• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

اعتمدوا على حدسكم في مكافحة السمنة

أسرة البلاغ

اعتمدوا على حدسكم في مكافحة السمنة
مقابل الطريقة التقليدية لتخفيف الوزن والمتمثلة باتّباع الحميات المختلفة، ينصح بعض الأخصائيين بالإصغاء إلى الرسائل البيولوجية التي يطلقها جسمنا. مثل كثيرات وكثيرين غيرهما، لاحظت الأخصائيّتان الأميركيتان في التغذية، إيفلين تريبول، واليز ريش، التزايد الكبير في عدد الأشخاص الذين يفشلون في تخفيف أوزانهم عن طريق الحميات. والواقع أن بعض الدراسات الإحصائية تظهر أن نسبة الفاشلين في الالتزام ببرامج تخفيف الوزن، تصل في كثير من الأحيان إلى نحو 95 في المئة. ولا تستغرب تريبول وريش هذه النتائج، فهما تدركان جيِّداً نقاط الضعف التي تتسم بها الحميات، بدءاً بالجوع الشديد الذي سببه وانتهاء بالسأم، مروراً بالاضطرابات في التوازن البيوكيميائي، الذي تخلفه في الجسم عند تكرارها. وانطلاقاً من ذلك، بدأتا بالنظر بجدية إلى التوجه المعاكس للحميات التقليدية، والذي يدعو إلى تلبية رغبات الجسم الغذائية كافة، وتناول أنواع الأطعمة كافة. ويقول أنصار في هذا التوجه، إنّ علينا تلبية كل الرغبات الغذائية الصادرة عن الجسم، لأنّها تعكس احتياجات بيولوجية، وتشير إلى وجود نقص في نوع الطعام المرغوب فيه. وتوصلت الأخصائيتان إلى حل وسط بين الاتجاهين، أطلقتا عليه تسمية "التغذية الحدسية" أو طريقة الأكل اعتماداً على الحدس (Intuitive Eating). وهذه الطريقة ترفض التعليمات والقواعد الصارمة التي تفرضها الحميات، وتدعو في المقابل إلى تغليب الوعي في عملية تناول الطعام. وهي تشدد على أهمية انتباه الفرد إلى إشارات الجوع والشبع الداخلية، ما يساعده على اكتساب تناغُم أكبر مع التأثيرات الفيزيولوجية للأطعمة التي يأكلها. وفي الكتاب الذي كرّسته الأخصائيتان لشرح طريقتهما، تقولان إنّ طريقتهما تعلّم الفرد كيف يفرّق بين الجوع الفيزيولوجي والحاجة الانفعالية، وتدعوه إلى الوثوق بالحاجات الطبيعية الصادرة عن جسمه، فمن شأن ذلك أن يؤمن له صحة أفضل وتوازناً أكثر مما تفعل أي حمية. وتقول عالمة النفس في "جامعة أوهايو" الأميركية، البروفيسورة تراسي تيلكا، إنّ الحميات الصارمة تؤدي إلى اضطراب في الاتّزان البدني، وفي الاستجابات الأيضية بين الأمعاء، الكبد، الدماغ وخلايا الجسم التي تساعد في الحفاظ على التوازن الداخلي. وطريقة الأكل تَبعاً للحدس يمكن أن تنجح في المواقع نفسها التي تفشل فيها الحميات الصارمة، وذلك لأنّها تتماشى مع بيولوجيا الجوع المعقدة، عوضاً عن مكافحتها. فهي تدعو أساساً إلى تعزيز الوعي والانتباه لإشارات الجوع الفعلي.   - مبادئ طريقة التغذية الحدسية: تُقدّم المبادئ التالية ما يُشبه خريطة الطريق الرئيسة التي تساعد على رفع درجة وعينا وانتباهنا إلى الطعام الذي نأكله، وزيادة مستويات الرضا والسرور التي نبلغها عن طريق الأكل. والأشخاص الذين يأكلون مستعينين بحدسهم، يأكلون عندما يحسّون بالجوع، ويرضون تَوْقهم الشديد إلى تناول طعام ما، ولكنهم يحافظون على وعيهم، وعلى تركيزهم على الجانب الفيزيولوجي في عملية التغذية، وذلك من دون إهمال خبراتهم وحالتهم الذهنية والانفعالية. 1- تَعلّم كيف تتعرّف إلى الأحاسيس الخفيفة بالجوع التي تظهر لديك، حتى عندما تكون منشغلاً في القيام بعمل ما. واحرص على تلبيتها بتناول الطعام قبل أن يتفاقم جوعك، وتصبح عرضة للوقوع ضحية إغراء خيارات الطعام غير الصحية. 2- اسمح لنفسك بأن تأكل كلما أحسست بالجوع، وتَحرّر من مشاعر الذنب الداخلية، ومن القواعد الصارمة التي تقول إنه ليس في إمكانك تناول أكثر من عدد مُحدّد من الوحدات الحرارية في اليوم، أو الاستمتاع بقطعة من الكعك بالشوكولاتة. 3- استمتع بكل لحظة من لحظات عملية تناول الطعام، واحصل منها على أكبر قدر من الرضا. ركّز انتباهك على طعامك، ولا تسمح لأي عامل خارجي أن يُشتّت انتباهك. تَلذّذ بنكهات أنواع الطعام التي تأكلها. ولاحظت كيف ومتى تبدأ حدّة جوعك بالتراجُع والخُمود. ومن الضروري أثناء تناول الطعام أن تمتنع عن مشاهدة البرامج التلفزيونية، أو قراءة الصحيفة، أو استخدام الكمبيوتر أو حتى التفكير في خططك ومواعيد عملك خلال النهار. وعوضاً عن كل هذه العوامل المشتتة للانتباه، انظر إلى طعامك، ولاحظ ألوانه، أشكاله، نكهته ومذاقه وملمسه ونوعيته. وانتبه أيضاً إلى إحاسيسك، وردود فعلك الخاصة أثناء ذلك. 4- بعد انتهاء الوجبة، خصص بعض الوقت للتركيز على مشاعرك الداخلية، هل تشعر بالخمول أم بالحيوية والطاقة؟ هل تشعر بشيء من القلق أم بالارتياح؟ وقرر إذا ما كانت محتويات الوجبة التي تناولتها تستحق أن تتناولها من جديد. 5- لا تأكل بهدف تخفيف القلق، السأم، أو الاكتئاب. وإذا ما وجدت نفسك تُفرط في الأكل لتعديل مزاجك، أو للتخفيف من حدّة مشاعر معيّنة، عوضاً عن الأكل استجابة للجوع الفيزيولوجي، ابحث عن الجذور الانفعالية للمشكلة، وحاول أن تحفّز نفسك أو تُريحها (تبعاً للمشكلة) عن طريق ممارسة "اليوغا"، أو المشي أو التحدث إلى صديق. 6- تَحرّك ومارس الرياضة بهدف الاستمتاع، وليس خصيصاً لتخفيف الوزن، أو لحرق الوحدات الحرارية. 7- لاحظ ردّ فعلك وشعورك عندما تختار أطعمة صحية ذات نوعية جيِّدة. ثمّ اعمل على تقييم استجاباتك وردود فعلك الفيزيولوجية، الذهني والانفعالية. 8- لا تَنْسَ التحذيرات التي يطلقها العديد من الأخصائيين في الطب التكاملي، بشأن الأطعمة التي نَتُوق إليها. ففي بعض الأحيان تكون حالات التوق هذه مرتبطة بأطعمة نتحسس منها أو يصعب على جسمنا هضمها. وإذا كنت تعاني نوعاً من "الإدمان" على طعام ما، انتبه من أن تلبية هذا التوق يمكن أن تزيد من حدته.   - الهرمونات الجائعة: مهما اختلفت المواقف التي يتخذها الأخصائيون بشأن طريقة التغذية تبعاً للحدس، فإنّهم يُجمعون على أنّ الحميات الصارمة المتشددة تفشل فشلاً ذريعاً، وعلى نطاق واسع في تحقيق الهدف المنشود منها، خاصة على المدى البعيد. ومعظم الحميات الرائجة اليوم لا تزال تعتمد على النموذج القديم، الذي يعمل على حساب الوحدات الحرارية التي تدخل إلى الجسم وتلك التي يحرقها. وهي تخرُج بالاستنتاج المنطقي هنا، والقائل إنّ تخفيف الوزن لا يمكن أن يحصل إلا عندما تكون الأولى أقل من الثانية. ولضمان ذلك يتم احتساب كل الوحدات الحرارية الموجودة في كل ما نتناوله من طعام وشراب، وتلك التي نحرقها في القيام بالأنشطة البدنية المختلفة. وهذه المعادَلة تقود الجميع إلى الاستخلاص، ولو ضمنياً، أن أصحاب الوزن الزائد بيننا هم أشخاص كسالى جدّاً، أو جهلة، أو يفتقرون إلى الإرادة الكافية للتحكم في سلوكهم الغذائي، وهذا يجعلهم بالتالي مسؤولين تماماً عن مشكلة السمنة التي يعانونها. غير أنّ الأبحاث الحديثة تُظهر أن هذا الاعتقاد ليس صحيحاً تماماً، ولهذا السبب نجد أنّ الخبراء الذين سبق لهم أن رفضوا طريقة التغذية تبعاً للحدس، يُعيدون النظر في موقفهم منها ويعدّلونه. ويقول مدير مركز علوم التغذية في كلية الطب في "جامعة هارفرد"، البروفيسور جورج بلاكبورن، إنّ ما أظهرته الأبحاث الحديثة، هو أنّ المعدة والأعضاء الأخرى التي تلعب دوراً مهماً في عملية الأيض، لا تكتفي بمعالجة الوحدات الحرارية التي تصل إليها عن طريق الأطعمة والمشروبات. بل هي مسؤولة عن إرسال عشرات الرسائل الكيميائية والهرمونية إلى الدماغ، حيث يكمن فعلاً ما نعتقد أنّه الجوع. يُذكر أن واحداً من أهم الهرمونات في هذا النظام هو هُرمون "غريلين"، وهو المادة البيوكيميائية الوحيدة التي تحفّز مركز الجوع في الـ"هايبوتلاموس" (ما تحت السرير البصري) في الدماغ. والـ"غريلين" يتم إفرازه في المعدة، ليس فقط بفعل الجوع الفيزيولوجي (الذي يُطلقه افتقار الخلايا إلى الطاقة)، بل بفعل الفرح والتوتر أيضاً. وكانت التجارب قد أثبتت، أنّ الأشخاص الذين يتم حقنهم بالـ"غريلين" يأكلون كمية من الطعام تزيد بنسبة 30 في المئة، عمّا يأكلونه من دون حقنة الهرمون. ويعتقد العلماء، أن سبب ذلك قد يعود إلى انجذاب هذا الهرمون إلى المنطقة الدماغية نفسها، المسؤولة عن السلوك الإدماني. وتجدُر الإشارة إلى أنّ الحميات التقليدية التي تعتمد على تقنين الوحدات الحرارية، تَحدُّ من الطاقة التي تصل إلى الخلايا، ما يرفع مستويات الـ"غريلين" ويقوّي الإحساس بالجوع، ما يؤدي مع الوقت إلى استحالة المقاومة. أمّا في ما يتعلق بالتوتر، فهل تساءلنا يوماً: لماذا نُفرط في الأكل عندما نكون متوترين ومجهدين نفسياً؟ والجواب هو: إنّ هرمون التوتر الـ"كورتيزول"، يحث الجسم على الإفراز المزيد من الـ"غريلين". وهذا الأخير يؤثر في مراكز الفرح في الدماغ ويُهدئ من مشاعرنا ويخفّف توتّرنا، غير أننا ندفع الثمن على شكل وزن زائد. هناك أيضاً هرمون الـ"لبتين"، وهو واحد من سلسلة هرمونات الشبع التي تُفرزها الخلايا الدهنية، والتي تُخبر الدماغ بأنّ الوقت قد حان للتوقف عن الأكل. والواقع أنّ العلماء فرحوا عند اكتشافهم هرمون الـ"لبتين"، وكانوا يأمملون أن تساعد أقراص من هذا الهرمون، على كبح الشهيّة وعلى التحكم في الوزن. لكن بالنسبة إلى أصحاب الوزن الزائد، يكون الـ"لبتين" عديم الفاعلية، على الرغم من ارتفاع مستوياته في أجسامهم، وذلك بسبب مقاومة خلايا الجسم له، مثلما هي الحال بالنسبة إلى "الأنسولين" في أجسام المصابين بالسكري. نعم، كيمياء الجسم مُعقَّدة جدّاً، لكن الرسالة التي يجب أن يسمعها أنصار الحميات الصارمة واضحة: تقنين الوحدات الحرارية يرفع مستويات الـ"غريلين"، ويقوّي الإحساس بالجوع، ويَحثّ على الإفراط في الأكل ويؤدي إلى زيادة الوزن. وتسوء الحالة مع تكرار الحميات الفاشلة على امتداد السنوات. فالبدانة الناتجة تؤدي إلى مقاومة الدماغ لهرمون الـ"لبتين"، وهو الهرمون نفسه الذي يُفترض أن يساعدنا على كبح شهيتنا.   - تنمية الوعي وتعزيزه: إن تَلقّي رغبتنا في تناول طعام ما، بوعي وبانتباه عوضاً عن التحكم المتشدد في النفس، هو أولوية أساسية في طريقة التغذية باعتماد الحدس، ويعود ذلك جزئياً إلى أن معظمنا مُبرمَج اجتماعياً وبيئياً على الأكل من دون الكثير من الانتباه والوعي. وتعلق البروفيسورة لين روسي، الأخصائية في علم نفس الصحة في "جامعة ميسوري" الأميركية، فتقول إنّ الطعام موجود في كل مكان، في علب وأغلفة ذات ألوان ساطعة. ولكن ماذا يوجد داخل هذه الأطعمة، وكيف نستخدمها؟ هل نكون جائعين حقاً عندما نقرر أن نأكل؟ وهل نأكل للتحرر من انفعالاتنا، أم بحثاً عن الراحة والرضا؟ وهل نأكل عندما نشعر بجوع لشيء غير الطعام، يمكننا أن نجده إذا ما بحثنا في أماكن أخرى في حياتنا؟ والحقيقة أننا نتخذ خيارات عديدة تتعلق بالطعام يومياً، لكننا نكون منشغلين جدّاً لدرجة أننا لا نُوليها الاهتمام اللازم. وهذا أمر من الضروري أن يتغيّر حسب ما تؤكد روسي، إذا ما أردنا أن نأكل بالاعتماد على حدسنا. والواقع أنه يجب على مُتَّبعي طريقة اعتماد الحدس في تناول الطعام، أن ينتبهوا ليس فقط إلى أحاسيس ورسائل الجوع والشبع، بل وإلى حالتهم النفسية والمزاجية أيضاً. فالانفعالات يمكن أن تؤثر في الجهاز الهضمي وتحاكي الإحساس بالجوع. غير أن رفع درجة الوعي والانتباه يمكن أن يساعدنا على التعرّف إلى الفرق بين نوعي الجوع. والأمر يصبح أكثر سهولة مع الوقت. وتقول عالمة النفس الأميركية سوزان البيرز، إنّ الأشخاص الذين يعتمدون طريقة التغذية اعتماداً على الحدس. يتمكنون عادة من التحكم في توقعهم الشديد إلى الأكل بمجرد التمهّل. فمثلما هي الحال مع بقية النزوات أو الانفعالات، فإن مُجرّد التوقف للتفكير في مصدر هذا التوق الشديد إلى الطعام، يمكن أن يساعد على التيقّن من أنّه لا يتعلق بالجوع الفعلي أبداً. وتقول البيرز، إنّ الطعام يحفّز الناقلات العصبية التي تجعلنا نشعر بالسعادة، الـ"سيروتونين". لكن الأشخاص الذين يركزون وينتبهون ويستخدمون وعيهم، يعرفون متى تكون رغبتهم في الأكل هادفة إلى تحسين مزاجهم، وليس إلى التخفيف من الجوع. وهم قادرون على إيجاد بديل صحي لها، مثل ممارسة الرياضة أو التأمّل أو التواصُل الاجتماعي. وفي المقابل نجدهم يتعرفون إلى الجوع الفيزيولوجي الفعلي، ويحترمون رغباتهم المرتبطة به ويستجيبون إليها. وتقول البيرز، إننا إذا قررنا التخلي من الارتياح الذي يوفره الطعام، علينا أن نستعيض عنه بشكل إرادي، بشيء آخر، يُولّد لدينا الارتياح نفسه، سواء أكان ذلك جلسة تدليك أم تأمل. ومن جهته ينصح الاختصاصي في التغذية، الأميركي مارك دافيد، الذي يتبنّى طريقة التغذية تبعاً للحدس، بالتركيز على نوعية الطعام نفسه. والسبب المنطقي وراء ذلك بسيط، وهو أنّ الأطعمة ذات النوعية الجيِّدة (الطازجة، الكاملة، الغنية بالنكهات الطبيعية والعضوية) تكون غنية بالعناصر المغذية، وقادرة بطبيعتها على إشباعنا وإشعارنا بالرضا. يُضيف: إنّ الكثيرين منّا يُفرطون في الأ:ل، وإن أحد أسباب ذلك يتعلق بافتقار الطعام الذي نأكله إلى العناصر المغذية، مثل الفيتامينات والمعادن والأنزيمات والطاقة التي نحتاج إليها. والجسم يلمس هذا النقص، ويستجيب بشكل حكيم، ويختار، كما هو مُتوقَّع، الاستراتيجية الطبيعية للبقاء، وهي حثّنا على تناول المزيد من الطعام سعياً وراء سدّ هذا النقص. ويقول دافيد، إنّ أحد العوامل التي يمكن أن تساعدنا على التحكم في التوق إلى الطعام في هذه الحالة، هو بكل بساطة تحسين نوعية الأطعمة التي نختارها، وملاحظة كيفية استجابتنا لها.   - مدى نجاح طريقة الحدس في تخفيف الوزن: حقّق الكثير من الأشخاص الذين اتَّبعوا هذه الطريقة، نجاحاً كبيراً على مستوى تخفيف الوزن. أفضلها سَجّلهُ الأشخاص الذين يُتقنون عملية اختيار الأطعمة التي تناسبهم، والذين يعرفون كيف يفرّقون بين توقهم إلى طعام ما بسبب حاجة غذائية فعلية، وتوقهم الذي تحفزه حالة انفعالية، وبين ذلك الناتج عن العاملين البيولوجي والانفعالي معاً. أما نقّاد هذه الطريقة، مثل الأخصائي في التغذية الأميركية الدكتور السون هاز، فيقولون إنها تحتوي على نقاط ضعف عديدة. ويقدّم هاز مِثالاً على ذلك، فيقول إنّ بعض الأشخاص يتوقون إلى تناول الأطعمة نفسها التي تضرّهم. وتلبية رغببتهم في تناول هذه الأطعمة، كما تدعو هذه الطريقة، يمكن أن يؤدي إلى نتائج سلبية تتمثل في ردود فعل التهابية ومناعية، تُفاقم خلل التوازن البيوكيميائي الحاصل في الجسم، عوضاً عن تحسينه. يُضيف: أنّه حتى تناول أطعمة صحية مثل اللبن، المكسرات، والحبوب الكاملة لن يؤدي إلى نتائج إيجابية لدى الأشخاص الذين يعانون تَحسُّساً تجاه أحدها، أو يواجهون صعوبة في هضمها. من جهة ثانية، فإن تلبية التوق إلى تناول السكر، مشتقات الحليب، والكافيين مثلاً، لا يؤدي إلى انحساره، بل يُسهم في الإصابة باحتباس الماء، الالتهابات والضبابية الذهنية، والمزيد من التوق إلى الأطعمة والمشروبات نفسها. من جهة ثانية، وحتى في الحالات التي لا يعاني فيها الفرد تحسُّساً أو صعوبةً في هضم طعام ما، فإن طريقة التغذية اعتماداً على الحدس، تكون صعبة التطبيق بالنسبة إلى البُدناء، وذلك لأنّ العديد منهم يعانون حالات خلل في توازن مستويات سكر الدم والمواد الكيميائية الدماغية، وهي حالات خلل أصبحت متجذرة بعد سنوات من عادات التغذية غير الصحيحة. ومن شأن مثل هذه الحالات، أن تؤثر سلباً في قدرة الفرد على تطبيق طريقة الاعتماد على الحدس. وينصح هاز كل مَن يعاني بدانةً أو تحسساً تجاه طعام ما، أن يستشير طبيباً اختصاصياً يساعده على إعادة التوازن إلى جسمه وكيمياء دماغه، قبل أن يُقبل على تطبيق طريقة الحدس. أمّا بالنسبة إلى الأشخاص الذين يرغبون في الحفاظ على أوزانهم الصحية، أو في التخلص من بضعة كيلوغرامات زائدة، فإن هذه الطريقة يمكن أن تمثل الاستراتيجية المثلى لهم، خاصة إذا ما سبق لهم أن فشلوا في تحقيق نتائج إيجابية في اتّباع الحميات التقليدية. فهذه الطريقة تساعدهم على إعادة النظر في مقاربتهم للطعام، وعلاقتهم به. وفي الأحوال كافة، لا يجب أن ننسى أنّ الطريقة عبارة عن رزمة متكاملة، فالتحلّي بالوعي وبالانتباه، لا يمكن فصله عن فلسفة "تناول ما ترغب فيه". بعبارة أخرى، لا يمكننا أن نستسلم لحالات التوق إلى تناول أطعمة مُعيّنة، من دون أن نكون مستعدين إلى طرح أسئلة حولها أوّلاً.

ارسال التعليق

Top