أشخاص كثيرون مصابون بمرض "الأنيميا" أو فقر الدم الناتج عن نقص الحديد من دون أن يعرفوا بالأمر، ذلك أن أعراض هذا المرض شائعة. علاج هذا النوع من الأنيميا متاح بسهولة، لكن الوقاية منه أسهل، وهي تأتي من خلال التغذية المتكاملة. في التالي من الأسطر، سوف تتعرف على المزيد من هذا المرض وكيفية تشخيصه، وعلاقته بالكريات الحمراء في الدم.
الأنيميا هي عندما يكون مستوى كريات الدم الحمراء لدى الإنسان أقل من الطبيعي، وهو الشيء الذي يجعل من الصعب على الدم أن يقوم بوظيفته في حمل الأوكسجين، ما يُسبِّب لدى المريض شعوراً غير اعتيادي بالتعب وأعراضاً أخرى. ينخفض عدد الكريات الحمراء في الدم في حالة تقلُّص عدد الكريات التي يتم إنتاجها أو ارتفاع في نسبة الكريات الحمراء التي يتم فقدها.
- كريات الدم والأوكسجين:
من خلال النبض، يقوم القلب بضخ الدم إلى جميع أنحاء الجسم عبر الشرايين، والكريات الحمراء الموجودة في الدم، هي التي تحمل الأوكسجين من الرئتين لتوزعه على جميع خلايا الجسم، التي تقوم بدورها باستعماله في حرق السكر والدهون، وهذه الأخيرة هي التي تعطي الجسم الطاقة.
خلال هذه العملية يتم إنتاج "ديوكسيد الكربون" كفضلة ينبغي طرحها خارج الجسم، ويلتصق "ديوكسيد الكربون" بكريات الدم الحمراء نفسها، التي أوصلت الأوكسجين إلى الخلايا. ولكن هذه المرة في طريق عودتها، فهي توصل الأوكسجين، وتأخذ بدله "ديوكسيد الكربون" لتوصله إلى الرئة، ليتم استبداله من جديد بالأوكسجين من خلال عملية التنفس. وتسمَّى هذه العملية الأخيرة الأكسدة.
- لماذا يسبب نقص الحديد الأنيميا؟
يتم إنتاج كريات الدم الحمراء على مستوى النخاع العظمي ثم تبدأ في التحرك داخل الجسم، حيث يكون معدل عمرها هو أربعة أشهر، تتجدد بعدها. يحتاج الجسم إلى الحديد الذي يأتي من فيتامين "بي 12" ومن "حمض الفوليك" (الذي ينتمي إلى مجموعة الفيتامينات بي) من أجل إنتاج المزيد من خلايا الدم الحمراء. وإذا كان لدى شخص ما نقص في أحد هذين العنصرين أوكليهما فإنه يصاب بالأنيميا.
وأنيميا نقص الحديد، هي أكثر أنواع الأنيميا انتشاراً، خاصة لدى النساء، ففي بريطانيا مثلاً واحدة من كل ثماني نساء مصابة بهذا النوع من الأنيميا، وفي أميركا واحدة من كل خمس نساء مصابة بها، بينما في أميركا ذاتها واحد فقط من كل خمسين رجلاً يصاب بأنيميا فقر الدم. ومما يقوِّي احتمال الإصابة بأنيميا نقص الحديد لدى النساء، هو الدم الذي يُفقد خلال الدورة الشهرية، خاصة منهنَّ اللائي يفقدن دماً غزيراً خلال أيام الحيض كل شهر. ومن النساء المعرَّضات أيضاً لهذا المرض، المدخنات أو اللائي يتَّبعن حمية غذائية خالية من الحديد.
- أسبابها:
عندما يُصاب الأطفال بأنيميا نقص الحديد، فإنَّ السبب يكون هو عدم تناولهم أطعمة غنية بالحديد. أما لدى الكبار فإنَّ السبب الأكثر شيوعاً، هو فقدهم دماء يصعب على الجسم أن يعوضها. ونجد إصابات أكثر بأنيميا نقص الحديد لدى الأشخاص النباتيين الذين لا يأكلون أي أغذية حيوانية، لأن أهم مصدر للحديد هو اللحوم الحمراء، كما يمكن أن نجدها عند بعض الأطفال الرضع، خاصة إذا كانوا خُدَّجاً (أي وُلِدوا قبل إتمام تسعة شهور من الحمل). فتخزين الحديد لا يتم إلا في الأشهر الأخيرة من الحمل.
وبما أن الجسم يحتاج إلى حديد أكثر، عندما تحدث عمليات انقسام الخلايا بكثرة، مثلما يحدث أثناء الحمل ولدى الأشخاص في سن النمو، فإن المرأة الحامل والأطفال مُعرَّضون أيضاً للإصابة بهذا المرض. إضافة إلى أن فقد الدم بغزارة أثناء أيام الحيض لدى النساء، يمكن أن يسبب هذا المرض، فإن هناك مسببات أخرى كأمراض الأمعاء، مثل مرض السيوليك أو مرض كرون اللذين يُقلِّلان من قدرة الجسم على امتصاص الحديد.
وإذا كنت مصاباً بأنيميا نقص الدم ولا تجد أي سبب من هذه الأسباب، التي سبق ذكرها كمسبِّبات راجع طبيبك، لأن نقص الحديد يرتبط في أحيان نادرة بأمراض مثل القرحة المعدية أو السرطان أو التهاب في الأمعاء.
- أعراضها:
من أعراض مرض الأنيميا عموماً نقص الحديد، الشعور بالإعياء والإحساس بنبضات القلب بوضوح، وصعوبة في التنفس، ودوار أو دوخة أحياناً. إذا كانت الأنيميا حادة فيمكن أن يشعر المريض بألم الحلق وصداع أو ألم في الساقين. وإضافة إلى هذه الأعراض العامة للأنيميا، فإن هناك أعراضاً خاصة فقط بأنيميا نقص الحديد، مثل الإحساس بحرقة في اللسان وجفاف في الفم والحلق، وتقصف الشعر، وقرحة في حافة الفم، وتغير الإحساس بالملمس، وأظفار مقوَّسة الشكل، وسهلة الكسر مع خطوط عمودية عليها، وأيضاً صعوبة في البلع.
- علاجها:
الدواء المتوافر والبسيط لعلاج أنيميا نقص الحديد، هو كبسولات الحديد، وهي متوافرة في جميع الصيدليات، ويُنصح بتناولها من خلال وصفة الطبيب، وهي تعادل بسرعة نسبة الحديد في الدم، إذا كان قد تم علاج العلة المسببة لها. كبسولات أو أقراص الحديد تسبب أحياناً توتراً في المعدة، لهذا يُنصح بتناولها بعد الأكل لتفادي ذلك. ومن آثارها الجانبية أنها قد تُسبِّب إمساكاً أو إسهالاً في حالات قليلة. قد يحتاج بعض المرضى إلى أخذ حقن حديد على مستوى العضلات كبديل عن كبسولات الحديد، لكن هذه الوسيلة في العلاج أقل رواجاً لدى المرضى من كبسولات الحديد.
- الوقاية:
على الفرد أن يهتم بتغذيته وينوعها ويتناول أطعمة تنتمي إلى كل المجموعات الغذائية المهمة لجسمنا، من بروتينات وسكريات ودهون وفواكه وخضار، ومعروف أن الحديد، كمادة غذائية، متوافر بكثرة في الكبد ولحم البقر والخبز الكامل والبيض والحبوب والقطاني والفواكه المجففة. وإذا كانت المرأة ذات حيض غزير، فعليها أن تستشير طبيبها لأنها معرضة أكثر من غيرها لهذا المرض. والمرأة الحامل أيضاً مُعرَّضة لمرض أنيميا نقص الحديد. لهذا عليها أن تستشير الطبيب قبل الحمل أو أثناءه، لكي يصف لها ما عليها أن تتناوله من غذاء أو دواء.
ارسال التعليق