أسرة
1- الإحسان إلى الكريم في القرآن الكريم:
أ) التخلُّق بأخلاق الله تعالى الذي يُجازي المُحسن بالحُسنى:
قال تعالى: (ويَجزِي الذينَ أحسَنوا بِالحُسنَى) (النجم/ 31).
ب) التخلُّق بأخلاق الذين كافأوا الإحسان بمثله أو بأحسن منه:
قال تعالى في إحسان عزيز مصر ليوسف (ع): (وقالَ الذي اشتَراهُ مِن مِصرَ لامرَأتِهِ أكرِمِي مَثوَاهُ عَسَى أن يَنفَعَنا أو نَتَّخَذِهُ وَلَداً) (يوسف/ 21).
وقال سبحانه في مقابلة يوسف (ع) الإحسان بالإحسان عندما راودته امرأة العزيز عن نفسه فأبى: (قالَ مَعاذَ اللهِ إنّهُ رَبِّي أحسَنَ مَثوايَ إنّهُ لا يُفلِحُ الظّالِمون) (يوسف/ 23) أي إنّه قابل إكرام مثواه بأن جعله عزيز مصر يعيش عيشة كريمة عزيزة هانئة، أنّه لم يخنه مع أهله، لأنّه كان يرى أنّ من الظلم مقابلة الإحسان بالإساءة.
ت) العمل بما يستحسنهُ العقلُ ويُرجِّحه ويُباركه ويستسيغه ويُثني عليه:
قال عزّوجل: (هَل جَزاءُ الإحسَانِ إلا الإحسَان) (الرحمن/ 60).
ث) التحيّةُ خيرُ مثال، فهي رمز لكلِّ عمل من أعمال البرّ والإحسان، فالردّ عليها إمّا (بمثلها) أو (بأحسن منها)، والثاني أفضل:
قال جلّ جلاله: (وإذا حُيِّيتُم بِتَحيّةٍ فَحَيُّوا بِأحسَنَ مِنهَا أو رُدُّوها) (النساء/ 86).
2- الإحسان إلى الكريم في الأحاديث والروايات:
أ) شُكر المُحسن، سواء بكلمات الشكر المعهودة، أو بإهدائه هديّة، أو بإرسال رسالة رقيقة تُعرِب عن الإمتنان، أو بأيِّ لونٍ من ألوان الشكر التي يراها المُحسَن إليه مناسبة:
يقول الإمام علي (ع): "الشكر أحد الجزائين"!
والجزاءان هما: الجزاء المادّي والجزاء المعنوي.
ويقول (ع): "حقٌّ على مَن أُنعِمَ عليه أن يُحسِن مكافأة المُنعِم، فإن قصُرَ عن ذلك وسعهُ – طاقته – فعليه أن يُحسِن الثناء، فإن كَلَّ عن ذلك لسانه فعليه بمعرفة النعمة ومحبّة المُنعم بها، فإن قصرَ عن ذلك فليسَ للنعمةِ بأهل"!
وقال (ع): "مَن جازاكَ بالشكرِ، فقد أعطاكَ أكثر ممّا أخذ منكَ"!
ب) مكافأة المُحسِن بالضعف والزيادة:
قال الإمام علي (ع): "أطِلْ يدك في مكافأة مَن أحسنَ إليكَ، فإن لم تقدر فلا أقلّ من أن تشكره".
وقال الإمام محمد الباقر (ع): "مَن صَنعَ مثل ما صُنِعَ إليه فإنّما كافأ، ومَن أضعف – زاد – كان شاكراً".
ت) أن تعرف أنّ شكرك للمُحسِن على إحسانه هو شكرٌ لله تعالى الذي مَنَّ به عليكَ:
يقول تعالى لعبدٍ من عبيده يوم القيامة: "أشكرتَ فُلاناً؟
فيقول: بل شكرتكَ يا ربِّ!
فيقول: لم تشكرني إذ لم تشكره"!!
ث) إكرام الكريم، والإحسان إلى المُحسِن، يزيد من كرمهما وإحسانهما، ويُشجِّع الآخرين على الإقتداء بهما، ويُعرب ويُعبِّر عن أخلاقية المُكرم للكريم:
قال رسول الله (ص): "إذا أتاكُم كريمَ قومٍ فاكرمُوه".
وكان (ص) لا يُكرم كريم القوم فقط، بل يُكرم ذرِّيّته أيضاً إكراماً له، كما فعل مع (سفّانة) بنت (حاتم الطائي) عندما أسرت فأكرمها بإطلاق سراحها.
وجاءه جرير بن عبدالله ليُبايعه، وكان كريماً في قومه، فسأله (ص): يا جرير، لأيِّ شيءٍ جئت؟ قال: جئتُ لأسلم على يديكَ يا رسول الله، فألقى (ص) إليه كساءه، ثمّ أقبل على أصحابه، فقال: "إذا أتاكُم كريمَ قومٍ فاكرمُوه".
ج) ومن الإحسان إلى المُحسِن والإكرام إلى الكريم، إلقاء الوسادة إليه، أي وضعها خلفَ ظهره ليتّكئ عليها:
قال (ص): "ما من مسلمٍ يدخل عليه أخوهُ المسلم فيلقي له وسادة إكراماً له وإعظاماً إلا غفر الله له".
ويقول الإمام علي (ع): "لقد أتعبكَ مَن أكرمكَ إذا كنتَ كريماً".
ح) الإحسان إلى المُحسِن ولو كان كافراً أو فاجراً:
قال الإمام موسى بن جعفر (ع) في قوله تعالى: (هَل جَزاءُ الإحسانِ إلا الإحسان): "جرت في المؤمنِ والكافر، والبرّ والفاجر، مَن صُنِعَ إليه معروف فعليه أن يكافئ به، وليست المكافأة أن تصنع كما صنع حتى ترى فضلك، فإن صنعتَ كما صنع فله الفضل بالإبتداء".
2- الإحسان إلى الكريم في الأدب:
يقول (أبو تمّام) في الذي لا ينس إحسان مَن أحسنَ إليه:
إنّ الكِرامَ إذا ما أيسروا، ذكروا
مَن كان يألفهُم في الموطنِ الخَشِنِ
وهرب رجل من اليمامة خوفاً من إيواءِ ضيفٍ له، فناداهُ الضيف بلغة الإحسان:
يا أيُّها الخارجُ من بيتهِ
وهارباً من شدّةِ الخَوفِ
ضيفَكَ قد جاءَ بزادٍ لهُ
فارجع وكُن ضيفاً على الضيفِ
ولعلّ هذا من مقابلة الإساءة بالإحسان، وهو أفضل من مقابلة الإحسان بالإحسان.
وكان (الإسكندر الأكبر) يقول: "استقلل كثيرَ ما تعطيه، واستكثر قليلَ ما تأخذ"!
وفي الأمثال الفرنسيّة: "طريقة العطاء تساوي أحياناً أكثر من العطاء نفسه"!
وفي هولندا يقولون: "مَن يعطيني يُعلِّمني العطاء".
أمّا أهل الصين، فيقولون: "إذا أعطاكَ أحدهم نقطة مياه، فكافِئهُ بنبعٍ لا ينضب"!
وحُكِيَ عن (العتبيّ) أنّه قال: "حدّثني رجلٌ قال: قدمَ علينا الحكم بن أحطب وهو مملق – فقير – فأغنانا!!
فقلت: فكيف أغناكُم وهو مملق؟!
فقال: علَّمنا المكارم – أن يكرم بعضنا بعضاً - ، فعاد غنيّنا على فقيرنا"!
وقال (جبران خليل جبران): "ما أعمى الذي يعطيك من جيبهِ ليأخذ من قلبِك".
3- برنامج الإحسان إلى المُحسن أو الكريم:
يقول الإمام زين العابدين (ع) في (رسالة الحقوق):
"وأمّا حقّ ذي المعروف عليك:
1- فإن تشكره.
2- وتذكر معروفه.
3- وتنشر له المقالة الحسنة (وتكسبه المقالة الحسنة)، أي تتحدّث عن سمعته الطيِّبة.
4- وتُخلص له الدُّعاء فيما بينكَ وبين الله سبحانه، فإنّك إذا فعلتَ ذلكَ، كنتَ قد شكرتهُ سرّاً وعلانية.
5- ثمّ إن أمكن مكافأته بالفعل كافأته.
6- وإذا علمتَ أنّه نعمة من الله عليكَ لا شكّ فيها، فأحسِن صحبة نعمة الله بحمدِ الله عليها على كلِّ حال".
ارسال التعليق