• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

إستطلاع الهلال وبدأ الصيام

د. الصفصافي أحمد المرسي

إستطلاع الهلال وبدأ الصيام

   من أكثر الليالي بهجة، وفرحة هي ليلة إستطلاع هلال رمضان.. فالكل في إنتظار، وترقب.. وما أن يُعلن الخبر حتى تعم البهجة.. ويتبادل الجميع التهاني.. وتحرص العائلات على أن تجمع كلّ عناصرها في الليلة الأولى من رمضان على مائدة الإفطار.

    -        مدفع الإفطار:

    لكي يتم الإعلام بدخول وقت الإفطار، وإنتهاء وقت الصوم، يؤدي الآذان من منارات الجوامع، وتضاء شرفات المآذن.. وتُطلق المدافع طلقاتها من شتى القلاع في المدن.. أو يتابعهما الملايين على شاشات التلفاز في الوقت الراهن.. ويُعلن المذياع الموعد، ويُذيع قبله الأحاديث الدينية.. كما أن إمساكيات رمضان التي طبعت من قبل، وتوزع كهدايا؛ تُحدد موعد الإفطار، والإمساك عن الطعام بعد تناول أطعمة السحور.

    -        المسحراتي:

    ومن أجمل ما كان سائداً في البلدان الإسلامية في شهر رمضان هو المسحراتي.. الذي كان يطوف في الإحياء، مردداً بعض التواشيح، والطقاطيق الدينية، أو الغنائية، وهو يضبط إيقاعاته على الطبلة التي يحملها.. كما كان المسحراتي؛ وهو يطوف ينادي على أهل الحي لكي يستيقظوا لتناول طعام السحور.. وقبيل نفاذ الوقت ينطلق المدفع إيذاناً بدخول صيام اليوم الجديد. ولكن إتساع المدن، وإزدحامها أدى إلى تلاشي هذه العادات، والأعراف الجميلة التي كان يتمتع بها الأجداد، فقد كانت فرصة أيضاً لأهل الخير، حيث كان المسحراتي، ومعه مساعدوه، أو بعض الأبناء الصغار، يطوفون في نفس الأحياء التي كانوا يطوفون بها لكي يتلقوا الهدايا العينية، أو المادية، كما كانوا يتلقون الأقمشة، أو الملابس من أهل الخير، والصدقات. إنّ رمضان كما أنّه شهر الصوم، والعبادة، والصدقات، فإنّه شهر التواصل والتراحم الأسري.. فالكل حريص على أن يتناول طعام الإفطار مع الأهل، أو الأقارب، أو الأصدقاء، أو الزملاء؛ ولو لمرّة واحدة خلال هذا الشهر الكريم... وعليه أن يلبي دعوة من سبق وأن دعاهم.. في العادة تبدأ الدعوات بعد اليوم الخامس عشر من رمضان.. النصف الأوّل مخصص للأهل، بحيث يدعوا الكبارُ الصغارَ، أي أنّ الجد أو الأب، أو الأُم.. يدعون أولادهم، وأحفادهم للإفطار عندهم أوّلاً، ثمّ يتبع ذلك، الصغارُ يدعون الكبار للإفطار لديهم.. أمّا النصف الثاني من رمضان أو إلى ما قبل العيد ببضع ليالي يتوجب على المسلم الصائم أن يُلبي الدعوات الخارجية.. أو الدعوات الجماعية، أو النقابية.. أو دعوات الآخرين من أصحاب العمل، وأصحاب الشركات.. أو الرؤساء في العمل.. كما أنّ بعض رجال الأعمال، وكبار التجار، والأثرياء يتفقون مع بعض المطاعم على إطعام عدد معيّن من الفقراء على حسابهم الخاص.. أو يقيمون موائد للإفطار في بيوتهم، ويقومون هم بأنفسهم على خدمة المفطرين لوجه الله تعالى.

 

 المصدر: كتاب القيم الأسرية بين الأصالة والمعاصرة

ارسال التعليق

Top