• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

التكنولوجيا في قفص الإتهام

تحقيق: سعد شلش

التكنولوجيا في قفص الإتهام
الـ"ماوس" والـ"موبايل" والـ"ريموت كونتترول"، ثلاث قطع إلكترونية صغيرة، جعلت لكل من الأطفال والشباب والآباء والأُمّهات عالمه الخاص به، بحيث بات كل ما يجمعهم هو سقف البيت فقط. حيث تسبب تراجع التماسك والتفاعل بين أفراد العائلة الواحدة. تصوروا عائلة يتسمّر أفرادها أمام شاشات أجهزتهم الإلكترونية في الليل والنهار، لا يتوقفون عن إرسال الرسائل ومشاهدة الأفلام والتواصُل عبر "فيس بوك" و"تويتر"، مفضّلين التواصل مع أشخاص افتراضيين على الأشخاص الواقعيين، الذين تربطهم بهم صلة الرحم.. أليس هذا ما يُفقد الأسرة تماسكها؟ هذا هو الواقع الذي بات يُهيمن على الكثير من بيوتنا العربية في عصر تكنولوجيا المعلومات. وقد عبّر أحد الآباء عن ذلك بقوله: "لم أعد أرى أبنائي، فكلما دخلت غرفة من الغرف، وجدت أحدهم مُيَمّماً وجهه شطر شاشة الكمبيوتر، والآخر أمام شاشة التلفزيون، والثالثة تُمسك بالنقال ويدها لا تتوقف عن كتابة الرسائل". وفي الحقيقة، إنّ هذه المشكلة لا تقتصر على العائلة العربية فحسب، حيث إنّ عالم النفس الشهير د. فيل، كان قد حذر "من خطورة المواقع الاجتماعية على التواصل الواقعي بين الأفراد، واتساع الخطورة على العلاقة بين الأزواج"، مشدّداً على "ضرورة عدم الوقوع فريسة إدمانها، من خلال استعادة التواصُل مع الأشخاص الحقيقيين في الحياة".   - مقدمة: هاني المشد (رجل أعمال، لديه طفلان)، يصف الواقع كما يعيشه معترفاً بدايةً: "إنّ التماسُك الأسري تراجع بالفعل، بسبب تعدّد وسائل الاتصالات الحديثة". يقول: "في بيتنا لكل شخص عالمه. فأنا أجلس معظم الوقت مع الجهاز، وزوجتي كذلك، أما ابني الصغير، وعمره 6 سنوات، فهو الأكثر مهارة في الأسرة في استخدام كل ما هو حديث، وشقيقه الأكبر (11 عاماً)، يجلس هو الآخر مع جهازه، والصورة نفسها لدى الأصدقاء". يضيف: "حتى عندما نجلس كأسر، يمسك كل منّا بجهازه في يده، الزوجات والأزواج والأطفال، لدرجة دفعتني مؤخراً إلى أن أصرخ فيهم قائلاً: "كفَى نحنُ لم نتحدث منذ ساعة تقريباً". لكنه يعود ليعترف بأنّه "مع هذا، في اليوم الثاني مباشرة، تَكرّر الأمر نفسه".

ومع اعتراف هاني بضعف أو تراجع التماسك الأسري، بسبب وسائل تكنولوجيا الاتصال، إلا أنّه يرى أنّ "لهذه الأجهزة فوائدها الكثيرة على الأبناء، فقد أصبحت معظم المدارس تعتمد عليها في العملية التعليمية".

 - حنين:

بدوره، يتحدث مروان الحمادي، عن الواقع الذي يعيشه اليوم، مُقارَنة بأيام الطفولة وما سمعه من جيل الآباء، عن تماسُك الأسرة في الماضي. يقول: "لقد باتت عبارة "عيدكم مبارك"، التي نكررها في الأعياد المختلفة، مجرد رسالة نصية، وبضغطة زر واحدة، نرسلها إلى الأهل والأصدقاء وانتهى الأمر". يضيف: "حتى في داخل البيت الواحد، بات لكل فرد عالمه"، مستغرباً كيف أنّ الأمور "وصلت إلى درجة أنّ الواحد منّا أصبح يقول لصديقه أو قريبه: "لم أرَك منذ زمن طويل". أي أنّه لم يتصل به، وليس كما يتبادر إلى الذهن "أنّه لم يرَهُ مباشرة". يقول: "حتى ونحن نجلس مع الأصدقاء، لم يعُد هناك من حديث، إلا عن أحدث الموبايلات والأجهزة الحديثة، بل إنّ كلا منّا يجلس مع نفسه، يرسل ويتلقى الرسائل.. فـ"تويتر" و"فيس بوك" بَاتَا حديث الألسُن على مدار الساعة".   - حدود ضيقة: في المقابل، على النقيض من مروان الحمادي، تتعامل فاطمة الصقور (مذيعة تلفزيونية)، مع تكنولوجيا الاتصالات بحذر شديد، مُؤكدةً أنها تحرص على التواصل الأسري بشكل مباشر، تصفه بقولها: "نظراً إلى وجودي هنا في دبي، فإن تواصلي مع الأهل في عمان، يكون عن طريق الهاتف، فأنا لا أستخدم الرسائل الصامتة، لأن مجرد سماع الصوت والنفس وأنت تتحدث مع قريب أو صديق، يُشعرك بالاقتراب منه". لكن فاطمة تؤكد، أنّ "المشكلة في استخدامنا السيئ لتكنولوجيا الاتصال، فقد انجرفنا نحوها ونسينا الأساسيات التي تربّينا عليها".   - ثوابت: اجتماع الأسرة حول مائدة الطعام، من الثوابت التي رسختها أسرة الآنسة نور شحرور (موظفة)، على الرغم من حبهم لوسائل التكنولوجيا الحديثة، وهي إذ تتحدث عن ذلك، تقول: "بمجرد الإعلان عن جهاز "أي فون" جديد، أسعى وإخوتي إلى اقتنائه، وهكذا، نظل لفترة نعيش مع أنفسنا". لكن نور تكشف "أننا اعتدنا عند غياب أحد أفراد الأسرة، وأثناء وجودنا مع العائلة، أن يقوم الوالد أو الوالدة بدعوته إلى الجلوس مع المجموعة، ما جعل تأثير هذه الوسائل في تماسكنا الأسري في أدنى درجاته"، لافتةً إلى أنّ "الفضل يعود إلى الوالدين".  

 - لا تتهموا التكنولوجيا:

من جهته، ينقلنا خبير التكنولوجيا المهندس خالد الرفاعي إلى مربع آخر، مُعاكس لما طرحه البعض عن تأثير التكنولوجيا الحديثة في التماسك الأسري، بحيث يتحدث الرفاعي كخبير في هذا المجال، وكأب لشاب وفتاة، فيقول: "الإشكالية الحقيقية ليست في التكنولوجيا، ولكنها ناتجة عن انهيار وضياع الثوابت والقيَم التي تحدد اتجاهاتنا، وهو ما أوصلنا إلى هذه الحالة من التفكك وغياب التماسك الأسري، فلقد تقبّلنا ما يتم تصديره إلينا من الثقافات الأخرى، ما أثّر في البوصلة، ولم نعد نستطيع التمييز بين الأشياء". ويستبعد المهندس الرفاعي "أن يكون لتحديد ساعات معيّنة للتعامُل مع الأجهزة الحديثة، أي تأثير إيجابي"، متسائلاً: "هل سيقوم الآباء بدور الشرطي لساعات مُحدّدة أم طوال الوقت؟"، مُؤكداً أنّ "هذه المسألة لا تُفيد، لأنّك كأب وأم لا يوجد لديك الوقت الكافي لتحقيق ذلك، وبمجرد أن تنصرف عن المكان، سيسعى كل فرد في الأسرة إلى عالمه الخاص". يضيف: "أما الحل السليم، فيتمثّل في بناء رقابة ذاتية لدى أفراد الأسرة، عن طريق غرس قيَمنا الشرقية الأصيلة، باعتبارها السبيل لبناء أسرة صالحة، وشرح مضار القيم المصدّرة إلينا من المجتمعات الغربية". يُشير المهندس الرفاعي إلى نقطة أخرى مهمّة، حيث يقول: "إنّ من المهم أن يكون الآباء والأُمّهات قُدوة لأبنائهم، فالأقنعة المزيّفة لا تفيد". ويُخاطب الأب قائلاً: "احرص على ألا تكون بشخصية أمام أبنائك، وبشخصية أخرى عندما تختلي بنفسك، فالأجيال الجديدة تعيش في عصر مختلف عن عصرنا، عصر له حسناته وسيئاته، وبما أنّ التقنيات الحديثة أصبحت مصدر متعة للأولاد والفتيات. بالتالي، لا طاقة لهم للتعاطي مع أساليب التخاطب التقليدية التي تربّينا عليها نحن، فالشاب اليوم لا يفضّل الذهاب إلى زيارة قريب له مثلاً، ولكنه يكتفي بإرسال رسالة".   - الدور المسؤول: "حتى تعود الأسرة العربية إلى سيرتها الأولى، وتماسكها الذي كان من أساسيات بناء مجتمع متماسك"، يقترح خالد الرفاعي: "أن يعود الدور المسؤول إلى الأب والأُم منذ لحظة الإنجاب، بالعمل على غرس روح التماسك الأسري، التي ضاعت بسبب انشغال الأهل أنفسهم عن أبنائهم، فغابت أدوارهم وغاب الأبناء عنهم، ما أوصلنا إلى هذه الحالة من عدم التماسك". على المستوى الشخصي، يطبّق خالد الرفاعي ما يقوله على أفراد أسرته ويشرح: "لديّ ولد وبنت لم أمنع عنهما أي نوع من التقنيات الحديثة، بل قمت بتوضيح السلبيات والإيجابيات لكل جهاز، وغرست الثقة داخل شخصية كل منهما، شخصية الإنسان أوّلاً، والمسلم ثانياً، مع ثقة كاملة بتصرفاتهما واتخاذ الخيارات الصالح منها والطالح، مع الحوار الدائم بيننا إلى أقصى حد، لمناقشة أي موضوع حتى ولو بدا أنّه مُحرج جدّاً". يضيف: "لا مجال لفرض الرأي بالقوة، وأنا أحرص دوماً على دعم الروابط الأسرية، سواء أكان على مستوى الأسرة الصغيرة أم الكبيرة، التي تتسع لتشمل الأعمام والعمّات، حيث نلتقي كعائلة على الغداء مرة كل أسبوع، وهو ما تعوّدنا عليه أنا وأشقائي، وهي العادة التي ترسّخت لدينا بفضل أبي وأمي، ونحنُ بدورنا ننقلها إلى أبنائنا".   - انعدام الحوار: ليست تكنولوجيا الاتصال هي المسؤولة عن ضعف التماسك الأسري، بل هناك عوامل أخرى ترصدها الدكتورة منى البحر، (أستاذ علم الاجتماع)، ومنها: "انعدام الحوار بين أفراد الأسرة وغياب العلاقة الحميمة بين الآباء والأبناء، فلو كانت الأسرة قد تعوّدت على الجلوس إلى مائدة واحدة لتناول الطعام، أو حرص الآباء والأُمّهات على الخروج بصحبة أبنائهم في عطلة نهاية الأسبوع، لما لجأ الشاب أو الفتاة إلى الـ"بلاك بيري" والـ"تويتر" للحوار مع الآخرين، أو متابعة الأحداث الجارية هنا وهناك"، لافتةً إلى أنّ "نقاط الالتقاء بين أفراد الأسرة، هي من مسؤولية الوالدين، فلو تربّى الأبناء على الجلوس والخروج لبعض الوقت، مع آبائهم وأمهاتهم لما كنّا نعاني اليوم غياب التماسُك الأسري".   - الأحضان الدافئة: وبينما تواصل الدكتورة منى البحر، توصيفها المشكلة وسُبل معالجتها، تقول: "إنّ لجوء الأشخاص إلى ملء الفراغ، ناتج عن وجود فراغ بالفعل، ودور الأسرة مجتمعة هو ملء هذا الفراغ، فالفراغ الروحي مشكلة". تؤكد د. البحر، أنّ "المهم الآن، هو التعامل مع هذه الأجهزة بشكلٍ واعٍ، وألا نبالغ في استخدامها إلى درجة تمثل نوعاً من الإدمان، فلو أنّ الشخص استخدم هذه الأجهزة في الحصول على معلومة معينة أو متابَعة قضية ما، أو أن طبيعة عمله تقتضي منه الجلوس لوقت أطول، لمّا وقعت المشكلات التي نتحدث عنها".

 - غياب التواصُل:

وبما أنّ للعامل النفسي دوره المؤثر في تكوين شخصية الفرد، فإنّ هذا ما دفعنا إلى سؤال الأخصائي النفسي الدكتور عبدالعزيز العساف، عن تأثير الانعزال داخل الأسرة في الأبناء والآباء، حيث يؤكد د. العساف، أنّ "التكنولوجيا الحديثة هي أحد أسباب مشاكل البيوت المنتشرة اليوم، فهي تؤدي إلى التفرقة الفكرية الجسمية داخل الأسرة، لأنّه بسببها يعيش كل فرد في الأسرة داخل عالمه الخاص به". يقول: "لا شك في أن غياب التواصل الفكري بين الأزواج، يؤدي إلى تبَلّد الأحاسيس والبرود العاطفي. أمّا الأطفال، فإنهم يعيشون مع أنفسهم أيضاً، ولا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة إلى المراهقين، فالجهاز بالنسبة إليهم بمثابة الصديق القريب والعدو اللدود في الوقت ذاته. الصديق القريب لأنّه ينام ويصحوا والـ"موبايل" والكمبيوتر إلى جواره. أما العدو اللدود فهو ما أثبتته الدراسات من أن تباطؤ الفكر والتحصل الدراسي لدى الشباب ناتج عن انشغال المراهقين بالتكنولوجيا الحديثة، التي وصلت إلى مرحلة إدمانهم إيّاها". وينصح د. العساف "بضرورة أن يحدد أولياء الأمور لأنفسهم ولأطفالهم ساعات محددة لاستخدام هذه التكنولوجيا"، مؤكداً أن "على الأسرة أن تحرص على التجمع في أوقات تناول الطعام، وأن يجلس أفرادها جميعاً في غرفة المعيشة بعيداً عن الأجهزة الإلكترونية، وأن يمارس رَبّ الأسرة دوره الفاعل في العلاج السلوكي، الذي يتمثل في توضيح الآثار السلبية التي تنجم عن إدمان هذا النوع من التكنولوجيا، التي تعزل الفرد عن العالم المحيط به".   - خط الدفاع: أمّا أستاذة علم الاجتماع الدكتورة زيزيت مصطفى، فتؤكد "أنّ الأسرة العربية هي خط الدفاع الأوّل للحفاظ على عادات المجتمع العربي وتقاليده وتراثه، وتنمية روح الانتماء لدى النشىء، لأنّ الأسرة العربية كانت في السابق تضع الضوابط الاجتماعية بنفسها. لكن، مع التغيير الكبير الذي يشهده العالم بشكل سريع، فقدت هذا الدور المهم، بسبب تراجُع دور العائلة في نقل تجاربها إلى أبنائها". وترى د. مصطفى، أنّه "على الرغم من أن تكنولوجيا الاتصالات لها أثر في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية، إذ إنها أصبحت أداة للارتقاء والمعرفة والتواصل، إلا أن وسائل الاتصال الحديثة، تؤثر في منظومة القيم والعادات والتقاليد في المجتمع"، مشيرةً إلى أنّ "وجود أجهزة الاتصال الحديثة والتقنيات الهائلة، وأجهزة الإنترنت والفضائيات المختلفة، ذات الأبعاد والاتجاهات المتنوعة، تمثل تحدّياً كبيراً في بعض الأحيان على الأسرة بصورة خاصة، وعلى المجتمع بصورة عامة، حيث كانت الأسرة والمدرسة والمسجد تلعب دوراً أساسياً في تكوين مَدارك الإنسان وثقافته، وتُسهم في تشكيل قيمة وأعرافه". تقول: "أمّا اليوم، فقد انتقل جزء كبير من هذا الدور إلى شبكات الإنترنت والهواتف المحمولة والألعاب الإلكترونية، الأمر الذي فتح أبواباً من التواصل الافتراضي، من خلال الحوار مع غرباء في الفضاء الواسع، الذي حل محل الحوار والمناقشة بين أفراد الأسرة الواحدة، ما أسهم في توسيع الفجوة بين الآباء والأبناء". وتلفت إلى أن "تكنولوجيا الاتصالات أصبحت بديلاً عن اللقاءات العائلية الحميمة، وحاجزاً منيعاً أمام استعادة دفء المشاعر والعلاقات الأسرية والاجتماعية، التي هي جوهر العلاقات الإنسانية".   - الشعور بالعزلة: ومن "سلبيات" هذه التكنولوجيا، كما ترى د. زيزيت مصطفى، "الاستخدام الخاطئ الذي يتجلّى في إدمان الأجهزة، التي تسبب الشعور بالعزلة، وعدم النضج الاجتماعي، وتدَنّي القدرة على التعبير الاجتماعي اللغوي، وفقدان المهارة على المشاركة الاجتماعية، والبلادة الذهنية والاجتماعية، والانسحاب، والانطواء وتفكيك العلاقات الاجتماعية في المجتمع، كما أنها أوجدت فجوة بين الآباء والأبناء، إذ أصبح الأبناء يعتمدون على أنفسهم في تقصّي المعلومات، وعدم لجوئهم إلى ذَويهم كسلطة معرفيّة".   - الحد من التواصل:

من ناحيتها، توضح رئيسة اللجنة العلمية للملتقى الأسري، حول "التماسُك الأسري في ظل العولمة" أميمة العاني، "أنّ الرسالة التي حرص الملتقى على توصيلها، هي أنّ التطورات التكنولوجية أدّت إلى ضعف الترابُط الأسري، وأنّه من الصعب منع هذا التواصُل ولكن من الممكن الحد منه، عن طريق مزيد من التماسك الأسري، باستخدام وسائل فاعلة، تتمثل في دعم علاقات التواصل بين بيوت الأعمام والأجداد". تُشدد العاني على "أهمية تحديد ساعات للتواصُل، سواء أكان بين أفراد الأسرة أم بين الأسرة والأسر القريبة منها، وأن تعود عملية الاتصال بشكل مباشر، من خلال الزيارات المباشرة في الأعياد والمناسبات وأعياد الميلاد بدلاً ممّا هو شائع اليوم، حيث يعتمد الناس على التواصل بالرسائل الهاتفية أو التكنولوجية، مع مزيد من الحوار بين أفراد الأسرة والتوعية، بتأثير وسائل التكنولوجيا الحديثة في الترابط الأسري". تتساءل أميمة العاني: "لماذا لا تجلس الأم مع ابنتها والأب مع ولده، ليحاوره ويُظهر له خطر الجلوس طويلاً، بعيداً عن جو الأسرة؟".

- مشاركة: ترى مديرة "مركز الإرشاد الأسري" في مراكز التنمية الأسرية في الشارقة، خولة عبدالرحمن الملا "أننا لا نستطيع أن نُرجع سبب ضعف التماسك الأسري إلى جهة بعينها، ولكنها مسؤولية مشتركة". تقول: "فكلّنا نتحمّل ذلك، ولعلّ الانفتاح الكبير والتكنولوجيا الحديثة في أساسها، جاءت لتُقرّب المسافات بين البشر وتزيد التواصل، إلا أننا للأسف، أسأنا استخدامها". تضيف: "كذلك، لا نستطيع أن نُحمّل الآباء والأُمّهات المسؤولية كافّة، لأنّ التنشئة الاجتماعية للأبناء، تتأثر بالكثير من العوامل، وإن كان في الدرجة الأولى، الأب والأُم". تقول: "لعلّ من المناسب، أن نوظّف كل الوسائل من أجل تدعيم التماسُك الأسري. وفي رأيي، علينا أن نُوظّف التكنولوجيا في توثيق العلاقة بين أفراد الأسر، بحيث تكون لغة الحوار مفهومة". تتابع: "أعني بلغة الحوار، فهم طبيعة التكنولوجيا التي يتحدث بها جيل اليوم. وأعتقد أنه يجب ألا يقتصر دور الآباء والأُمّهات على توفير التقنيات للأبناء، بل أن يتعلموها ويشاركوا أبناءهم في كيفيّة استعمالها". ترى الملا، أنّ "مشاركة الأبناء اهتماماتهم وهواياتهم، وإعطاءهم المسؤولية، سيثمران حتماً، وسيكون لهما الأثر الكبير في توثيق العلاقة بين أفراد الأسرة. لذا، علينا نحنّ الكبار ألا نتوانَى عن تَعلّم كل جديد، حتى نستطيع مُجاراة جيل اليوم في حواراتهم".

ارسال التعليق

Top