التسامح في اللغة معناه التّساهل؛ فبالتسامح تكون لك نصف السعادة، وبالتسامح تطلب من الخالق أن يسامحك ويغفر لك. وبالتسامح تسامح أقرب الناس إليك؛ والديك وأبناءك وكلّ من أخطأ بحقك، كما أنّ التسامح ليس بالأمر السهل إلّا لمن يصل إليه فيسعد، ونعني بالتسامح أيضاً أن تطلب السّماح من نفسك أوّلاً ومن الآخرين.. إنّ التسامح هو الطريق إلى الله والحب والسعادة وهو الجسر الذي يتيح لنا مفارقة الذنب واللوم وإنّه يعلّمنا أنّ الحب أساس السعادة. التسامح ينقي الهواء ويطهر القلب والروح ويجعلنا على صلة بكلّ شئ مقدس فمن من خلال التسامح نجد أنفسنا مرتبطين بما هو أكبر من أنفسنا ومما هو وراء تصورنا وفهمنا الكامل إنّه ليدعونا إلى إن نستشعر الأمن والاستقرار النفسي. التسامح هو أن ننسى الماضي الأليم بكامل إرادتنا إنّه القرار بألا نعاني أكثر من ذلك وأن تعالج قلبك وروحك إنّه الاختيار ألا تجد قيمة للكره أو الغضب وإنّه التخلي عن الرغبة في إيذاء الآخرين بسبب شيء قد حدث في الماضي إنّه الرغبة في أن نفتح أعيننا على مزايا الآخرين بدلاً من عيوبهم . لا شك أنّ مبدأ التسامح عظيم، لأنّنا كلنا أهل خطأ، ونحتاج كثيراً إلى مَن يصفح عنا ويحلم علينا، ليصنع لنا بذلك معروفاً ندين له به أبداً... فكلنا نخطئ ، ونذنب، وكلّنا يحتاج إلى مغفرة. والتسامح هو الممحاة التي تزيل آثار الماضي المؤلم. قال تعالى: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) (البقرة/ 237).. وقال الرسول محمّد (ص): "أفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة أن تصل مَن قطعك وتعطي مَن حرمك وتعفو عمن ظلمك". نعم، التسامح يجعل عبء الحياة أقل ثقلاً مما هى عليه. يخلق التسامح عالماً نمنح فيه حبنا لأي إنسان التسامح هو أقصر طريق إلى الله. وهو المساهلة وترك الاستقصاء عن بواطن الناس. وكان في مقدمة مَن سلك هذا المنهج رسول الله (ص) واقتدى به كلّ صاحب نفس كبيرة وهمة عالية، احتمالاً للناس وصبراً عليهم وقبول ما تيسر من أخلاقهم وحسن تعاملهم والتغاضي عن هفواتهم فوسعوا الناس بأخلاقهم وحسن تعاملهم. قال تعالى (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) (الأعراف/ 199). وقال عليّ بن أبي طالب (ع): "أعقل الناس أعذرهم للناس". وللتسامح أهمية كبيرة حيث يخلص التسامح الفرد من أخطائه التي قام بها وشعوره بالذنب والإحراج، وذلك من خلال مسامحته لنفسه وتصحيح أخطائه. كما ويرفع من رقي الشخص الذي يبادل الإساءة بالتسامح، وتجعله إنساناً مليئاً بالخير، ويمتلك نفسية سويّة، بعيدة عن الحقد والكره والأمراض النفسية. ويجنب التسامح حدوث المشاكل بين الأصدقاء والمحبين بسبب سوء ظنهم ببعضهم البعض وعدم تلمس الأعذار لهم. كذلك سينال الشخص المتسامح الثواب من الله تعالى، وسيعفو عنه بالمقابل. ويحقق المقدرة على التعايش بين الأفراد والشعوب، من خلال المحافظة على حقوق الغير وتقبل الاختلاف بشتى مجالاته، دون اللجوء للعنف والصراع ومشاعر الحقد والكراهية والعنصرية. ومن ثمرات التسامح تحقيق المصلحة العامة كأولوية مع المحافظة على مصالح الأفراد، من خلال عدم التعدي عليها والسماح بتحقيقها بالطرق القانونية والسليمة. ويرفع قيمة العلم والتثقيف والحوارات الفعّالة والبناءة، حيث يجعل الأفراد يهتمون بالأساليب وبتحقيق مراتب عليا من الثقافة والتعليم حتى يصل لأهدافه بالطرق السليمة، دون أن يعتدي على حقوق غيره.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق