• ٢٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الأخلاق الفاضلة والصفات الخيّرة

عباس آل حميد

الأخلاق الفاضلة والصفات الخيّرة

◄إذا أردنا أن نقترب من الله سبحانه وتعالى ونحقّق بذلك سعادة الدُّنيا والآخرة علينا أن نسعى لتطوير ذواتنا، من خلال التخلّق بأخلاق الله، ولذا قال رسول الله (ص): «إنّما بُعثت لأُتمم مكارم الأخلاق»، وقال أيضاً: «أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلُقاً»، وقال أيضاً: «أكثر ما يدخل الناس الجنّة تقوى الله وحسن الخُلُق».

كثيرة هي الأخلاق الفاضلة والصفات الخيّرة التي دعانا إليها الإسلام، وقد ذكر الحديث المروي عن الإمام الصادق (ع) عشرة: «إنّ الله خصّ رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) بمكارم الأخلاق، فامتحنوا أنفُسكم، فإن كانت فيكم فاحمدوا الله وارغبوا إليه في الزيادة منها. فذكرها عشرةً: اليقين والقناعة والصبر والشُّكر والحلم وحُسن الخلق والسخاء والغيرة والشجاعة والمروءة».

يذكر السيِّد عبدالأعلى السبزواري: «إنّ في الإنسان انبعاثاً داخلياً فطرياً إلى الأخلاق، يساير جميع مراحله، يمكن التعبير عنه بالحاسة الأخلاقية، التي يميّز بها بين الخير والشرّ، كما يميّز بالحاسة الجمالية المودعة فيه بين الجميل والقبيح، قال تعالى: (وَنَفسٍ وَما سَوَّاها * فَأَلهَمَها فُجُورَها وَتَقوَاها) (الشمس/ 7-8). ومن هذه الحاسة الخلقية نستطيع أن نؤسّس القواعد الخلقية والقانون الأخلاقي العام.

ولكن قد يلقى هذا النور الباطني الفطري موانع توجب طمسه، وهي كثيرة مثل العادات، والوراثة، والبيئة، وشواغل الحياة المادّية.. ولهذا كان لابدّ من بعث الأنبياء ذوي النفوس المصطفاة، الملهمة بالوحي، ليثيروا للناس دفائن العقول، ويزيلوا الغشاوة عن النور الفطري.. فكان نور الوحي الإلهيّ مكملاً لنور الفطرة التي أودعها الله في الإنسان. لقد اعتبر القرآن الكريم التقوى محور الكمالات الإنسانية ومعيار الفضائل».

يُعرِّف السيِّد محمّد الشيرازي التقوى بأنّها وقاية النفس وصيانتها من الرذائل والمعاصي وهي من أهم مقومات الأخلاق المثالية ومن الفضائل النفسية التي تسمو بالإنسان إلى مراتب العلو والكمال وإلى مراتب القرب من الله تعالى.

ويقول السيِّد عبدالأعلى السبزواري: «إنّ التقوى هو الجهد المتواصل من الفرد، فلا تتحقّق إلّا بالتواصل والعمل الدؤوب، وتكرار الأعمال الصالحة، لتتمكن الأخلاق الفاضلة في النفس ويتعذر إزالتها.

وفي التقوى يرتبط العمل بالنيّة، فكلّ ما كانت النيّة خالصة لله تعالى عن الأغراض الدُّنيوية، ازدلادت قيمة العمل، وقرب إلى القبول، وصلح للجزاء الأوفى، بل يعتبر القرآن أنّ الغايات المرجوة من الأعمال، سواء كانت لجلب النفع أو لدفع الضرر، هي منقصة في مقابل الكمال المطلق.

إنّ لهذا الأمر أثر كبير في النفس الإنسانية، فهو غير أنّه يعدّ الإنسان إعداداً علمياً وعملياً لقبول الأخلاق الفاضلة والمعارف الإلهيّة، يجعل العمل خالصاً لوجه الله، ومنزّهاً عن كلّ غاية من غير الله تعالى، فيكون الفعل الصالح صادراً عن العبودية المحضة والحبّ العبودي، ومبنياً على الوحيد الخالص».►

 

المصدر: كتاب الرؤية الإسلامية للحياة

ارسال التعليق

Top