام العطلات، بل قد يسافر ويمضي السنوات بعيداً عنهم، وهذا ما ينبغي أن يراجع الآباء فيه أنفسهم؛ لأثره السيئ في تربية الأبناء. والحق أن عبء التربية يجب أن يتحمله الزوجان معاً، فلا يجوز للزوج أن يترك أبناءه دون رعاية، بل يجب عليه أن يجلس معهم جلسات يومية، يتعرف أخبارهم، ويستمع إلى ما فعلوه في يومهم، ثم يوجههم ويرشدهم إنّ أخطئوا، ويشجعهم إن أصابوا، حينئذ تسود روح التفاهم والتعاون بين أفراد الأسرة، فيأتمر الأبناء بنصائح الآباء، ويحرصون على إرضائهمم، فيسهل على الآباء إرشادهم، وإصلاح السيئ من أعمالهم.

ويجب على الزوجين أن يبذلا ما في وسعهما، ويتعاونا لتنشئة الأبناء على الصلاح والتقى، فإذا ما أهمل الولد منذ طفولته دون تربية سليمة؛ صعب تقويمه في كِبَرِه، فالولد يتطبَّع بما نشأ عليه. قال (ص): "أكرموا أولادكم، وأحسنوا أدبهم". ومن أُغْفِل في الصِّغر، كان تأديبه في الكبر عسيراً، قال الشاعر:

إنّ الغصون إذا قوَّمْتَها اعتدلت *** ولا يلين إذا قومته الخشبُ

قد ينفع الأدبُ الأحداثَ في صغر *** وليس ينفع عند الشيبة الأدب

ويراعى تدريب الأبناء على الصلاة، وترغيبهم في حفظ القرآن، وقراءة النافع من العلوم، وتنمية القدرات والمواهب الفطرية عندهم، وترغيبهم في التردُّد على المساجد ودور العلم؛ لإبعادهم عن أماكن اللهو والفجور، والصُّحبة الفاسدة. فإذا أحسن الزوجان في تعاونهما والصبر على تربية الأولاد، أدخلهما الله تعالى الجنّة، وحُجِبَا عن النار.

ارسال التعليق

Top