• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإسلام غايته السلام العالمي

عمار كاظم

الإسلام غايته السلام العالمي

الإسلام هو دين التسامح والمحبّة والسلام.. والسلام مبدأ من المبادئ التي عمّق الإسلام جذورها في نفوس المسلمين، وأصبحت جزءاً من كيانهم، وهو غاية الإسلام في الأرض.. فالإسلام والسلام يجتمعان في توفير السكينة والطمأنينة ولا غرابة في أنّ كلمة الإسلام تجمع نفس حروف السلم والسلام، وذلك يعكس تناسب المبدأ والمنهج والحكم والموضوع وقد جعل الله السلام تحيّة المسلم، بحيث لا ينبغي أن يتكلّم الإنسان المسلم مع آخر قبل أن يبدأ بكلمة السلام، حيث قال رسولنا الكريم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم): «السلام قبل الكلام» وسبب ذلك أنّ السلام أمان ولا كلام إلّا بعد الأمان وهو اسم من أسماء الله الحسنى. وممّا لا شكّ فيه أنّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) جاء سلاماً ورحمةً للبشرية ولإنقاذها وإخراجها من الظلمات إلى النور حتى يصل الناس جميعاً إلى أعلى مراتب الأخلاق الإنسانية في كلّ تعاملاتهم في الحياة. قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء/ 107).

إقرار السلام لا يعني انتفاء الحرب تماماً، بل إنّ الحرب وُضِعت في الشريعة لإقرار السلام وحمايته من المعتدين عليه، وقد أمر الله سبحانه وتعالى المسلمين المؤمنين بأن يقاتلوا في سبيله، والله هو السلام، وأمرهم بأن يقاتلوا المعتدين وينصروا المعتدى عليهم الآمنين المسالمين.. إنّ السلام بمفهومه السلمي هو أمنية ورغبة أكيدة يتمناها كلّ إنسان يعيش على هذه الأرض، فالسلام يشمل أُمور المسلمين في جميع مناحي الحياة ويشمل الأفراد والمجتمعات والشعوب والقبائل، فإن وجد السلام انتفت الحروب والضغائن بين الناس، وعمت الراحة والطمأنينة والحرّية والمحبّة والمودّة بين الشعوب.

وفي القرآن الكريم والسنّة النبويّة الشريفة عدّة قواعد وأحكام ينبني عليها مفهوم السلام، ممّا يشكّل للمسلمين قانوناً دولياً يسيرون عليه، وهذه القوانين والشروط الواجب توفرها حتى يتحقّق السلام تظهر في المساواة بين الشعوب بعضها البعض، فالإسلام يُقرِّر أنّ الناس، بغض النظر عن اختلاف معتقداتهم وألوانهم وألسنتهم ينتمون إلى أصلٍ واحدٍ، فهم إخوة في الإنسانية، ومنه قول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): «كُلُّكم لآدم، وآدم من ترابٍ، لا فضلَ لعربيٍّ على أعجَمِيٍّ إلّا بالتقوى». كما أنّ الوفاء بالعهود، ومنع العدوان، وإيثار السلم على الحرب إلّا للضرورة وإقامة العدل والإنصاف، ودفع الظلم، من القواعد الأساسية لتحقيق السلام بين الشعوب والمجتمعات، فلا يعتدي أحدٌ على حقّ أحدٍ، ولا يظلم أحدٌ أحداً.

إنّ أثر الإسلام في تحقيق السلام العالمي يتجلى في تعزيز التعايش السلمي وإشاعة التراحم بين الناس ونبذ العنف والتطرّف بكلّ صُوَره ومظاهره، وكذلك في نشر ثقافة الحوار الهادف بين أتباع الأديان والثقافات لمواجهة المشكلات وتحقيق السلام بين مكونات المجتمعات الإنسانية. إنّ للسلام العالمي شأناً عظيماً في الإسلام، فما كان أمراً شخصياً ولا هدفاً قومياً أو وطنياً بل كان عالمياً وشمولياً، فالسلام هو الأصل الذي يجب أن يسود العلاقات بين الناس جميعاً، فالمولى عزّوجلّ عندما خلق البشر لم يخلقهم ليتعادوا أو يتناحروا ويستعبد بعضهم بعضاً، وإنّما خلقهم ليتعارفوا ويتآلفوا ويعين بعضهم بعضاً، فالإسلام يدعو إلى استقرار المسلمين واستقرار غيرهم ممّن يعيشون على هذه الأرض.. فالسلام ضرورة حضارية طرحها الإسلام منذ قرون عديدة من الزمن باعتباره ضرورة لكلّ مناحي الحياة البشرية ابتداء من الفرد وانتهاءً بالعالم أجمع فبه يتأسّس ويتطوّر المجتمع. قال تعالى في محكم كتابه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات/ 13).

ارسال التعليق

Top