• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

إدارة الوقت الخاص بفاعلية

د. عدي عطا حمودي

إدارة الوقت الخاص بفاعلية

◄إنّ الوقت المستخدم للتفكير والتخطيط يعد وقتاً مستغلاً استغلالاً جيداً. وفي الواقع، إن عجزت عن تخصيص بعض الوقت للتخطيط فإنّك – والحقّ يقال – تخطط بالفعل للفشل. نظِّم نفسك بطريقة تبدو معقولة لك. إن كنت تحتاج إلى ألوان أو صور فاستخدمها كثيراً في تقويم العمل أو كتاب التخطيط. بعض الناس يحتاج إلى وضع الأوراق في ملفات، والبعض يجد أنّ طاقتهم الإبداعية تبرز في تكويم الأوراق وتراكمها أمامهم. ولذلك عليك أن تنسى "ما يجب وما ينبغي" ونظِّم نفسك بالطريقة التي تريحك.

أما الأهداف فإنّها حياتك والطريقة التي تقضي بها وقتك معنى وتوجه. فعند سؤال الأخوة "هنت" من تكساس عن السر الكامن خلف قدرتهم على جمع تلك الثروة الطائلة أجابوا: "أوّلاً عليك أن تقرر ما تريده". ضع أهدافاً محددة يمكن قياسها وواقعية يمكن تحقيقها. ولتكن غايتك القصوى تتمثل فيما يدفعك إلى الامتداد وليس الانكسار طالما وأنت تكد وتثابر لتحقيق الإنجاز. يمكن للأهداف أن تمنح الأشخاص المبدعين إحساساً مطلوباً بالتوجه.

في عودة إلى استخدام قانون الاقتصاد الإيطالي فيلفريدو باريتو (20/80) والقائل أنّ 80% من المحصلات النهائية والنتائج تتحقق بـ20% من الجهود. والحيلة في ذلك تكمن في قدرتك على الانفصال لتعيين تلك العشرون بالمائة ذات القيمة العالية. وحينما تستطيع تحديده وتعيينها، ضع أولويات لوقتك وركِّز جهودك العملية على تلك الأمور التي يتحقق منها أفضل النتائج. والأمور المتضائلة والمرتبطة بأوقات محددة هي من الأشياء التي تستدعي التزامك بقائمة الأولويات.

يجهد بعض الناس أنفسهم في استخدام قائمة "ما يجب عمله"، وهي الأشياء التي وضعوها في أواخر اليوم السابق أو في مطلع اليوم الراهن. وبعض الأشخاص ربما يقومون بدمج قائمة "ما يجب عمله" مع التقويم المعلق على الجدار أو مع جدول زمني. والآخرون يفضلون قائمة سارية لما يجب عمله، ويتم تحديث القائمة باستمرار. استخدم أي من المناهج أو الأساليب التي تناسبك، ولا تتخوف من استخدام نظام جديد. فقد تجد نظاماً أفضل ما تتبعه حالياً.

يقترح الخبراء المختصون بإدارة الوقت أن تمنح بعض من وقتك للمقاطعات والتدخلات الطارئة، فهم يقترحون أنّ تخطط 50% من وقتك أو أقل من ذلك لتلك التدخلات والمقاطعات. وستكون مرناً للتعامل مع المقاطعات والتدخلات الطارئة حين تخطط لخمسين بالمائة من وقتك لها. وحينما تتوقع بأنّه سيتم مقاطعتك، ضع جدولاً للمهام الروتينية واحتفظ أو ضع حيزاً أكبر من وقتك المخصص للأولويات. وحالما يتم مقاطعتك ضع سؤال الآن لكن في ذهنك وهو "ما هو الأمر الأكثر أهمية والذي كان ينبغي أن أقوم به الآن؟ حتى تتمكن من العودة العاجلة إلى المجرى الطبيعي لعملك".

يجدر بك أن تحدِّد الوقت الأمثل لأدائك الأفضل، وذلك يحدِّد بأنّه أفضل وقت لك خلال اليوم، فهل أنت "عصفور الصباح الباكر" أو "عين الليل الساهر" أو "أنت عظيم البراعة "وحاوي الظهيرة". وعليه، ينبغي عليك أن تحدِّد الوقت الذي تكون فيه في أفضل حالاتك للعمل لتخطط لذلك الوقت لأولوياتك "إن كان الأمر ممكناً" وذلك من الإدارة الفعّالة للوقت.

ينصح خبير إدارة الوقت "بيتر دروكر" قائلاً: "عمل الأمر الصحيح أكثر أهمية من عمل الأمور على الوجه الصحيح". فعمل الأمر الصحيح هو من الفعالية لإدارة الوقت ولكن عمل الأمور على الوجه الصحيح هو من الكفاية في الإنجاز. فركّز أوّلاً على الفعالية (حدِّد ما هي الأمور الصحيحة التي ينبغي عملها) ثم صوب جهودك على الكفاية (في تحقيقها على الوجه الصحيح).

هنالك أمور ملحة تبرز عند قيامك بإدارة الوقت، إذ يتمخض عن الأمور الملحة نتائج قصيرة المدى بينما تنطوي المهام الهامة على أهداف بعيدة المدى ونتائج كذلك بعيدة المدى. وإن عملت على تخفيض الأمور الملحة، وعليك القيام بذلك حتى يتوفر لديك وقت للأولويات الهامة. وضع الرايات أو العلامات على المهام في قائمة "ما يجب عمله" أو وضع وقت محدّد لإنجاز كلّ مهمة سيساعدك على السيطرة على المهام الهامة حتى لا تتحول إلى أمور ملحة وطارئة.

 

مارس فن الإهمال الذكي:

قد يتضمن جدول أعمالك بعض المهام التي لا يكون لها تأثير طويل المدى عليك، وهنا عليك أن تشطب من حياتك المهام التافهة أو تلك المهام التي لن يكون لها تأثير طويل المدى عليك. إذن، عليك أن تشطب أو تفوض أياً من مثل هذه الأمور من قائمة "ما يجب عمله"؟ واعمل على إنجاز المهام التي يمكنك أنت وحدك إنجازها.

يفكر البعض ملياً في الإنجاز عند مستوى الكمال، غير أنّ الكمال لله وحده، ولا يستطيع إلّا الله وحده إبداع وتحقيق الكمال. وعندما ننجز شيئاً فلابدّ أن يكون هنالك عيباً أو زلة غفلت عنها. وقد يعمل المرء على إنجاز عمله بقصد تقديمه خالياً من أي عيب ولكنه لن يحقق الكمال، والتركيز كثيراً نحو التفاصيل غير الضرورية يعد شكلاً من أشكال التأجيل والتأخير.

ويصف الآن لاكين تقنية "الجبن السويسري" وذلك عندما تحاول اجتناب أمراً ما فاعمل على تقسيمه إلى مهام فرعية صغيرة واعمل على إنجازها، أو حدّد وقتاً لعمل أكبر مهمة فرعية لمدة خمسة عشر دقيقة فقط. وعندما تعمل بالتدريج على المهام الفرعية قليلاً وقليلاً ستجد نفسك وقد شرعت أخيراً بمحاولة إنجاز المهمة الرئيسية الكبيرة.

 

تعلم قول كلمة "لا":

ينظر كثير من الناس إلى كلمة "لا" على أنّها كلمة صغيرة ولكنه يعاني صعوبة بالغة للتلفظ بها في كثير من الأحيان. ولكن قد يساعدك ذلك بالتركيز على أهدافك. خصص وقتاً للأمور الهامة وغير المجدولة – على الرغم – والأولويات مثل الأسرة والأصدقاء الذين يمكنهم مساعدتك. ولكن عليك أن تقتنع بأنّك وأولوياتك من الأمور الهامة، ويبدو أنّ هذا الجزء صعباً لتتعلم التفوه بكلمة "لا". وعندما تقتنع بأهمية تلك الأمور سيكون من السهل عليك قول "لا" للأمور غير الهامة في حياتك.

لا يهتم البعض لتحقيق النجاحات الصغيرة ويعدها تحصيل حاصل لعمل أوسع. ولكن حتى للنجاحات الصغيرة، احتفل بإنجازك لأهدافك، واقطع وعداً على مكافئة نفسك عند إنجاز كلّ مهمة أو الانتهاء من عدد من المهام. ثم حقق وعدك بمكافئة نفسك وتمتع بها. وعمل ذلك سيحقق لك إقامة التوازن السليم بين العمل والمتعة، لأنّك إذا استطعت أن تحقق توازناً ممتازاً في عملك وفي متعتك ولهوك وراحتك فإنّ حياتك ستغدو أكثر سعادة وصحّة وذخيرة أكبر من الإبداع.

 

المبادئ المتكاملة لإدارة الوقت الفاعلة:

لقد أصبح الوقت المتاح أمام الإداريين الكبار والمديرين على درجة عالية من الأهمية حتى إنّ كثيراً من المنظمات اليوم تعتبر وقت الإدارة معياراً حاسماً للدخول في مشروعات جديدة، بدلاً من النظر إلى مدى العائد من استثمار هذا الوقت. إنّ عمل المدير أساساً مجزأ، ولهذا فإنّ وقته ينبغي أن يكون مجزأ بين إنجاز عمل اليوم والتفكير في نشاطات وأعمال الغد. ولهذا فإنّ الفائدة من وراء إدارة وقت المدير لا يمكن أن يبخس حقها.

إنّ الوقت مورد فريد في نوعه إذ أنّ كلّ شخص يملك منه نفس المقدار، كلّ عمل يحتاج إلى وقت لا يمكن شراؤه، وإنما الحل الحقيقي الوحيد هو استخدام أفضل للوقت المتاح وعلى هذا ينبغي على الإداريين والمديرين أن يتعلموا كيف يديرون عملية استخدام وقتهم، إنّ إحدى العادات الخمس المشتركة بين كلّ المديرين الفعّالين هي معرفة كيف يذهب وقتهم وكيف ينبغي أن يذهب. إنّ ممارسة إدارة الوقت عادة يمكن تعلمها. والتعلم يحدث بطرق متعددة، إحداها التجربة والخطأ والكثير من المديرين الناجحين تعلموا أن يحلوا مشكلات وقتهم بهذه الطريقة. ►

 

المصدر: كتاب مهارات إدارة وتنظيم الوقت

ارسال التعليق

Top