• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الإبتسامة.. تصنع النجاح

عبدالله أحمد اليوسف

الإبتسامة.. تصنع النجاح

◄تعتبر الابتسامة الصادقة من الضروريات في العلاقات الإنسانية، وفي تكوين الصداقات الناجحة، وفي بناء الصرح العائلي، وفي كلّ علاقة إنسانية.. بين الأخ وأخيه، وبين الصديق وصديقه، وبين الزميل وزميله، وبين الرئيس ومرؤوسه.. وذلك لما ترمز إليه الابتسامة من حبّ ومودّة تجاه الشخص المرسلة إليه، إنّها أشبه ما تكون برسالة حب صادقة إلى المرسل إليه!

وقد حثّ الرسول (ص) المسلم أن يلقى أخاه بطلاقة الوجه وحسن البشر، فقد روي عنه (ص) قوله: "كلّ معروف صدقة، وإنّ من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق، وأن تفرغ من دلوك في إناء أخيك" وقوله أيضاً: "لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق" وقد كان الرسول (ص) أكثر الناس تبسماً لأصحابه، يقول عبدالله بن الحارث بن حزم: ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله (ص).

إنّ الابتسامة هي قاعدة أكثر من هامة لتكوين العلاقات الاجتماعية الناجحة، فالابتسامة الصادقة هي التعبير الصادق عن الحب الصادق، فما أروعنا عندما نبتسم.

 

الابتسامة مصيدة القلوب:

هل رأيت الطير عندما يقع في المصيدة؟

إنّه يصبح أسيراً لمالك المصيدة...

كذلك القلوب.. فمصيدتها الابتسامة.. وعندما تقع في المصيدة تصبح أسيرة للصائد

إنّها طريقة سهلة لصيد قلوب الآخرين، لا تكلفك شيئاً سوى أن تبتسم بصدق وإخلاص

فطبيعة الإنسان أنّه ينجذب إلى الشخص الذي يوزع ابتساماته على الآخرين بإخلاص، وينفر من ذلك الشخص العبوس المتجهم. فالوجه يعبر عما في قلبك من حقائق وأسرار! "إنّ تعبيرات الوجه تتكلم بصوت أعمق أثراً من صوت اللسان، وكأنّك بالابتسامة تقول لصاحبك: إنِّي أحبك إنّك تمنحني السعادة، إني سعيد برؤيتك.

ولا تحسب انّني أعني بالابتسامة مجرّد علامة ترتسم على الشفتين لا روح فيها ولا إخلاص، كلا، فهذه لا تنطلي على أحد وإنما أتكلم عن الابتسامة الحقيقية التي تأتي من أعماق نفسك، تلك هي الابتسامة التي تجلب الربح الجزيل في ميادين المال والأعمال".

الابتسامة إذن هي مفتاح لكلِّ القلوب.. وحتى القلوب الشديدة الإقفال، فإذا رأيت شخصاً عبوساً متجهماً تعبر قسمات وجهه عن هموم وغموم، فما عليك إلّا أن تبتسم في وجهه، وسترى أنّه يبتسم بدوره بدون إرادة منه! وقد يصبح صديقاً مخلصاً لك!

ومن الحقائق المهمة.. أنّ الابتسامة الصادقة تعبير عن شخصية سوية، بينما التجهم هو تعبير عن شخصية مريضة "من الحقائق التي لاحظها جمع من المشتغلين في حقل العلاج النفسي، أنّ هناك علاقة عضوية بين بعض الحركات التي تظهر على قسمات الوجه وبين السلامة النفسية أو المرض مثل تقطيب الجبين وزم الشفاه وتقليص الجفون ونحو ذلك" ويضيف العلم قائلاً: "عندما يبتسم الإنسان تشترك في وجهه ثلاث عشرة عضلة، ولكن في حالة عبوسه تقوم بالعمل سبع وأربعون عضلة!! لماذا ترهق نفسك وأعصابك.. اجعل البسمة هي إحدى سماتك الشخصية، فالبسمة الجميلة تزيد الوجه جمالاً وإشراقاً، وتؤثر تأثيراً فعالاً في القلوب، وتشيع البهجة والمرح بين الأصدقاء والمعارف، وفي المقابل.. تعلم أن تتخلص من العبوس والتقطيب فإنّها تورث وجوهاً كالجة، وسحنات متجهمة، وشفاهاً مكشرة!".

ومن المؤكد.. أنّك ستكون عاجزاً عن كسب صداقة إنسان واحد، ما دمت تتعامل مع الآخرين بتجهم وتقطيب، أما إذا كانت الابتسامة من سمات شخصيتك، فستكسب المئات بل الآلاف.. وما عليك إلّا أن تجرّب! فالتجربة خير برهان.

 

الابتسامة.. تصنع النجاح

قال مدير المستخدمين في مخزن كبير بنيويورك: إنّه يفضل استخدام فتاة لم تتم تعليمها الثانوي ولكنها ذات ابتسامة مشرقة جذابة على استخدام دكتور في الفلسفة ولكنه عبوس، متجهم الوجه!

وإليك هذه القصة المعبرة والتي توضح بجلاء دور الابتسامة في صنع النجاح، ولندع صاحبها يقص علينا قصته، يقول "وليم ب. شتيهارت" وهو يشرح تجربته:

"إنّني متزوج منذ أكثر من ثمانية عشر عاماً، وقلّما ابتسمت لزوجتي خلال هذا العمر الطويل! بل قلّما حدثتها أكثر من بضع عبارات ابتداء من الساعة التي أصحو فيها حتى أغادر البيت قاصداً إلى عملي، لقد كنت أسوأ مثل للرجل العبوس، المتجهم، فلما طلبت أن أحدث زملائي عن تجاربي في الابتسام، فكرت في أن أجرّب الابتسام مع زوجتي.

ففي الصباح التالي، بينما أنا أمشّط شعري أمام المرآة تطلعت إلى صورتي وقلت لنفسي: اسمع يا وليم.. إنّك ستمحو اليوم هذا العبوس المخيم على سحنتك، ستبتسم دائماً وستبدأ في التوّ واللحظة، وإذ جلست إلى مائدة الإفطار حييت زوجتي بهذه الكلمات:

"صباح الخير يا عزيزتي" وابتسمت وأنا اقول ذلك.

لقد أنذرتني يا سيدي أنها ستدهش، إلا أنّك هوّنت كثيراً في وصف التأثير الذي اعتراها.. لقد ذهلت.

ولكن أسرعت فوعدتها أن تنتظر مني هذه التحية على الدوام، وقد جرّ هذا الموقف الجديد على بيتنا، في خلال الشهرين الماضيين سعادة لم نذق مثلها خلال العام الماضي كله.

والآن إذ أقصد إلى مكتبي أحيي عامل المصعد بقولي: صباح الخير، وأشفع هذه التحية بابتسامة مشرقة، وأبتسم للصرّاف في شباك المحطة، وعندما أقف في قاعة البورصة أبتسم لرجال لم يروني أبتسم من قبل!

وسرعان ما وجدت كلّ إنسان يبتسم لي بدوره، وأعجب من هذا أنّ الابتسامات أصبحت تدرّ عليَّ مزيداً من المال كلّ يوم.

ويشاركني في مكتبي وسيط آخر لديه كاتب شاب، مرح النفس، منبسط الأسارير دائماً وإذ رأى مدى التغير الذي طرأ عليَّ تشجيعه وصارحني بأنّه عندما وقع نظره عليَّ لأوّل مرة، ظنني شخصاً جامداً عبوساً لا تطاق عشرته، ولكنه غيّر ظنه بيَّ.

وقد طهرت معاملتي للناس، كذلك، من اللوم والانتقاد، وأنا الآن أهب كلمات التقدير والمديح لكل من ألقاه، كما امتنعت عن التحدث إلى الناس فيما أرغب فيه، وأصبحت أحاول دائماً الوقوف على وجهة نظر الشخص الآخر، وقد أحدث هذا التحول ثورة مباركة في حياتي، فأنا الآن شخص مرح سعيد، كثير الأصدقاء".

تذكر أنّ هذا الحديث صادر عن رجل يعد من أبرع المضاربين في سوق الأوراق المالية، وهو عمل من الصعوبة بحيث أن تسعين في المائة ممن طرقوه قد باؤوا بالخيبة".

إنّ هذه القصة تعبر بوضوح عن أهمية الابتسامة في صنع النجاح، وإذا كانت الابتسامة تصنع النجاح، فإنّ التجهم يصنع الفشل، وهذا ما تؤكده القصة التالية: طلب عمّال أحد المحلات التجارية الكبيرة في باريس رفع أجورهم، فرفض ذلك صاحب العمل وأصرّ، فما كان من عمّاله إلّا أن اتفقوا على أن لا يبتسموا للزبائن كردّ على صاحب المحل.

أدى ذلك إلى انخفاض دخل المحل في الأسبوع الأوّل حوالي 60% عن متوسط دخله في الأسابيع السابقة.

لقد قال أهل الصين حكمة رائعة تقول: "إنّ الرجل الذي لا يعرف كيف يبتسم لا ينبغي له أن يفتتح متجراً".

ونحن نقول: "إنّ الرجل الذي لا يعرف كيف يبتسم لا يستطيع أن يفتح قلباً واحداً".

فالابتسامة الدافئة... هي أحد أسرار النجاح، فهي مفتاح القلوب، وهي رمز المحبة والمودّة...

مرة أخرى.. نقول لك...

ابتسم...►

 

المصدر: كتاب الشخصية الناجحة

ارسال التعليق

Top