هي فاطمة بنت حزام، وأُمّها ثمامة بنت صهيل بن عامر. ولادتها السنة الخامسة للهجرة. كانت تُكنى بـ(أُمّ العباس، أُمّ البنين) وكنيتها بأُمّ البنين على كنية جدتها من قبل آباء الأُمّ. لقّبها الإمام أمير المؤمنين عليّ (ع) بأُمّ البنين، لمّا التمست منه أن يلقّبها بلقب يناديها به، ولا يناديها باسمها، لئلا يتذكّر الحسنان (عليهما السلام) أُمّهما فاطمة (ع) يوم كان يناديها في الدار. ومما يظهر أنّ لفظ أُمّ البنين أصبح كنية ولقباً لها (ع). مما لا يختلف عليه اثنان في شجاعة قومها وبسالتّهم ونجدتهم وإقدامهم في ساحة الحرب والميدان فمنهم مالك بن البراء ملاعب الأسنة ومنهم عامر بن الطفيل وهم يضمون الكرم والسخاء إلى النجدة والفروسية وفي قول عقيل لأخيه الإمام عليّ (ع) لمّا أراد الزواج فأشار عليه بأُمّ البنين. قال الإمام عليّ (ع) مُخاطباً عقيل وكان نسابة عالماً بأخبار العرب وأنسابهم "أبغني امرأة قد ولدتها الفحول من العرب لأتزوجها فتلد لي غلاماً أسداً" فقال له عقيل: أين أنت من فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابية فإنّه ليس في لعرب أشجع من آبائها ولا أفرس.. فهي من أجلّ الأُسر العربية، وقد عرفت بالنجدة والشهامة. فنشأت أُمّ البنين في حضانة والدين شفيقين حنونين هما حزام بن خالد بن ربيعة، وثمامة بنت صهيل بن عامر، وكانت ثمامة أديبة كاملة عاقلة، فأدبت ابنتها بآداب العرب وعلّمتها بما ينبغي أن تعلمها من آداب المنزل وتأدية الحقوق الزوجية وغير ذلك مما تحتاجه في حياتها العامّة. كما وكانت أُمّ البنين لها قابلية للتعليم، فقد وهبها الله عزّوجلّ نفساً حرة عفيفة طاهرة وقلباً سليماً زكياً طيباً ورزقها فطنة وذكاء، وعقلاً رشيداً أهّلها لمستقبل سعيد. فلما كبُرت وبلغت مبالغ النساء كانت مضرب المثل، لا في الحسن والجمال والعفاف فحسب، بل وفي العلم والآداب والأخلاق، بحيث اختارها عقيل بن أبي طالب لأخيه أمير المؤمنين (ع)، وما ذلك إلّا أنّها كانت موصوفة بهذه الصفات بين نساء قومها بالآداب الحسنة والأخلاق الكاملة، علاوة على ما هي فيه من النسب الشريف والحسب المنيف مما جعل عقيل بن أبي طالب يرى فيها الكفاءة بأن تكون قرينة أخيه أمير المؤمنين (ع) وشريكة حياته. حيث رُزقت من عليّ أمير المؤمنين (ع) بأربعة من البنين: (العباس، عبد الله، عثمان، جعفر). ولهذه السيِّدة الزكية مكانة متميّزة عند أهل البيت (عليهم السلام)، فقد أكبروا إخلاصها وولاءها للإمام الحسين (ع)، وأكبروا تضحيات أبنائها المكرمين في سبيل سيِّد الشهداء (ع)، حيث كانت أُمّ البنين من النساء الفاضلات، العارفات بحقّ أهل البيت (عليهم السلام)، مخلصة في ولائهم، ممحضة في مودّتهم، ولها عندهم الجاه الوجيه، والمحلّ الرفيع، وقد زارتها زينب الكبرى بعد وصولها المدينة تعزّيها بأولادها الأربعة، كما كانت تعزّيها أيام العيد، وإنّ زيارة حفيدة الرسول (ص) وشريكة الإمام الحسين (ع) في نهضته زينب الكبرى (ع) لأُمّ البنين، ومواساتها لها بمصابها الأليم بفقد السّادة الطيبين من أبنائها في واقعة الطف، مما يدلّ على أهمية أُمّ البنين وسموّ مكانتها عند أهل البيت (عليهم السلام). وقامت السيِّدة أُمّ البنين برعاية سبطي رسول الله (ص) وريحانتيه وسيّدي شباب أهل الجنّة الحسن والحسين (عليهما السلام)، وقد وجدا عندها من العطف والحنان ما عوّضهما من الخسارة الأليمة بفقدهما أُمّهما سيِّدة نساء العالمين. لقد كانت السيِّدة أُمّ البنين تكنّ في نفسها من المودّه والحبّ للحسن والحسين (عليهما السلام) ما لا تكنّه لأولادها الذين كانوا ملء العين في كمالهم وآدابهم. لقد قدّمت أُمّ البنين أبناء رسول الله (ص)، على أبنائها في الخدمة والرعاية، فقد كانت ترى ذلك واجباً دينياً فوفت بحقّهما وقامت بخدمتهما خير قيام. فأُمّ البنين (ع) هذه الشخصية التاريخية الباهرة الفذة التي أفنت حياتها كلّها في تربية الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة (عليهما السلام). توفيت أُمّ البنين (ع) في الثالث عشر من جمادى الثاني من السنة الرابعة والستين للهجرة النبوية الشريفة بالمدينة المنوّرة، بعد مقتل الحسين (ع). دُفنت (ع) في مقبرة البقيع بالقرب من إبراهيم، وزينب، وأُمّ كلثوم، وعبد الله، والقاسم وغيرهم من الأصحاب والشهداء.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق