دور الأُم أساسي
"القراءة ضرورية لكل إنسان، لأنها تساعده على الحصول على أفكار ومعلومات جديدة وحديثة بطريقة مجانية. وهي ضرورية أيضاً لتأمين حياة سعيدة ناجحة ومنتجة. والقراءة من أهم المهارات الأساسية التي يجب أن يتعلّمها الطفل، وتُعتبر خطوته الأولى نحو التعليم. تتطور هذه المهارة، كما المهارات الأخرى، عن طريق التدريب الطويل المستمر"
إنّ تعليم القراءة للطفل مثل تعليمه الكلام. ولكن هناك فرقاً كبيراً بينهما. فتعليم الكلام لا يتطلب إلا تواصلاً دائماً مع الطفل عبر الكلام، في حين أنّ تعليم القراءة يحتاج إلى تخصيص وقت تمضيه الأُم يومياً مع الطفل إلى أن يتقن هذه المهارة. والطفل القارئ الممتاز هو طفل واثق بنفسه، جريء، يحترم نفسه إلى حد بعيد، قادر بكل سهولة على الإنتقال من ضرورة تعلُّم القراءة إلى ضرورة القراءة للتعلُّم.
كيف نشجِّع الطفل على القراءة؟
يتعلّم الطفل القراءة عن طريق التشجيع. وفي إمكان كل أهل طفل مساعدته ليصبح قارئاً جيداً. ولكن، يجب عدم إجباره على القراءة، لأنّ الإجبار يؤدي إلى كره الطفل القراءة، واعتبارها مهمة روتينية شاقة وبغيضة.
تبدأ عملية تشجيع الطفل على القراءة في سن مبكرة. إنّ قراءة قصة ممتعة للطفل ليلاً قبل النوم، هي بمثابة الخطوة الأولى ليتعلم الطفل القراءة ويستمتع بها. فالطفل يظهر، منذ لحظة ولادته وإلى أن يصبح في سن الخامسة، فضولاً قوياً للتعرُّف إلى كل شيء وأي شيء. وهذا يُعتبر فرصة جيدة لتعريفه إلى الكتب. والقراءة ليلاً للطفل تخلق روابط قوية بين الأُم والطفل، وتساعد على تخليصهما من الشعور بالإجهاد، وتساعد الطفل على النوم.
سبب آخر يُوجب البدء في تعليم الطفل القراءة في سن مبكرة، هو أنّ الطفل في هذه السن يكون توّاقاً للحصول على اهتمام الآخرين والتأثير في مشاعرهم. لذا، على الأُم انتهاز الفرصة وإبداء الإهتمام بطفلها عن طريق تمضية بعض الوقت معه في قراءة قصص قصيرة له، فهي بذلك تساعد على تحفيز فضوله الفكري الذي يشبه الإسفنجة بقدرته على الإمتصاص.
في العادة، يظهر الأطفال رغبة في تعلُّم القراءة في سن الخامسة أو السادسة. ولكن على الأُم أن تغرس حُبّ القراءة عند طفلها في سن مبكرة. ويمكنها أن تبدأ بقراءة قصص قصيرة مشوّقة تقوم بتمثيل دور كل شخصية من شخصياتها بتغيير نبرة صوتها أثناء القراءة، بما يتناسب مع الشخصية، فهذا يساعد الطفل على الإستمتاع بهذه التجربة الممتعة، وعلى تطوير لغته ومهارته على التواصل.
من المهم ألا يغيب عن ذهن الأُم أنّه من الضروري أن تكون تجربة القراءة ممتعة للطفل. وقد تساعد الآراء التالية الأُم على تحفيز ذهن طفلها ليستمتع بالقراءة:
* تشجيع الطفل على القراءة بصوت عالٍ: على الأُم أن تشجِّع طفلها على القراءة بصوت عالٍ، لأنّ القراءة بصوتٍ عالٍ تساعد الطفل على فهم النص، وتُعزِّز قدرته على التركيز، وتُحسِّن مهارته الكلامية واللفظية.
* أن تتبع الأُم برنامجاً يومياً للقراءة لطفلها: لا شيء يشجِّع الطفل على حبّ القراءة، وعلى اعتماد الكتاب رفيقاً دائماً إلا القراءة له خاصة بصوت عالٍ. وأثناء قراءة الأُم لطفلها، عليها أن تُحرِّك إصبعها في اتجاه الكلمة التي تقرؤها. فهذا يساعد الطفل على الربط بين الكلمتين المقروءة والمطبوعة.
* على الأُم أن تتأكّد من استعداد طفلها للقراءة: إذا أظهر الطفل اهتماماً في تعلُّم الحروف وفي تصفُّح الكتب أو المجلات، فقد يدل ذلك على استعداده للبدء في تعلُّم القراءة. إنّ تعلُّم القراءة لا يتم بين ليلة وضحاها. وإذا حاولت الأُم تعليم طفلها قبل الأوان أو بسرعة، سينتهي بها الأمر هي وطفلها إلى الإحباط. إذا لم يُبدِ الطفل رغبة في تعلُّم الأحرف، فعليها الإنتظار مدة شهر أو شهرين، ثمّ تعود وتحاول مرّة أخرى. فبعض الأطفال يُظهرون رغبة في تعلُّم الأحرف في سن الثانية، بينما لا يُبدي آخرون رغبتهم إلا في سن الرابعة أو الخامسة. وعلى الأُم أن تتبع رغبة طفلها قبل أن تتخذ قرارها في تعليمه القراءة.
* تعليم الطفل صوت كل حرف: يمكن أن تتبع الأُم أسلوباً مرحاً أثناء تعليم طفلها أصوات الأحرف. مثلاً، يمكنها قول: "رأيت بس.. سس.. سس سة". إنّ صوت الحرف أهم كثيراً من اسم الحرف، لأنّ الطفل يحتاج إلى الجمع بين أصوات الأحرف حتى يتمكّن من صياغة الكلمات. فإذا ركّزت الأُم على تعليم طفلها اسم الحرف، عندها يحتاج إلى خطوة أخرى ليتعلّم كيف يلفظه وليتعرّف إلى صوته.
* التركيز على حرف واحد في كل مرّة: بدلاً من أن تحاول الأُم تعليم طفلها أحرف اللغة جميعها في وقت واحد، عليها التركيز على حرف واحد في اليوم، أو حتى في الأسبوع. فهذا يساعد الطفل على التمكُّن من معرفة صوت كل حرف، الأمر الذي يُشعر الطفل بالفخر لقدرته على تمييز أصوات الأحرف.
* الدمج بين النظر والصوت واللمس أثناء تعليم الأحرف: بعض الأطفال يتعلمون الحروف بسرعة أكثر عند رؤيتها أو سماعها. على الأُم أن تشجع طفلها على رسم الحرف ثمّ إلصاق صورة لشيء ما يبدأ اسمه بالحرف الذي رسمه الطفل. مثلاً، إلصاق صورة كتاب أو كلب فوق الحرف (ك) الذي رسمه الطفل، أو صورة منزل أو مجلة فوق الحرف (م).. إلخ، أو أن تغني لطفلها أغنية تتضمن الحرف الذي تريد تعليمه له، أو تقرأ عليه نصاً قصيراً يتكرر فيه الحرف الذي تريد تعليمه لطفلها. على الأُم أن تلجأ إلى استخدام أساليب إبداعية لتعليم الطفل صوت كل حرف.
* تجنُّب التركيز على قواعد اللغة: على الأُم ألا تركز على القواعد عند البدء في تعليم طفلها القراءة، لأن فكر الطفل الصغير محدود ولا يستطيع فهم واستيعاب قواعد اللغة المعقدة. ومن غير الضرورية تعليم الطفل أحرف العلة والأحرف الساكنة، ولا النصب والجر والجمع.. إلخ. إذ في استطاعته أن يتعلّم القراءة من دون أن يُتقن قواعد اللغة. فالطفل يبدأ في تعلم القواعد عندما يصبح في عمر السادسة، ثمّ تزداد معرفته بها كلما انتقل إلى مرحلة تعليمية جديدة. حتى ذلك الحين، على الأُم التركيز على تعليم القراءة فقط.
* تعليم الكتابة إلى جانب القراءة: يتعلّم الطفل الكتابة بسهولة أكثر إذا تعلّم القراءة في الوقت نفسه. فبهذه الطريقة يزداد احتمال تذكر الطفل الحرف، لأنّه يحاول الجمع بين صوت الحرف وشكله مكتوباً.
* تجنب استخدام الأشرطة السمعية لتعليم الطفل القراءة: لا يستطيع الطفل الصغير صرف وقت طويل في ممارسة أي نشاط، خاصة إذا كان هذا النشاط يُشكِّل تحدياً له. لذا، فإنّ الأشرطة التعليمية، خاصة تلك المقرونة بصوت موسيقى، تُشتِّت تركيز الطفل وتصرف انتباهه فلا يُركِّز على سماع الكلمات. إنّ أهم أداة لتعليم الطفل القراءة هي طاولة المطبخ، حيث تجلس الأُم مع طفلها وتمضي معه كل يوم دقائق معدودة بين حين وآخر وتعلمه القراءة خطوة بخطوة.
* يجب أن تكون الأُم المثال الجيِّد للطفل: عندما يشعر الطفل بأنّ الكتاب مهم للأُم، فمن المحتمل أن تزداد رغبته في تعلم القراءة. والطفل الذي ينشأ ضمن أسرة تحب القراءة لابدّ أن يحب القراءة هو أيضاً. يجب أن تجعل الأُم القراءة مادة أساسية وثابتة في المنزل. كما يجب عليها تقليل الوقت الذي تمضيه هي وأطفالها في مشاهدة التلفزيون. لقد دلّت الدراسات أنّ الأشخاص الذين يقللون من مشاهدة التلفزيون يقرأون أكثر.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق