• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإنطوائية وعدم الإندماج مع الآخرين

أسرة

الإنطوائية وعدم الإندماج مع الآخرين


أنا شابة جامعية أعاني مشكلة عدم الإندماج مع الآخرين، فانا قليلة الكلام، لا أعبر عن آرائي، أخجل من الآخرين و هذا يجعلني أحس بضعف في شخصيتي، من هنا أرجو مساعدتي ولكم جزيل الشكر.


الأخت الفاضلة
السلام عليكِ ورحمة الله وبركاته
الخجل قد يكون نقطة ضعف في شخصية الإنسان تؤثر على سلوكه وتعامله وتواصله مع الآخرين، لذا فإن تخطيه لهذه العقبة يفيده كثيراً في علاقاته الاجتماعية، ولكن ينبغي أن نعلم بأن الخجل لم يكن حاجزاً بين كثيرين والنجاح في حياتهم.. نعم ربما يستطيعون مواصلتها بشكل أفضل أو أروح لو أنهم استطاعوا تحديد تأثير الخجل عليهم، وهو مايحدث عادة مع زيادة خبرات الإنسان وتقدمه في العمر.
ومع هذا كله، ففي العالم ناس متميزون في شخصياتهم، علماء، أدباء، فنانون وعاملون في سائر الحقول الحياتية، وهم خجلون.
إذن، الخطوة الأولى هي أن لا نخجل من الخجل ولا نعيش عقدة خانقة منه لأن لهذا تأثير أسوأ من مجرد أن يكون الانسان خجولاً.
والخطوة الأخرى هي أن نعمل على زيادة الثقة بأنفسنا من خلال أولاً تذكر النعم التي أنعم الله علينا وربما افتقدها كثيرون آخرون، وأيضاً الطاقات والقدرات التي نملكها وربما كنا غافلين عنها.. لنضع هذه الأمور على الورق أمام أعيننا لنتذكرها باستمرار ونزداد ثقة وعزماً ونمتلأ شعوراً بالرضا.
ولابد هنا من أن نعمل على تنمية مواهبنا الطيبة وتأهيل الصفات الحميدة فينا وأن نقدم على العمل الصالح ولو كان بسيطاً فالأعمال بالنيات وهذه كلها ستضفي على حياتنا معنى وقيمة وتجعلها حلوة ونافعة وهادفة، نحس معها بالدفء والسكون، ولا ننسى ذكر الله على أي حال (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) (الرعد/ 28).
وبعد أن نعيش السلام في داخلنا ونمتلأ بالمحبة لربنا وأنفسنا.. بعد ذلك نستطيع مواصلة الحياة بثقة أكبر دون أن تؤثر بنا كثيراً الظروف المحيطة، قال الشاعر:
يا ليت بيني وبينك عامر
وبيني وبين العالمين خراب
إذ إن (رضا الناس غاية لا تدرك) والأهم هو أن يكون الله تعالى راضٍ عنا وأن نكون نحن راضين عن أنفسنا. وهذا بدوره سيساعدنا على تقوية موقعنا الاجتماعي وسيجعلنا نؤثر في الآخرين بدل التأثر بهم، فالنفس إذا كملت صفاتها الحميدة وفاضت بالشعور بالرضا، انعكس هذا على الآخرين لأنه سيكون لها جاذبية، أو قل نوراً تشع به.
ومن جهة أخرى، فلا نظن أن الآخرين لا شغل لهم إلا مراقبتنا، فلكل منهم همومه ومتاعبه، ولا ينبغي التفكير فيهم أكثر من اللازم، حتى أننا ندخل المجتمع وكأن كل عيونهم تراقبنا.. بل لنعتاد على دخول المجالس والمحافل والصف ومؤسسة العمل دون الإكتراث بنظرات الآخرين، فإذا شغلنا أنفسنا عنهم كانوا هم أيضاً في شغل عنا.
ونعمل بعد ذلك على أن نقدم بخلاف الحواجز النفسية من خجل أو خوف وغيره.. فكل شيء ترددنا فيه أو خجلنا منه ـ ولم يكن فيه خطأ أو حرام ـ أقدمنا عليه.. لنسلم على من نخجل منه ونتحدث عند مَن نخشاه، ونذهب إلى حيث نقلق من الذهاب إليه وهكذا.
ومن المفيد الإستعانة بقريب أو صديق يساعدنا في الخطوات الأولى بالرفقة والمشاركة في الحديث والتواصل مع الآخرين، كما إن من المفيد أيضاً أن نهيئ في أنفسنا أحياناً الحديث الذي نريد التحدث به وأن نحسن الاستماع إلى الآخرين ونواصل معهم الحديث بطرح المزيد من الأسئلة المهذبة عليهم.
ولا نخاف ونقلق إذا أخطأنا فالكل يخطأون.. هذه هي طبيعة البشر ونحن منهم، فلا نرسم لأنفسنا صورة مثالية مطلقة لا يمكن بلوغنا، ولكن لنكن واقعيين نعيش كالآخرين، مع نية السير في طريق الكمال، ولا نهتم كثيراً إذا ما وجّه لنا أحدهم لوماً أو نقداً فإن كان حقاً شكرناه وإن كان مخطئاً دافعنا عن أنفسنا بلباقة وبينا له باحترام خطأه.
إذن لندع القلق جانباً ونواصل الحياة.
ومن الله التوفيق.

ارسال التعليق

Top