• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

التوافق كتآلف

آلاينا ذوكر/ ترجمة: طه عزام

التوافق كتآلف
◄عندما تريد أن تحقق الألفة مع شخص ما – بغض النظر عما إذا كنت توافق على محتوى حديثه أم لا – فإنّ الطريقة الأسرع والأكثر فعالية هي في أن تعمل وبصورة واعية على تحقيق التوافق مع ذلك الشخص.

أوّلاً، تدرّب على الاستماع المنقى. ثم عليك بمحاكاة أو مجاراة واحد أو أكثر من الإيقاعات أو الإيماءات العفوية لذلك الشخص. تقيد بالمبدأ الأساس لصيغة النجاح: التأثير = الانتباه (الاستماع المنقى) + المرونة (تكييف عاداتك لتتوافق مع أو تماثل ما رأيت أو سمعت ذلك الشخص يقول أو يفعل).

إن جعل إيقاعاتك تحاكي أو تجاري إيقاعات ذلك الشخص هو قلب التأثير. عدّل عاداتك بحيث تجاري وتماثل ما تراه من عادات الشخص الآخر، وحاكي الصوت والنغمة والسرعة التي يتحدث بها الشخص الآخر. وسوف يمكنك هذا من استخدام أساليب التأثير المختلفة لتعود عليك بأفضل النتائج.

وبصرف النظر عن المضمون أو الشكل الذي تنوي محاكاته أو تقليده أو مجاراته أو توجيهه، فإنّ المبدأ هو دائماً نفسه:

1-  انضم للناس أينما كانوا.

2-  حقق معهم التآلف.

وبعد أن تحقق التناغم معهم، يصبح الاحتمال قويّاً في أن يستجيبوا لك ولجهودك في التأثير عليهم.

تذكر – عندما تحاول أن تحقق ألفة فورية من خلال التوافق – أنّ عليك أن تفعل ذلك بطريقة بارعة لا تلفت النظر وإلّا فسيعتقد الأشخاص الذين تود في نهاية المطاف التأثير عليهم (وهم محقون في ذلك) أنّك تقوم بتقليدهم.

 

الخروج من حالة الوئام:

في بعض الأحيان قد يكون من المناسب أن تكسر حالة الوئام لكي تخرج من الحديث. كيف تفعل هذا؟ الطريقة الأكثر سهولة هي عدم المحاكاة، بمعنى أنّه عندما يقوم الشخص الآخر بحركة ما، وبدلاً من أن تقلده تقوم بعمل شيء آخر. إحدى الطرق المضمونة هي أن تنظر في ساعتك، أو أن تتوقف عن التواصل بالنظر، أو أن تقف بينما يكون جالساً. ويمكنك أيضاً أن تزيد المسافة التي تفصلك عن الشخص الآخر أو أن تقوم بحركة مفاجئة وغير متوقعة.

 

محاكاة التنفس:

الملاحظة هي الخطوة الأولى في محاكاة طريقة التنفس. ابدأ بدراسة نمط وسرعة وإيقاع تنفس الشخص الآخر. الناس يتنفسون بشكل مرتفع في منطقة الصدر، أو بشكل منخفض أو عميق في منطقة البطن. وبينما هم يتحدثون قد يتنفسون بسرعة أو ببطء، مع بعض الوقفات أو بدونها. يمكنك أن تقيس تنفس شخص ما من خلال ملاحظة ارتفاع أو انخفاض الكتفين أو ملاحظة نقاط النبض في الرقبة أو الصدر.

ثم تفحص الطريقة التي تتنفس بها أنت وانظر أيّاً من العناصر (السرعة أو الإيقاع) تتشابه أو تختلف. حاول أن تزامن أو تحاكي عنصراً واحداً في كلّ مرة. يمكنك أن تلاحظ مثلاً أنّ الشخص يتنفس ببطء نوعاً ما. فإذا كان نمط تنفسك سريعاً فأبطئه إلى أن يماثل سرعة تنفس الشخص الآخر. وبعد برهة يمكنك أن تحاكي أكثر من عنصر واحد. وسوف تتنفس بطريقة متزامنة مع الشخص الآخر. وسوف يلاحظ هو أو هي ذلك أيضاً.

 

محاكاة الصوت:

إنّ أسهل أساليب المحاكاة وأكثرها نجاحاً في مجال الأعمال تتضمن محاكاة الصوت. فيمكنك أن تجاري سرعة أو جهارة أو نبرة صوت الشخص الآخر. ولكن عليك أن تفعل هذا بشيء من البراعة وإلّا تعرضت لخطر أن يعتقد الناس بأنّك تقوم بتقليدهم. كما أنّ عليك ألا تجاري الصوت بدرجة من الدقة يبدو معها صوتك غريباً ومختلفاً بصورة ملفتة للنظر عن النمط المألوف لصوتك.

 

محاكاة الحركات والإيماءات:

تخيل أنّك في لقاء مع عميل هام في مكتبه. وتريد أن تحقق ألفة مبدئية قبل أن تحاول التأثير على هذا الشخص. أنت تجلس على كرسي وتحتضن ملفاً للأوراق. وهو يجلس بتصلب الظهر على كرسي مكتبه. يداه تتحركان باستمرار تعدلان بعض الأوراق على مكتبه. بالطبع لا يمكنك أن تجاري حركات يديه لأنّه ليس لديك أيّة أوراق لتعدلها. ولكن يمكنك أن تجلس بنفس التصلب دون أن تأخذ نفس الوضعية تماماً. كما أنّ رد الفعل لديك يجب ألا يكون فورياً لأنّك إذا فعلت ذلك ستبدو وكأنّك تقلده. وفي أثناء مواصلة الحديث اعمل على مجاراة أفعاله ونغمة صوته.

في هذا الموقف، إليك الكيفية التي تعمل بها المحاكاة والمجاراة:

-         هو يميل في اتجاهك عبر المكتب.

أنت تميل قليلاً نحوه.

-         يسند ظهره إلى الخلف في مقعده.

تسند ظهرك إلى الخلف إلى الوضعية التي كنت عليها.

-         سرعان ما تتوقف يداه عن العبث بالأشياء. ويطويهما أمامه.

يداك بالطبع موجودتان على الملف في حجرك. هو الآن يقلدك. لقد نجحت في وضع أساس متين من التوافق من خلال التحدث بلغة الجسد نفسها.

ولكن لا تتوقع أن تأتي التلميحات مباشرة. فالتوافق يحدث خلال حوار طويل، لذلك عليك أن تواصل الملاحظة وأن تتحلى بالصبر. تذكر أيضاً أنّك تريد أن تحاكي هذه التصرفات بصورة تقريبية أن لا تقلدها. هنالك خط فاصل دقيق بين المحاكاة والتقليد.

 

المحاكاة بالكلمات:

بعد الانتهاء من ملاحظة الشخص الآخر والاستماع إليه وبعد أن اكتشفت أنّ نمط التجربة الأساس لديه هو – دعنا نقول، النمط البصري، وبذلك فإنّ أفضل الطرق لتحقيق الألفة معه هي أن تتحدث باللغة نفسها. عدّل بأحسن ما تستطيع نمط التعبير لديك ليوائم ذلك النمط الذي لدى نمط الشخص الآخر. ضع أسئلتك بلغة تروق للشخص البصري: "هل تستطيع أن ترى نفسك تملك هذا؟" أو "هل لي أن أُريك كيف تعمل؟". كما أنّك يمكنك أن تري الشخص البصري بعض البصريات كالصور أو المخططات أو الرسوم. وببساطة نقول إنّ مجرد استخدام الكلمات قد لا يكون كافياً.

وبشكل مشابه إذا كان الشخص يستخدم النمط السمعي من التعبير، فما عليك إلّا أن تصب كلماتك في قالب لغوي من العبارات التي تقوم على قاعدة سمعية: "كيف يبدو لك هذا؟ (من خلال صوته)" أو "هل تعتقد أنّ هذه الفكرة تعطي نغمة صحيحة؟" أو "هل هذا الأسلوب سينجح مع الإدارة؟".

ليس من المسلم به بشكل واضح أي من الكلمات يفضلها الشخص، لذا فقد يترتب عليك أن تستخدم أسلوب التجربة والخطأ. وإذا لم تحصل على استجابة في البداية، تحول إلى نمط آخر. فإذا لم ينفع النمط السمعي جرّب النمط الحسي: "كيف يبدو لك هذا (من ملمسه)؟" أو دعنا نركز على القاعدة لعلّنا نحكم قبضتنا على المشروع".

 

الشكل لا يقل أهمية عن المضمون:

في كثير من الأحيان لا يكون مضمون ما تعرض هو الذي يحظى بالقدر الأكبر من الأهمية، ولكن اللغة التي توصل بها هذا المضمون إلى الآخرين – ليس المهم ما تقول بل كيف تقوله – المحاكاة بالكلام طريقة هامة لتحقيق التآلف الفوري الذي تحتاجه لرفع معدل تأثيرك إلى الدرجة القصوى.►

 

المصدر: كتاب التأثير، القوة الخفية في عصرٍ متغير

ارسال التعليق

Top