◄في حديث متبادل بيني وبين صديق فاجأني بسؤال: يا دكتور إن أردنا أن نبدأ التغيير في المجتمع بماذا يمكن أن نبدأ.. قلت له بالتعامل مع أسلوب الناس ومحاولة التعديل وتعميم البدائل، فقال لي وماذا عن الأفكار.. قلت له الأفكار تتبع الثقافة والثقافة تتبع التنشئة، فلا يمكن أن نبدأ بالأفكار للكل ولكن يمكن أن يكون هذا للجزء أو لفئة ما وفق بيئة متوافقة مع هذه الأفكار ومجتمعنا خليط من الثقافات حول اختلاف واحد.. هز برأسه وقال لي أنا غير مقتنع.. أجبته مبتسماً، معك حق.
إنّ للأفكار المسيطرة على المرء تأثيراً عظيماً في تكييف حياته واتخاذ القرارات والمصيرية منها.. فهي التي تصنع المرء وتحدد اتجاهه الذهني، ذاك الذي يقرر مصير الإنسان، وبالتالي فإنّ المشكلة التي تواجه أي مجتمع وقع في مشكلة عامة أو معضلة ما أو خلاف هو كيفية اختيار الأفكار الصائبة السديدة، فإن استطعنا أن نوجد بيننا الأفكار السليمة فإن سائر مشكلاتنا سيسهل إيجاد الحلول والبدائل لها.. إنّ الأفكار المختمرة في أعماقنا وأذهاننا تسيطر على تصرفاتنا العشوائية أو المدروسة، فحياتنا من صنع أفكارنا.. فإذا راودتنا أفكار سعيدة وتفاؤلية كنا سعداء متفائلين، وإذا تملكتنا أفكار شقية وسلبية أصبحنا سلبيين وأشقياء، وإذا سادتنا أفكار مزعجة غدونا خائفين جبناء، فالمريض قد يموت لمجرد الخوف من الموت وجاره في السرير أكثر مرضاً منه وأكثر خطورة ولكنه يؤمن بالقدر والمصير فربما يعيش سنوات أخرى، الخوف يقتلنا، مجرد الخوف من الأشياء يجعلنا متوترين مثل عود مشدود في واجهة الريح ستسمع منه كل الأصوات على اختلافها، فإن فكرنا في الفشل أتانا الفشل وسيطر علينا ونجده أسرع منا، لذلك علينا مواجهة المشكلات لا أن نهرب منها لمجرد القلق والخوف من خطوات حلها وتجاوزها إيجابياً، أحياناً الأدوات والتكاليف ترهقنا، فنقف عاجزين، إنّ خيبة الأمل من الفشل أو التعثر لا يعني أن نضيف فوق ذلك قلق وخوف وانسحاب، بل بالعكس علينا أن نواجه المشكلة ولا نقلق من أجلها، فحين يرهقنا ويسيطر علينا القلق فسرعان ما نسقط من أعين الناس، إن المحنة يحولها الأقوياء والعقلاء إلى حنكة، وفي الطريق إلى القمة يجب أن يتحلى الجميع بالحنكة والصبر وطول النفس والتكيف، فكيف إن كانت أفكارنا وردود أفعالنا ملك لغيرنا، بكل تأكيد الحسابات ستختلف وعلينا أن ننسى أنفسنا وأن نفكر بالآخرين، أفكارنا صناعة لا يجيدها إلا الحكماء، ونفسك هي التي يمكنها أن تمنحك الثقة بها، وبالتالي إنّ مزيج من الأفكار الإيجابية والبناءة يقود إلى الانتصار في كل الميادين التي تزرع فيها إرادتك وقدرتك ومتطلبات حضورك في بيئتك ومجتمعك، انّ الحوادث التي تصادفنا أو نرتطم بها هي مجرد حوادث لها بداية ونهاية، ولكن تقديرنا لها هو أمر متروك لنا وحدنا، وفي كل حادث هناك فعل وإرادة وإحساس، فإن سيطرنا على الفعل الذي يخضع للإرادة فحينها يمكننا بطريق غير مباشر أن نسيطر على الإحساس، جرب ذلك معك مرة واحدة في حياتك أو أطلق لنفسك الآن العنان واذهب بخيالك كيفما شئت مع أحداث مرت بك قريباً أو بعيداً.. وهنا علينا أن نعلم أنّ الإنسان هو مجموعة من الأحاسيس ربما لا ينفصل أحدها عن الآخر إلا بفعل الإرادة، لاحظ أنّ كلمة فعل سبقت الإرادة ، فالفعل يخضع للإرادة وهناك يتشكل الإحساس، إذن إحساسك بالشيء وما بعد الحدث "تقديرك للأمور" هي التي تحدد ماذا ستفعل في نهاية المنحنى.. وحين يكون هناك من هو مرتبط بنهاية المنحنى، ففكر قبل أن تطلق لأحاسيسك مساحاتها، هناك من يراقب وينتظر ماذا ستفعل، لنحاول أن نحول حسابات البؤس إلى سعادة، والخوف إلى طمأنينة، والأنانية إلى إيثار وتعاون، لنحاول ونراقب كم من التغييرات سوف تسكن في محيط مجتمعنا وفق تأثيرنا وجمهورنا، لنكافح من أجل حياة أفضل وغد أجمل ومستقبل واسعة أبوابه، كونوا صادقين مع أنفسكم، اصدقوا الأفعال مع النوايا، سعادتنا من داخلنا، تعاستنا من محيطنا، فنحن إذن هنا يمكن أن نعرف هل نحن متأثرين أم مؤثرين، سعادة مجتمعنا ووطننا بين أيدينا، وحياتنا من صنع أفكارنا.. فلنبدأ من الآن مسيرة المحبة والتعاون والتقدير والمسامحة والعفو عند المقدرة وكظم الغيظ.. لنحاول
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق