التمييز العنصري: هو التعبير غير القانوني للعنصرية، فهو يتضمّن أي عمل سواء كان بقصد أو بغيره، والذي ينتج عن استبعاد أشخاص على أساس العنصر وفرض أعباء عليهم وليس على غيرهم أو حجب أو تحديد حصولهم على الامتيازات المتاحة لبقية أفراد المجتمع، في مجالات يغطيها القانون. العنصر هو عامل واحد إذا ما وجد في وضع يمارس فيه التمييز العنصري. كما أنّ المضايقة العنصرية هي شكل من أشكال التمييز. فيكون التمييز العنصري في أغلب الأحيان دقيقاً جدّاً مثل تكليفك بالعمل في أعمال غير مرغوبة كثيراً أو حرمانك من الإرشاد والتدريب.. وغيرها.
في حين جاء الإسلام ليخالف العنصرية والطبقية بشتّى أنواعها وأشكالها منذ بعث النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد أكّد القرآن الكريم أنّ التفاضل بين البشر لا يكون إلّا بالتقوى فحسب، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ) (الحجرات/ 13)، وأكّد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على هذا المعنى، فقال: «ليس منّا مَن دعا إلى عصبية، وليس منّا مَن قاتل على عصبية، وليس منّا مَن مات على عصبية»، وهكذا قضى الإسلام على كلّ صُوَر العنصرية والطبقية والنعرات التي كانت سائدة في المجتمع الجاهلي، وجعل محلها المساواة والمحبّة والألفة والمودّة والرحمة. فللعنصرية والعصبية والقبلية آثار وأضرار جسيمة وعواقب وخيمة على الفرد والمجتمع، فالشخص الذي يتعصب لقبيلة أو حزب أو جماعة أو فئة أو عائلة لا شكّ أنّه يطلق ولاءه ونصرته وهمته وحياته لمن يتعصب له، ثمّ يطلق عداءه وبغضه وكرهه للطرف الآخر، ولا شكّ أنّ ذلك يولِّد العنف والاقتتال والفوضى.
وهناك الكثير من الآيات القرآنية التي تدعو إلى التعايش على مبدأ الأخوّة والألفة والمحبّة والتعاون، ونبذ كلّ ما يدعو للفرقة والاختلاف، قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات/ 10)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (الحجرات/ 11)، (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) (لقمان/ 18).
قضية سيادة الواحد هو قديم في البشرية، فبعض الناس يعتقدون أنّهم أفضل بسبب جنسهم وعشيرتهم ولونهم، وعرقهم، وموقفهم السياسي، وعمرهم، بل وحتى دينهم وهو المثير للاهتمام. على مر التاريخ، أظهرت هذه القضية البشعة نفسها في شكل من أشكال القتل الجماعي والاستعباد الشامل، وأشكال كثيرة من التمييز والتهميش. كلّ أشكال التمييز هذه هي أمراض في المجتمع، تنبع من أمراض روحية واجتماعية فردية. مكافحة التمييز بشكل عام، والتمييز العنصري على وجه الخصوص، ينبغي إذن أن يكون أولوية لأي شخص أو جماعة أو أُمّة. فقد كان العالم في أسوأ حالاته قبل بعثة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث وجد كلّ أشكال التمييز. منها نظام الطبقات الظالم، والتي كانوا يتعرّض أهلها للقمع، حيث تمت ترقية الطابع النبيل، وصُنفت الناس من قبل على أساس اللون والانتماء القبلي في جميع المجتمعات دون استثناء، فشوهدت حياة صعبة من الاضطهاد بسبب هذا المرض. لكنّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) جلب الرسالة النهائية للبشرية مع علاج لجميع مشاكل البشرية، بما في ذلك التمييز. وكانت بعثته (صلى الله عليه وآله وسلم) حقّاً نقطة تحول في المعركة ضد التمييز. فقد كان الإسلام قادراً على تغيير معتقدات الناس وسلوكياتهم إلى حدٍّ كبير وإحداث هذه التغييرات، لأنّ الإنسانية اليوم عموماً في حاجة ماسة لمثل هذا التوجيه المبارك للقضاء على التمييز.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق