• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الأخلاق في ضوء الإسلام

أسرة البلاغ

الأخلاق في ضوء الإسلام
◄الأخلاق في غياب الإسلام: إن صناعة الإنسان المسلم الكامل، وبناء الأسرة الكريمة المتماسكة وإقامة المجتمع الفاضل السعيد، هي أسمى أهداف بعثة الأنبياء والرسل عليهم السلام.
وان أخطر ما استهدفته الجاهليات القديمة والحديثة في كل الأزمنة والعصور، هو اكتساح دعوتنا التوحيدية، وتقويض تشريعاتنا السماوية، وهدم أخلاقنا الربانية، التي صاغت خير أمة أخرجت للناس، فرداً وأسرة ومجتمعاً ودولة على مدى تاريخ الحضارات.
وبعد أن طغى طوفان الفساد الذي أعقب الغزو الاستعماري الكافر لبلاد المسلمين، عمد أول ما عمد إليه أعداء الإسلام إلى هدم الجانب الأخلاقي في الشخصية الإسلامية، بإشاعة الفساد الخلقي في كلّ جانب من جوانب حياتنا، وتقويض كل حصن من حصون أخلاقنا وآدابنا، حتى دب هذا الفساد إلى كلّ ناحية وتسرب إلى كلّ مجال.
وكان مما حمله سيل هذا الطوفان من الأوبئة الخلقية، الكذب والدجل، والحسد والنفاق، والفسق والفجور، والظلم والخيانة، والحمية والعصبية، والغش والتدليس، والطمع والجشع والمكر والحيلة والفحش والخلاعة، والحرص والبخل، والترف والتبذير وسوء الظن بالله والرياء، وعقوق الوالدين وأكل السحت الحرام، وأخذ الرشى، والمحسوبية والمنسوبية وبخس المكيال والميزان وأكل مال اليتيم ظلماً، ناهيك عن جرائم الإلحاد والشرك، والقتل والسرقة، والزنا واللواط وشرب الخمور، ولعب القمار، والعمالة والجاسوسية للمستعمر الكافر... الخ.
وفي فجر اليقظة الإسلامية الحاضرة، حين تعالت الدعوات الجهادية، وتصاعدت الحملات الإصلاحية الواعية الهادفة التي يقودها علماؤنا الأعلام – أيدهم الله تعالى بنصره – وانبرى المؤمنون المجاهدون يقاومون بجرأة وبسالة هذا الانحلال والانهيار، باليد واللسان والقلب، أدت هذه الجهود الخيرة المباركة إلى تضاؤل نسبة تلك المفاسد الخلقية، التي انتابت مجتمعاتنا في فترة غياب الإسلام عن الساحة، وظل القسم الآخر من هذه المفاسد شائعاً مع الأسف الشديد.
    
الأخلاق في ظل الإسلام:
من بين سائر الأمم منّ الله تعالى على أمتنا الإسلامية العزيزة الجاه عنده، الرفيعة المنزلة لديه، برسول جاء بشريعة سمحة تطهر العقول، وتزكي النفوس وتهذب الطباع.
شريعة تطهر العقول من إدراك الإلحاد والشرك، بعقيدة توحيدية كونية شاملة، تحلق بالعقول السليمة إلى أقصى آفاق المعرفة، وتنهض على أقوى الأدلة وأوضح البراهين.
شريعة تزكي النفوس بشعائر العبادات، فتحقق في الإنسان قمة السمو الروحي، والإخاء الإنساني، والتحرر النفسي، والمساواة بين يدي رب العالمين، شريعة تهذب الطباع بتعاليم خلقية هي غاية ما تحلم به البشرية في أرقى مدارج رقيها وتقدمها الحضاري.
قال تعالى: (لقدْ مَنَّ اللهُ على المُؤمِنينَ إذ بَعَثَ فِيهِم رَسُولاً مِنْ أنفُسِهم يَتْلو عَليهِمْ آياتِهِ وَيُزَكيهِم وَيُعَلمُهُمُ الكِتابَ وَالحِكمَةَ وَان كانوا مِنْ قبلُ لفِي ضَلالٍ مُبين) (آل عمران/ 164).
وان الشيء الملموس والمحسوس في شريعتنا الإسلامية الغرَّاء هو أن الأخلاق الفاضلة هي الإطار العام لكل ركائزها العقيدية، وقواعدها التشريعية، فهي سمة عامة مشتركة يتسم بها الإسلام:
*نجدها في طلب العلم، كما نجدها في المعارك الجهادية، يقول تعالى: (وَقُلْ رَبِّ زِدْني عِلْماً) (طه / 114).
فهذا مظهر من مظاهر التواضع النفسي في طلب العلم والاستزادة منه، كما أنه صورة تجسيدية من صور الإقرار بالنقص والاعتراف بالعبودية للخالق الفرد الصمد.
ويقول سبحانه: (وَقاتِلوا فِي سَبيلِ اللهِ الذِينَ يُقاتِلونكُمْ وَلا تَعْتَدوا إن اللهَ لا يُحِبُّ المُعتدينَ)(البقرة/ 190).
فقواعد العدالة والنبل والخلق الرفيع، محفوظة في الإسلام، حتى مع الأعداء حين تشتبك الأسنة وتستعر الحرب.
*ونلحظ هذه السمة في أصول المجادلة مع أهل الكتاب، كما نلحظها في مجالات الإنفاق والبر والإحسان.
يقول عز وجل: (وَجَادِلهُم بالتِي هِيَ أحْسَنُ)(النحل/ 125).                                              
فليس الخلاف في الرأي أو العقيدة، مدعاة إلى إساءة الخلق أو استعمال القسوة والشدّة، بل إن منهج الإسلام العظيم يحضُّ على حسن الخلق باعتباره خير وسيلة إلى الإقناع والهداية والرشاد.
ويقول سبحانه: (قَوْلٌ معَروفٌ وَمَغفِرَةٌ خيْرٌ مِنْ صَدَقةٍ يَتبَعُها أذىً)(البقرة/ 263).   
(يا أيُّها الذِينَ أمَنوا لا تُبطلوا صَدقاتِكُم بِالمَنِّ وَالأذى)(البقرة/ 264).
فالمنفق في سبيل الله، والمحسن إلى عباد الله لا ينبغي له أن يمن أو يستكثر، لأن عمله هذا حسنة، ومن جاء بالحسنة فله عشر أمثالها.
*وتتجلى هذه السمة في العبادات، كما تتجلى في المعاملات.
يقول سبحانه في تهذيب سلوكية المصلين: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلينَ الذِينَ هُم عَنْ صَلاتِهم ساهونَ)(الماعون/ 4-5).
(وَإذا قامُوا إلى الصَّلاةِ قامُوا كسَالى)(النساء/ 142).
فليس أداء الصلاة، وكذا سائر العبادات يحقق هدف التشريع الإسلامي، إذا خلا من الخلق الكريم والأدب الرفيع والسلوك القويم.
ويقول عز وجل: (وَعاشِروهُنّ بِالمَعروفِ)(النساء/ 19).
(فَمَن عُفِيَ لَهُ مِن أخيهِ شَئ فإتباع بِالمَعرُوفِ وَأداءٌ إليه بإحسانٍ)(البقرة/ 178). 
فعقود النكاح، وأحكام القصاص والديات وسائر المعاملات والإيقاعات محاطة بسياج من دماثة الخلق الإسلامي الرفيع.
فالأخلاقية الإسلامية صفة مشتركة في كل ما جاء به الإسلام، ومن أجل أن تؤدي الرسالة الغراء دورها التربوي في رفعة الإنسان، وتقدم الحضارة، وسعادة البشرية، على أتم وأكمل نظام ولتصنع الإنسان الكريم.
قال (صلى الله عليه وآله وسلم): "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
" عليكم بمكارم الأخلاق فان الله عز وجل بعثني بها".
وجاء رجل إلى الإمام جعفر الصادق (ع) فقال له: يا ابن رسول الله، أخبرني عن مكارم الأخلاق؟ فقال (ع): "العفو عمن ظلمك، وصلة من قطعك، وإعطاء من حرمك، وقول الحق ولو على نفسك".
وعن الإمام الرضا، عن آبائه الطاهرين ( عليهم السلام )، عن جدهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال: "عليكم بحُسن الخُلق، فان حُسن الخُلق في الجنة لا محالة، وإياكم وسُوء الخُلق فان سُوء الخُلق في النار لا". الأخلاق الذميمة:
لقد بلغ حرص الإسلام على حُسن الخًلق أن جعله شرطاً ضرورياً لسلامة إيمان المسلم، فمن ساء خلقه ذهب إيمانه.
قال الإمام جعفر الصادق (ع): "إن سُوء الخُلق ليفسد الإيمان، كما يفسد الخل العسل".
ومن البديهي إن الإيمان إذا فسد حل محله الكفر.
وكما أن سيئ الخُلق لا إيمان له، فانه لا تقبل له توبة لأن توبته لا يصحبها ندم عما مضى، ولا تصميم على عدم العودة، ولا عزم على فعل الصالحات لمحو السيئات، بل ولسوء خلقه فانه يتوغل في الذنوب، ويستمر في الآثام، فأية توبة لمثل هذا؟
قال الإمام علي (ع) في هذا الصدد :"ما من ذنب إلاّ وله توبة، وما من تائب إلاّ وقد تسلم له توبته، ما خلا سيئ الخلق لا يكاد يتوب من ذنب إلاّ وقع في غيره أشرّ منه".
وان مما يؤسف عليه أن هناك عاهات سلوكية قد ألفها الناس في مجالسهم وندواتهم، حتى في المسجد، قبل الصلاة أو بعدها، من غير منكر ولا راد ولا رادع، كالغيبة والبهتان والنميمة والفتنة، وهي موضحة كما يلي: 1- الغيبة: هي ذكرك أخاك بما يكره.
لقد جعل الإسلام العظيم اقتراف غيبة المؤمن بمثابة أكل لحمه ميتاً، وجعلها أشد من جريمة الزنا، قال تعالى: (وَلا يَغتَبْ بَعضُكٌم بَعضاً أيُحِبُّ أحَدُكُمْ أن يَأكُلَ لحْمَ أخيهِ مَيتاً فَكرِهْتُموهُ)(الحجرات/ 12).
وقال الرسول (ص): "إياكم والغيبة، فان الغيبة أشد من الزنا، فان الرجل قد يزني فيتوب، فيتوب الله عليه، وان صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه".
ولأن الغيبة تنشئ حقوقاً للآخرين، فإن المغتاب يبقى مسؤولاً إلى يوم القيامة عنها، ولا تُقبل له توبة، إذا ألحق ضرراً بمن اغتابه، حتى يستوهب منه فلا تنفعه التوبة، ولا يجديه الاستغفار.
قال الإمام الباقر (ع): "والذي لا اله إلا هو، ما أعطي مؤمن قط خير الدنيا والآخرة إلا بحسن ظنه بالله ورجائه له وحسن خلقه، والكف عن اغتياب المؤمنين، والذي لا اله إلا هو، لا يعذب الله مؤمناً بعد التوبة والاستغفار، إلا بسوء ظنه بالله وتقصيره من رجائه وسوء خلقه واغتيابه للمؤمنين".
والغيبة سبيل لإشاعة الفاحشة بين المؤمنين لأن المغتاب يقول في أخيه المؤمن ما ستره الله.
أما الظاهر من تصرفاته مثل الحدة والعجلة والحماقة , فليس من الغيبة في شيء فكشف المستور هو هتك لشخصية المؤمن وإشاعة للمنكرات المخفية، والله تعالى كما حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، حرم إشاعتها، قال سبحانه: (إن الذِينَ يُحِبّونَ أنْ تَشيعَ الفاحِشةُ فِي الذِينَ آمَنوا لهُم عَذابٌ أليمٌ في الدنيا وَالآخِرة)(النور/ 19).
وقد حذر رسول الله (ص) من ، وأخبر أن الله تعالى للمغتاب بالمرصاد، يراقب سلوكه، ويذيقه وبال سوء خلقه حيث قال: " لا تطلبوا عثرات المؤمنين فان من تتبع عثرات أخيه تتبع الله عثراته، ومن تتبع الله عثراته يفضحه ولو في جوف بيته". اللهم إنا نعوذ بك أن نغتاب أو إن نستمع إلى الغيبة. 2- البهتان: وهو أشد حرمة من الغيبة، لأن الإنسان، إذا ذكر أخاه المؤمن بما فيه فقد اغتابه، أما إذا ذكره بما ليس فيه، فقد بهته، أي كذب عليه واغتابه، فالبهتان كذب وغيبة.
وان من المعلوم إن الإيمان لا يجتمع مع الكذب، لأن الله تعالى يمقت الكذاب، ولأن الكذب يسوق صاحبه إلى النار، فكيف بالكذب مع الغيبة، وهو معنى البهتان.
ولقد بين القرآن الكريم معنى البهتان وجزاءه: (وَمن يكسِبْ خَطيئَةً أوْ إثماً ثمّ يَرْمِ بِهِ بَريئاً فقد احتمَلَ بُهْتاناً وَإثماً مُبيناً)(النساء/ 112).
وللبهتان آثار ضارة، ومفاسد اجتماعية، فهو يؤدي إلى فقدان الثقة بين الناس، وشيوع سوء الظن بينهم، وتوقف حركة التعاون والتآزر والتعاطف، التي هي سمة من سمات المجتمع الإسلامي.
إن الباهت يؤدي دورين تخريبيين: دور يؤذي به المؤمن البريء المبهوت بما ينسب إليه من افتراءات باطلة، وما يسبب له من شرور وأذى، ودوراً يعكر به صفو الألفة الإسلامية، ويفصم به عرى العلاقات، بما يسببه البهتان من فرقة وانقسام وحقد وخصام، قال تعالى: (وَالذينَ يُؤذونَ المؤمنينَ والمُؤمناتِ بِغيْرِ ما اكتسَبُوا فقدِ احْتمَلوا بُهتاناً وَإثماً مُبيناً) (الأحزاب/ 58).
اللهم إنا نعوذ بك أن نحتمل بهتانا أو أن نبهت مؤمناً أو مؤمنة. 3- النميمة والفتنة :
كلّ قول أو فعل أو إشارة أو كتابة صدرت عن شخص يرضى بإشاعتها أو نقلها إلى غيره، فان نقلها أحد إلى شخص ثالث فهو نمام وعمله نميمة.فالنميمة هي إفشاء سر، أو هتك ستر، لجلب الشر وإرادة السوء بالمحكي عنه، ولكن قد يكون الدافع للنميمة التودد إلى المحكي له أو الخوض في فضول الحديث أو أي دافع آخر.
وليس كل ما يرى من أحوال الناس ولا يرضون بإفشائه نميمة، فليس من النميمة ما فيه نفع للمسلم أو المسلمين، وليس من النميمة ما فيه دفع معصية، أو فيه نصيحة مسلم، أو تحذيره من الوقوع في المصائد، كما أنه ليس من النميمة الشهادة على السارق بالسرقة وسائر الشهادات، وكذلك إنكار المنكر ومقاومة الظالم.. الخ.
والنميمة من أقبح الرذائل الخلقية التي حرمها الإسلام، وجعل الساعين بها بمثابة أولاد زنا.
قال سبحانه: (هَمَّاز مَشاءٍ بِنَميم* مَناعٍ لِلخَيرِ مُعْتدٍ أثيمٍ* عُتلّ بعدَ ذلكَ زَنيم) (القلم/ 11-13).
ومن المعلوم أن الزنيم هو ولد الزنا.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ):  "ألا أخبركم بشراركم ؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، الباغون للبراء العيب".
وقال (ص): "صاحب النميمة لا يستريح من عذاب الله في الآخرة".
وقال الإمام الباقر (ع): "الجنة محرمة على المغتابين المشائين بالنميمة، يحشر العبد يوم القيامة وما ندا دماً – أي ما سفك دماً – فيدفع إليه شبه المحجمة أو فوق ذلك، فيقال له: هذا سهمك من دم فلان، فيقول: يارب انك لتعلم أنك قبضتني وما سفكت دماً، فيقول له: بلى، سمعت من فلان رواية كذا وكذا، فرويتها عليه، فنقلت حتى صارت إلى فلان الجبار، فقتله عليها، وهذا سهمك من دمه".
وجاء عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع): "لا يدخل الجنـة سفاك للدماء ولا مدمـن الخمـر ولا مشاء بنميم".
أما الفتنة: فهي أخص من النميمة، فالفتنة هي النميمة التي لا يراد بها سوى الوقيعة بين شخصين أو أكثر، وإشعال نار العداوة والبغضاء بين المؤمنين.
وفي القرآن الكريم: (الفتنة أشد من القتل)(البقرة/ 191).
عبر عن الكفر بالفتنة، وهو أشد من القتل، لأن في الكفر اقتتال وصراع، وشيوع ما أمر الله تعالى بتحريمه، من أنواع الفواحش والفساد والمنكرات.
وإذا اشتهر الفتان بين الناس واتضح أمره، اتقاه الناس لشره، و" شرالناس من اتقاه الناس لشره "، فالفتّان شر الناس وأغدرهم يملأ قلبه الحقد، ويغلي صدره بالعداوة، لا يهدأ إلا بالكيل للأصدقاء، ولا ينفك عن الختل والمكر، ولا ينقل إلا الأقوال المثيرة للبغضاء، ولا يتحدث إلا بما يوغر القلوب بالشحناء في الوقت الذي لا يجني من سوء خلقه هذا سوى الخسران المبين.
قال سبحانه: (الذينَ يَنقضوُنَ عَهدَ اللهِ مِنْ بَعدِ مِيثاقِهِ ويَقطعونَ مَا أمَرَ اللهُ بِهِ أنْ يُوصَلَ وَيُفسِدونَ فِي الأرضِ أولئِكَ هُمُ الخاسِرونَ)(البقرة/ 27).
والفتنة تنحدر بالفتان إلى أسفل درك  من السقوط، حتى تصل به إلى درجة الكفر. قال رسول الله (ص): "كفر بالله العظيم من هذه الأمة عشرة... ومن نكح محرم، والساعي في الفتنة".  
إن الإسلام العظيم رسالة خلقية رفيعة، جاءت لضبط سلوك الإنسان ومنعه من كل تصرف إلا ما ينفع الجماعة المؤمنة، ويعود بالخير على البشرية.
وإذا كانت الغيبة والبهتان والنميمة والفتنة، من الجرائم التي يساهم فيها اللسان بالقسط الأوفر، فقد أحكم الإسلام العظيم نشاط هذا العضو ومنعه إلا من القول الصالح والدعوة إلى الصلاح.
قال سبحانه: (وَقُلْ لِعِبادي يَقولوا التِي هِيَ أحْسَنُ إن الشيْطانَ يَنْزَغُ بَينَهُم إن الشيْطانَ كانَ لِلإنسَانِ عَدوَّاً مُبيناً)(الإسراء/ 53).
(لا يُحِبُّ اللهُ الجَهرَ بِالسّوءِ مِنَ القوْلِ إلا مَن ظُلِمَ)(النساء/ 148).
(كلمةً طيّبَةً كشجَرَةٍ طيّبَةٍ أصْلها ثابِتٌ وَفرْعُها في السَّماءِ)(إبراهيم/ 24).
(وَمَثلُ كلِمَةٍ خَبيثةٍ كشَجرةٍ خَبيثةٍ أجتُثتْ مِن فوْقِ الأرضِ ما لها مِن قَرارٍ) (إبراهيم/ 26).
وعن رسول الله (ص): "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت".
"الكلمة الطيبة صدقة".
ويوجه الإمام الباقر (ع) غريزة حب الذات توجيهاً اجتماعياً بناءً، ويجعل من هذه الغريزة الفردية عاملاً ايجابياً من عوامل رص المجتمع، وإنماء روح التآلف والتعارف والتعاون بين الناس، فيقول في تفسير قوله تعالى: (وَقولوا لِلنّاسِ حُسْناً)(البقرة/ 83).
(قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يقال لكم).
اللهم اجعلنا ممن آمنوا، (وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد).

ارسال التعليق

Top