• ١٨ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٩ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الانتقاد الإيجابي = تطوير شخصية الطفل

الانتقاد الإيجابي = تطوير شخصية الطفل

                     إلى ماذا نهدف عندما ننتقد سلوك أطفالنا؟

إننا نهدف بكل بساطة إلى مساعدتهم على تطوير شخصياتهم.. وتنمية قدراتهم الذاتية لمواجهة المواقف التي تواجههم كلّ يوم.. ولكي نصل إلى هذا الهدف.. ليس أمامنا من وسيلة إلا الانتقاد الإيجابي الذي يحرك عند الطفل هذا المحرك الذاتي لكي يطور نفسه، لأن انتقادنا فقط لأخطائه.. لكي يتخلص منها دون أن نذكر الجوانب الإيجابية في شخصيته.. يشعره بأنّه إنسان فاشل لا فائدة ترجى منه، وهذا الشعور يفقده الثقة بنفسه مع الوقت، كما أنّه يدعم السلوك السلبي لديه، فالأطفال عادة يأخذون مسألة انتقاد آبائهم لهم بطريقة شخصية، فهم يشعرون أنهم مهاجمون من قبل أشخاص يريدون إعجابهم لا هجومهم، بل إن هذا الانتقاد يجعلهم يعتقدون بأنهم عاجزون عن تغيير سلوكهم.

لكن كيف يمكن للانتقاد أن يكون بناءً وإيجابيّاً؟ الانتقاد معناه أن نحكم ونقيم ونلوم ونأمر بالنهي عن تكرار سلوك سيِّئ، فهل نستطيع بالانتقاد أن نبني روح المسؤولية والمناقشة والمثابرة لدى أطفالنا..؟ نعم، نستطيع ذلك عن طريق الانتقاد البناء الذي سيساعدهم على تطوير شخصياتهم بأنفسهم.

ولكي أوضّح مدى تأثير الانتقاد السلبي على نفسية الطفل، وكيف يدفعه إلى العناد وعدم التطور سأذكر هذا المثال.

جلست الأُم مع ابنها علي البالغ من العمر عشر سنوات، لكي يستعرض أمامها السطور التي حفظها ليؤديها في مسرحية المدرسة.

بدأ على يمثل بثقة، ثمّ بدأ يغلط في بعض الكلمات، فشعر بالارتباك وأخذ يخطئ في نطق كلمات أخرى.

قالت الأُمّ: علي، لا تسرع في لفظ الكلمات.. قلها ببطء ووضوح.. هذه سطور سهلة جدّاً.

رد علي: سأحاول.

لكنه ما لبث أن عاد إلى ارتكاب الأخطاء.

قالت له والدته وهي تلومه: لو أنك درست الدور جيداً، وطبقته كلّ يوم، مثلما كان عليك أن تفعل، فإنك لن تنسى هكذا.

أجاب علي وقد بدا الضيق على وجهه: كفى يا أمي، سأحفظ دوري قبل أن يحين موعد المسرحية.

ردت الأُم بقلق: وأين الوقت لكي تحفظ دورك، المسرحية ستعرض الأسبوع القادم، فكيف ستحفظه في هذه المدة القصيرة، أحمد حفظ دوره كله؟.

أجاب علي غاضباً: دعيني وحدي، لا أريد مساعدتك.

كانت هذه الأُمّ سلبية في انتقادها لابنها.. لذلك جاءت النتيجة التي تريدها عكسية إذ غضب علي.. ولم يرد مساعدتها.. فهي عندما قالت له:

-         لا تسرع في نُطْقِ الكلمات، قلها ببطء ووضوح، هذه سطور سهلة جدّاً.

كأنها تقول له:

-         أنت غير قادر على حفظ الدور، رغم سهولته.

وعندما قالت لابنها:

-         لو أنك درست الدور وطبقته كلّ يوم، مثلما كان عليك أن تفعل، فإنك لن تنسى. هكذا، كأنها تلومه على كسله..

وعندما قارنت بينه وبين صديقه أحمد الذي انتهى من حفظ دوره، فإنها جعلته أقل ثقة بنفسه، لذلك ثار عليها غاضباً بقوله:

-         دعيني وحدي، لا أريد مساعدتك.

والواقع، أننا عندما نعلق على ما يبذله الطفل من مجهود وهو يؤدي واجبه، أو وهو يدرس ويتمرن على حفظ دوره في مسرحية ما، بأن نقول له: إن ما يقوم به أمر سهل، فإننا بذلك نهبط من عزيمته ونقلل من ثقته بنفسه، لذلك علينا من خلال الانتقاد الإيجابي أن نقول العكس، لكي نحرك فيه روح المثابرة والثقة بالنفس بأن يقول الأب لابنه مثلاً:

-         إن ما تقوم به ليس سهلاً، أليس كذلك؟ لكني أراهن على أنك قادر على القيام به. لقد شارك الأب هنا ابنه شعوره، ثمّ وضع في نفسه الثقة على أنّه قادر على إكمال العمل الذي يقوم به، وحرك بذلك الدافع الذاتي لديه لكي يثابر ويطور عمله بنفسه.

 

المصدر: كتاب إبني.. لا يكفي أن أحبّك (رحلة إلى قلب الطفل وعقله) للكاتب سلوى يوسف

ارسال التعليق

Top