هو الإمام الثاني، كنيته أبو محمد الحسن بن عليّ المجتبى سيد شباب أهل الجنة. والده الإمام عليّ (ع) وأُمه فاطمة الزهراء (عليهما السلام)، ولد في المدينة المنورة، في الخامس عشر من شهر رمضان سنة 3 هـ. كانت مدة إمامته ١٠ سنوات .وعمره الشريف ٤٧ عاماً. ولد ونشأ في كنف جدّه خاتم الأنبياء، وأبيه سيّد الأوصياء، وأمّه الصدّيقة الزهراء. وهو أول مولود يولد من سلالة الرسالة، ليحفظ الله به وبأخيه الإمام الحسين، نموَّ الشجرة الطيّبة التي أصلُها ثابت وفرعُها في السماء. رعاه جدّه العظيم بعينه وقلبه، فهو قطعة من وجوده، وإشراقة من روحه، وصورة تحكيه. ورّثه ـ فيما ورّثه ـ هيبتَه وسُؤدده.. حتّى فَرِقَ منه أعداؤه أعداءُ الحقّ، وأعظَمَه مخلصوه وأحبّاؤه. وأعظِمْ بإنسانٍ جدّه محمد، وأبوه عليّ، وأمّه فاطمة، وأخوه الحسين. وأيّ فخرٍ بعد هذا المفتخَر، وأيّ مجدٍ بعده لإنسان. وكان الحسنُ أشبه الناس برسول الله (ص) خَلْقاً وخُلُقاً وسُؤدداً وهَدياً .روي عن أنسِ ابن مالكٍ قالَ : "لم يكنْ أحدٌ أشبهَ برسولِ اللهِ (ص) من الحسنِ بنِ عليٍّ (عليهما السّلامُ)". كما تحدَّث القرآن عن أبوّة الرسول الأكرم (ص) للإمام الحسن (ع) فقال تعالى في آية المباهلة: (فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ) (آل عمران/ 61). وشعر خاتم الأنبياء بحلاوة بنوّة حفيده فكان يردّدها وهو يضمّ الحسن (ع): "اللّهمّ إنّ هذا ابني وأنا أحبّه فأحبّه وأحبّ مَن يحبّه". ومع صغر سنّ الإمام الحسن (ع) أبى القرآن الكريم إلّا أن يخبر عن عصمته الإلهيّة عن كلّ رجس فقال تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) (الأحزاب/ 33). وفي طفولته أخبرنا كتاب الله تعالى عن موقع الإمام الحسن (ع) في جنّة الله عزّ وجلّ فقال تعالى محدِّثاً عنه وعن بقيّة أصحاب الكساء: (وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا) (الإنسان/ 12). وورد أنّ رسول الله (ص) كان يقول للمسلمين: "مَن سرَّه أن ينظر إلى سيِّد شباب أهل الجنّة فلينظر إلى الحسن". وأوجب الله تعالى حبّ الإمام الحسن (ع) بل جعل حبّه أجر النبيّ من الناس في تأدية رسالة الإسلام فقال تعالى: (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) (الشورى/ 23)، وسُئل النبيّ (ص) مَن هؤلاء القربى؟ فأجاب: "عليّ وفاطمة وابناهما". وعمل النبيّ (ص) جاهداً في تعزيز حبِّ الإمام الحسن (ع) في قلوب الناس فكان يقول: "مَن أحبّني فليحبَّه فليبلغ الشاهد الغائب"، وكان (ص) يأخذ بيده ويد أخيه الحسين (ع) ويقول: "مَن أحبَّني وأحبّ هذين وأباهما وأُمّهما كان معي في درجتي يوم القيامة". وكانت لدعوات القرآن والنبيّ (ص) صدى في قلوب المسلمين التي تعلّقت بحبّ الإمام الحسن (ع) وزاد حبّهم له حينما كبر الإمام (ع) ليرى فيه المسلمون أشبه الناس خَلقاً وخُلُقاً برسول الله فكانوا يرونه حينما يتوضأ ويصلّي وفرائصه ترتعد ولونه يصفرّ، وعرفوا زهده في الدنيا وهو الذي قاسم الله ماله ثلاث مرّات وخرج منه مرّتين، ورأوا مزاياه وخصاله التي ملأت قلوبهم حباً وتعظيماً له فكان حينما يخرج ليُبْسَط له عند باب داره ينقطع الطريق فما يمرّ أحد من خلق الله إجلالاً له. وذات مرّة وفي طريق مكّة نزل الإمام الحسن (ع) ليمشي فما من خلق الله أحداً إلّا نزل ومشى إجلالاً للإمام (ع).
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق