• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

أنت ناجح

د. سلمان بن فهد العودة*

أنت ناجح

◄يُعَد "أديسون" رابع أكثر مخترع إنتاجاً في التاريخ، ويمتلك 1093 براءة اختراع أمريكية تحمل اسمه، فضلاً عن العديد من براءات الاختراع في المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا.

كان يعمل 18 ساعة في اليوم ويقول: إنّ العبقرية جَلَد 99% وذكاء 1%، وكانت زوجته تقول: إنّه لا يملك الحب.

استعرضت سير الناجحين تاريخياً وواقعياً، فوجدت الصبر والمثابرة صفة مشتركة لديهم جميعاً.

النجاح مرتبط بالجَلَد وعدم الاستجابة للملل واستمرار المحاولة، الجديد هنا أنّ المثابرة هي "عادة عقلية" يمكن تعلمها والتدريب عليها.

لا تخف، فليس الحصول على النجاح في مقابل الحب كما في حالة "أديسون" بإمكانك الحصول عليهما معاً!

صديقي يطرح فكرته بحماس وكأنّه لا عيب فيها، وبعد النقاش يهدأ حماسه ويفكر من جديد.

التحكم والتأني في مواجهة الحقائق والاحتمالات وتمحيص الفكرة وإعادة النظر فيها وتجريبها ومناقشتها "عادة عقلية".

تتراوح أفكار الشخص العادي ما بين 50-60 ألف فكرة يومياً، بمعدل فكرة جديدة كلّ ثانية خلال 16 ساعة (ساعات اليقظة).. ماذا تأخذ وما تدع منها؟

يقضي الطالب 55% من حياته مصغياً، ومع ذلك فالإصغاء هو أقل شيء يتعلمه في المدرسة، فالمطلوب هو الإصغاء النقدي والتفكير المحكم وليس التلقين وهز الرؤوس.

الإصغاء بتفهم هو بداية الحكمة، ويعني قدرة المستمع على تحليل المعاني الواردة في أقوال الآخرين وكسب ودهم وتخفيف انفعالهم وإشعارهم بالاهتمام.

اكتشف أخيراً أنّ الطرق الموصلة إلى مدينته عديدة، بعضها أقرب، وبعضها أجمل، وبعضها أكثر أماناً، ولم يكتشف أنّه مازال يجهل طرقاً أخرى للوصول.

التفكير المرن من أصعب عادات العقل، لأنّ المرونة تعني معالجة المواقف بطريقة غير التي تعودها المرء، تعني تغيير طريقة الدماغ في التفكير وإيجاد البدائل.

(فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لا تُبْصِرُونَ) (الحاقة/ 38-39)، (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا) (الإسراء/ 85).

هل سألت نفسك يوماً: لماذا تفعل شيئاً ما؟ ولماذا لا تفعل وما لا نعرف، وأن يكون الإنسان أكثر إدراكاً لتبعات أفعاله وتأثيرها على الآخرين وتوظيفها.

في الحكمة: من يرتكب غلطة ولم يصلحها فكأنّه ارتكب غلطتين، علينا أن نتعلم منذ الصغر أنّ التسرع يؤدي إلى ارتكاب الأخطاء وتكرارها، الدقة مهمة حتى في أصغر التفاصيل؛ "أن يتقنه".

يميل العقل العربي إلى حكاية أكاذيب وتوهمات وإخفاء الحقيقة، حفاظاً على "الوجه"، ولذا لا يقر بالهزيمة ولا يحسن الاعتذار، يستخدم "الفهلوة" للتكيف لفظياً مع الخطأ، وتسليك الأمور.

الوصول إلى الدقة هو نتيجة التفكير الناقد الصبور المتجدد، الدقة تعني عدم التسرع.

-         لماذا تنمو أظفار اليد أسرع من أظفار الرجل؟

-         ما سبب الحروب والصراعات في العالم؟

أهم من الإجابة أن يتعلم الطفل طرح الأسئلة والتفكير فيها وعدم قبول الأمور على علاتها، وقد وُصف ابن عباس بأنّه "فتى الكُهول له قلبٌ عَقول ولسان سَؤول".

التساؤل مهارة عقلية قبل أن تكون لسانية، إنّه انفتاح العقل على ظاهرة صغيرة أو كبيرة تقتضي أن يبحث عن سببها.

لا تزدر السؤال، فسؤال "نيوتن" كان وراء اكتشاف الجاذبية.

-         "المطب" الذي فاجأك في الطريق يجب ألا يفاجئك مرة أخرى؛ "لا يُلْدَغ المؤمنُ من جُحْرٍ واحدٍ مرتين".

الأذكياء يتعلمون من تجاربهم وتجارب الآخرين، والأغبياء يكررون أخطاءهم.

تطبيق المعلومات القديمة على أوضاع جديدة يعني استخلاص العبر والنتائج من حادث سابق، وتطبيقه في سياق آخر، ولو كانت الحوادث لا تتشابه تماماً، لكن الأذكياء يستطيعون استخراج النتائج المفيدة وتوظيفها في حالات مشابهة، وتجنب الوقوع المتكرر في الحفرة ذاتها.

هل أنت ممن يقضون حياتهم غافلين عن طبيعة ما حولهم من المواد والأصوات والأنماط والألوان؟ هل تُفَضِّل لمس الأشياء أو الاقتراب منها، أم تفضل مراقبتها من بعيد؟

استخدام الحواس وتوظيفها في بناء المعرفة "عادة عقلية"، وفي هذا السياق يجب الاهتمام بحواسنا ولفت نظرها للبيئة وما حولها من جمال متعدد الألوان والأنواع والأصوات.

ربما كان برنامج "أنستغرام" أداة طيعة وسهلة في تنمية هذا الاهتمام.

الإبداع الأدبي أو التقني كان صورة ذهنية في عقل صاحبه قبل أن يتمثل في الواقع اختراعاً أو إبداعاً.

تصور نفسك قائداً لمجموعة أو معلماً أو مديراً أو رئيساً، ماذا ستفعل؟

"كيف بك يا سُراقة إذا لبستَ سواري كِسْرى".

التصور والابتكار والقدرة على التخيل "عادة عقلية".►

 

*رئيس مؤسسة الإسلام اليوم

المصدر: مجلة المجتمع/ العدد 2070 لسنة 2014م

ارسال التعليق

Top