• ١٨ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٩ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

إلى أبي...

عمار كاظم

إلى أبي...
أبي الحبيب الذي رباني وكبرني وعلمني وحرم نفسه من أمور ليسعدني ويسعد أمي وأخوتي..

أبي الحبيب صاحب القلب الكبير، صاحب البسمة الدائمة، الحبيب الغالي، الوجه النضير، الأب المثالي، الرجل المتفاني في سبيل الله، كنت الأخ والصديق والأب للجميع، العبد المؤمن الصالح الواعي الذي اكسبه ثقة مراجع الدين العظام، رجل البر والاحسان، الأب البار بالأيتام والمساكين صاحب اليد البيضاء المعطاءة والخيرة الواعية، المجاهد الذي نذر عمره في خدمة الاسلام ومنهج أهل البيت عليهم السلام، صاحب القلب الرحيم .

رحل أبي شمعة البيت، رحل أبي صاحب الصدر الكبير، صاحب الكرم والجود الذي يملأ قلبه حبا ورحمة، رحل أبي صاحب الخلق والعطايا التي لن ينساها أهلها.

آه آه آه آه يا أبي رحيلك آلمني، رحيلك أبكى عيوننا، رحيلك آدمانا، رحيلك قطع شريان قلوبنا، رحيلك مؤلم يا أبي، رحيلك متعب لنا.

أتمنى أن أكون عند قبرك النير وأخرج كل ما بي من ألم وجراح ومعاناة، وأتذكر حنانك ودعاؤك وسؤالك وبسمتك وبكاؤك على الصغير والكبير.

كم اشتقتك لك يا أبي، وكم اشتقت لكلماتك، وكم اشتقت لآهاتك، كم اشتقت لك وأنت تسأل عن الصلاة ووقتها، وكم اشتقت لك وأنت تسأل عن أبنائي وهم يتلقون دراستهم في الخارج ، كم اشتقت لك يا أبي وأنت تسألني عن القريب والبعيد، كم اشتقت لك يا أبي وأنت تسألني عن رفاق دربك الذين غادروا الحياة، كم اشتقت لك وأنت تتألم لمصاب من تتلقى خبر وفاته أو مرضه.

كم أنت كبير حتى وأنت تتألم في سريرك لا يفارق تفكيرك هموم الأُمّة وهموم إخوانك، كم اشتقت لك يا أبي وأنت تترحم على جدي وجدتي وتقول رحمك الله يا أمي رحمك الله يا أبي، كم اشتقت لك يا أبي ووصيتك أمام عيني لا تقصروا مع الأيتام لا تقصروا مع الفقراء والمحتاجين، كونوا السند والعون لهم الله الله بهم.

كم اشتقت لك يا أبي ووصيتك بالوالدة حفظها الله تعالى، فقر عينا يا أبي نحن جميعا بخدمتها وتحت أقدامها وبخدمتها ليلاً ونهاراً ما بقينا.

كم اشتقت لك يا أبي ووصيتك بأبنائك بالتكاتف والتعاون والعمل يدا واحدة، فقر عينا أبناؤك سندك تربوا بين يديك، وها هم عصبة واحدة ويداً واحدة في بيت كريم، ربيتهم على المحبة والمودة وأحفادك بإذن الله على خطاهم .

كم اشتقت لك يا أبي ووصيتك أمام عيني و في قلبي، بالجد و العمل والاجتهاد في حسينية دار الزهراء، والحفاظ على مسيرتها التي وضعت بنفسك أسس العمل فيها، فقر عينا على الدرب سائرون ما بقينا بإذن الله تعالى.

وكم اشتقت لك يا أبي ووصيتك الدائمة بالاهتمام بدار التوحيد، الدار التي بنيت على البر والتقوى والدار التي جعلت التوحيد شعاراً ومنهجاً وهدفاً لها، فقر عينا سنسهر على رعايتها والاستمرار فيها ما بقينا بإذن الله تعالى.

ذهبت يا أبي إلى خير وجنة وريحان، إلى رضوان الله تعالى مع محمد وآل محمد الطاهرين ومع الصالحين والصديقين، لكن دموعنا تنهمر على فراقك بكثرة والألم يعتصر قلوبنا ويفتت فؤادنا، ولقد رحلت ولكن لن يرحل أثرك الطيب وخلقك النبيل وتعاملك الحسن.

أشكر الله تعالى وأحمده أن أعطاني أبا مثلك الأب المثالي، الكل يحسدني عليك وشكرا لله أنك كنت أبي.

سلاماً على من يشتاق له قلبي، سلاماً على من يحن له فؤادي، سلاماً على من رحل عن الدنيا، سلاماً على من نشتاق لحديثه، سلاماً على من نشتاق لابتسامته، كم آلمنا أن نمشي بجنازتك، ما زلت أتلعثم بدعائي يا أبي وأدعو لك بالشفاء بدل الرحمة، لم أصدق بعد خبر وفاتك (الحمد لله رب العالمين).

رحمك الله يا أبي يا أغلى ما في حياتي، إليك أبي الحبيب، إليك قدوتي الأولى ونبراسي الذي ينير دربي، إليك يا من علمني الصمود أمام الأمواج الثائرة، إليك يا من أعطاني ولم يزل يعطيني بلا حدود ، إليك يا من رفعت رأسي عاليا افتخاراً بك، إليك يا من أفديك بروحي وجسدي.

أبي أنت من علمتنا معنى الحياة، أنت من أمسكت بيدي على دروبها أجدك معي في ضيقي، أجدك حولي في فرحي، أجدك توافقني في رأيي حتى لو كنت على خطئي، فأنت معلمي وحبيبي فتنصحني إذا أخطأت، وتأخذ بيدي إذا تعثرت، فتسقيني إذا ظمئت.

أنت يا أبي النبع الصافي، أبي أنت شجرتي التي لا تذبل، أبي أنت الظل الذي آوي إليه في كل حين، أبي لم أبرك تمام البر، ولم أكن في خدمتك كما يجب، أبي أرجو أن تسامحني لم أكن بمستوى الابن البار، أبي أنت مثلي الأعلى أردت أن يصلك إحساني من خلال زفرات نفسي، أردت أن تصل كلمتي إلى قلبك، أردت أن تصل إليك كلمة خرجت من أعماقي مقحمة ، كلمتي إليك أبي هي أحبك وأشتاق لرؤيتك والحديث اليك وبث همومي، واستلهم منك النصيحة وآخذ منك توجيهاتك القيمة التي تنير الدرب لنا، فأنت مثلي الأعلى في الحياة منك تعلمت.

إليك يا أغلى الناس، أبي الحبيب كلمات أكتبها إليك بمداد قلبي وأبعثها إليك، يا من أضاء لي طريقي في الحياة، أبي الحبيب أقولها وأنا مسئول عن كلمتي هذه، لن يضيع ما علمته لي والذي غرسته في نفسي وسأظل دائما ابنك البار، ابنك الوفي، ابنك المطيع لكل ما أوصيتنا به، ابنك الذي تفتخر به فأنت من غرست حب الله في فؤادي، ورسخت العقيدة في أعماقي ومعلما لي في السلوك والأخلاق، أنت النور الذي يضئ حياتي، والنبع الذي أرتوي منه حبا وحنانا، أنت الأب الذي يشار إليه بالبنان، ويفتخر به بين الأنام.

فهنيئا لي بك أيها الأب العظيم، فمهما قلت ومهما كتبت يعجز لساني عن أن يجد كلمات تعبر عما في قلبي لأوفيك حقك، ولن أستطيع أن أصف ما بداخلي من مشاعر نحوك ، فأنت خير أب ربيتني فأحسنت تربيتي ، علمتني كيف أحب الحياة وأعيشها ، فأنت خير قدوة لي أقتدي بك وأسير على نهجك .

نتقطع شوقا لكلمة منك لابتسامة لدعوة مباركة تحتضننا. لقد كسر فراقك ظهورنا وحرق اليتم قلوبنا، أفتقدك يا أبي وأدركت معنى رحيل الأب المفجع، وغياب حنانه من البيت الذي أصبح فارغا بدونه، رحمك الله يا أبي. اللهم انزل على أبي الرحمة والمغفرة والرضوان، وألهمنا أمي وأخوتي الصبر على فراقه وتحمل المصاب .

سيظل أسمك مذكوراً ومحفوراً في قلبي، كنت سندنا وظهرنا وحبيبنا، كنت الحياة والسعادة والفرح والحنين والطيبة، منبع الحنان والسعادة والفرح الذي لا يعوض .

رحل من كنت أجلس بجانبه يومياً، رحل من كنت أنهل من رحيقه، رحل من كنت أتزود منه، رحل من كان يمدني بالخيرات والبركات، رحل من كان السند والأمان والحياة، فوجودك بيننا كان يشعرنا بالأمان والطمأنينة والسعادة، الحمد لله على مصابنا بفقدك يا أبي ولنا في رسول الله أسوة حسنة.

نسأل الله العلي القدير أن يلهمنا الصبر على فراقك ليوفينا أجور الصابرين، وأن يعيننا على مواصلة المسيرة التي خطيتها لنا وأن نكون على قدر المسؤولية في تحملها، ومن الله نستمد العون والتوفيق.

ارسال التعليق

Top