ومن رحمة الله تعالى أنّه فتح باب التوبة لكلِّ إنسان مهما ارتكب من خطايا وذنوب.
قوله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزّمر/ 53). ففيها كلمة "يا عبادي" التي تُشعر الإنسان بالمحبة والرحمة والعتاب؛ ثمّ تقول له: يا أيّها الإنسان مهما بعدت عن الله تعالى وأسرفت في المعاصي والخطايا فلا تيأس من رحمة الله تعالى وعفوه وغفرانه فإنّه تعالى يغفر الذّنوب جميعاً.
روي عن جابر أنّه قال: جاءت امرأة إلى النبيّ (ص) فقالت: يا نبيّ الله، إنّ امرأة قتلت ولدها بيدها هل لها من توبة؟
فقال لها: والذي نفس محمّد بيده لو أنّها قتلت سبعين نبياً ثمّ تابت وندمت ويعرف الله من قلبها أنّها لا ترجع إلى المعصية أبداً لقبل الله توبتها وغفر لها، فإنّ باب التوبة مفتوح ما بين المشرق والمغرب، وإنّ التائب من الذّنب كمن لا ذنب له".
عن الإمام الصادق (ع) أنّه قال: "إذا تاب العبد توبة نصوحاً أحبّه الله فستر عليه في الدنيا والآخرة".
قال الراوي: فقلت: وكيف يستر عليه؟
قال: "يُنسي مَلِكَيْهِ ما كتبا عليه من الذّنوب ويُوحي إلى جوارحه: اكتمي عليه ذنوبه، ويوحي إلى بقاع الأرض: اكتمي ما كان يعمل عليك من الذّنوب، فيلقى الله حين يلقاه وليس شيء يشهد عليه بشيء من الذّنوب".
ومن عظيم لطف الله تعالى ورحمته بالعصاة أنّه لا يمحو الذّنوب فحسب بل يبدلها بالحسنات كما في الدّعاء: "إنّك ماحي السيئات إنك مبدلها بأضعافها من الحسنات".
قال تعالى: (إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) (الفرقان/ 70).
عن رسول الله (ص): "يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال: اعرفوا صغار ذنوبه وتخبأ كبارها فيقال: عملت يوم كذا وكذا وهو يقرّ ليس بمنكر وهو مشفق من الكبائر أن تجيء، فإذا أراد الله خيراً قال: اعطوه مكان كلّ سيئة حسنة فيقول: يا ربّ لي ذنوب ما رأيتها ههنا؟ ثمّ ضحك رسول الله (ص) حتى بدت نواجذه وتلا: (إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا).
روي أنّه قال أمير المؤمنين (ع) لرجل سمعه يقول استغفر الله فقال له: "ثكلتك أمّك، أتدري ما الاستغفار؟ إنّ الاستغفار درجة العليين وهو اسم واقع على ستة معان:
1- الندم على ما مضى.
2- العزم على ترك العودة إليه أبداً.
3- تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله ليس عليك تبعة.
4- تعمد إلى كلِّ فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها.
5- أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان حتى يلصق الجلد بالعظم، وينشأ بينهما لحم جديد.
6- أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية. فعند ذاك تقول: استغفر الله.►
المصدر: كتاب كيف تغير حياتك
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق