• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الحساسية والربو.. بين المثابرة على العلاج وإهماله

الحساسية والربو.. بين المثابرة على العلاج وإهماله
  تنتج حساسية الأنف عن التهاب الغشاء المخاطي، في داخل الأنف. ومن المكن أن تتسلّل الحساسية إلى الصدر، مسبّبة أمراضاً أكثر تعقيداً في الجهاز التنفّسي. ولعلّ فصلي الخريف والشتاء، هما الأشدّ ضرراً على المصابين بالحساسية، إذ يؤثّران سلباً على جودة حيوات المرضى. انطلاقاً من خطورة إهمال علاج الحساسيّة، ولمناسبة إطلاق منتجين لعلاج أعراض التهاب الأنف التحسّسي، عقدت شركة "تاكيدا" اليابانية للأدوية مؤتمراً صحافياً، وأخيراً، ضمّ عدداً من الأطباء، الذين تحدّثوا عن أمراض الجهاز التنفسي، وتلخّص الآتي:

يعتبر التهاب الأنف التحسّسي مرضاً معقّداً، ينطوي على عدد من الاضطرابات، ويبدو أحد عوامل الخطر المسؤولة عن الإصابة بالربو. ووفق إحصائيّات "منظّمة الصحّة العالميّة"، إنّ التهاب الأنف التحسّسي يصيب نحو 10 إلى 30% من البالغين، و40% من الأطفال في جميع أنحاء العالم، أي ما يُقدّر بنحو 400 مليون شخص، كما يوضح رئيس "الجمعيّة العلمية اللبنانيّة لأمراض الحساسية والمناعة" الدكتور الياس خير الله، الذي يعدّد عوارض حساسية الأنف، بـ: العطس، وسيلان الأنف و/ أو انسداده، والحكّة في العين، والحلق، والدمع، لافتاً إلى أثر هذا النوع من الحساسية السلبي على جودة الحياة اليومية للمصاب، لكونه ينغّص عليه أوقات النوم، والدرس، أو العمل، كما حياته الاجتماعية.

وحين يُشخّص الطبيب هذه الحالة، حسب د. خير الله، فإنّه يطّلع بداية على ملفّ المريض الطبي للتثبّت من إصابة أحد أفراد عائلة المريض بالحساسية، أو تحسّس المعايَن من بعض صنوف المأكولات، ومن خفوض حاسة الشم لديه، أو انسداد التنفس لديه. ثمّ، يصف الطبيب للمريض الأدوية الملائمة.

وفي حال لم تتحسّن حال الأخير، مع المواظبة على تعاطي هذه العقاقير، فإنّ الطبيب يبحث عن أسباب أخرى للمشكلة.

وتجدر الإشارة إلى أنّ حساسية الأنف لا ترتبط بالأنف حصراً، وإنّما تطال جهاز مناعة الجسم ككلّ.

 

محسّسات مختلفة:

تفيد دراسة طبية صادرة، أخيراً، أنّ عثّ الغبار المنزلي مسؤول عن أكثر من 50% من حالات الحساسيّة في العالم، علماً أنّ 85% من مرضى الربو يعانون من الحساسيّة ضد عثّ الغبار المنزلي. كما تفضي عرضة الأطفال والبالغين المصابين بالربو لعثّ الغبار المنزلي، إلى زيادة خطورة ظهور عوارض الحساسيّة التنفسية لديهم، وضعف في وظائف رئاتهم.

ومعلوم أنّ لكلِّ بلد محسّسات مختلفة مرتبطة بحساسية الأنف، لعلّ أبرزها: الكلاب، والقطط، والتغيّرات المناخية، والغبار، والعثّ المنزلي الذي يزداد من مرّتين إلى مرّات ثلاث في أواخر فصل الخريف، وزيادة التدفئة المنزلية، وانخفاض التهوئة، وموسم الزيتون. لذا، من الضروري، حسب الاختصاصية في الطبّ الداخلي وأمراض الحساسية والمناعة الدكتورة كارلا عيراني، استشارة الطبيب المتخصّص للتعرّف على المواد المسبّبة للحساسية، والمولّدة لأعراضها، وكذلك تلقّي العلاج الملائم، الذي يتضمّن تعاطي عقاقير فموية، وبخّاخات الأنف، وحقناً أو لقاحات مضادة للحساسية قد تؤمّن الحماية للمريض من أعراض الحساسيّة، لمدّة تصل إلى 10 سنوات.

 

سوء التشخيص:

تؤدّ حسّاسية الأنف إلى وهن في الجسم، وعوارض مشابهة لتلك الخاصّة بالإنفلونزا العادية أو البرد، فإذا لم يتمّ تشخيصها بدقّة، أو تلقّي العلاج الملائم لها، يمكن أن تؤدي إلى مشكلات صحية عدّة لا تقتصر على الأنف، بل تشمل: الربو، والتهابات في الجيوب الأنفية، والتهابات في الأذن قد تؤثّر على حاسّة السمع في ما بعد، كما يقول الاختصاصي في طب الأنف والأذن والحنجرة وجراحة الرأس والرقبة الدكتور أسامة هادي.

وفي هذا الإطار، يظهر بعض الإحصائيات الطبية أنّ من بين كلّ 10 مصابين بالتهاب الأنف التحسّسي، ثمة 8 مرضى يحاولون التعايش مع هذا المرض، بدون اللجوء إلى الأطباء للعلاج، وأنّ هؤلاء المرضى يستمرّون بمكابدة المرض بمعدّل 7 سنوات بدون علاج، أو استشارة الطبيب!

ولا يقلّل الدكتور هادي من الآثار الجانبية الخاصّة ببعض الأدوية، التي تعالج التهاب الأنف التحسسي، وخصوصاً بعض البخّاخات المحتوية على "الكورتيزون"، كالنزف، والحرقة بالأنف، وجفافه، وظهور قشرة في داخله، فضلاً عن أوجاع الرأس، والضيق من طعم الرذاذ الذي يدخل الحلق أيضاً. وبالإضافة إلى ما تقدّم، فإنّ هذه الأدوية تُعالج الحالة بشكل آني، فتريح المريض لفترة محدودة. من هنا، وجدت شركة "تاكيدا" ضرورة ملحّة لابتكار منتجي "سيكليسونايد": أحدهما بخّاخ رذاذ يُستخدم لعلاج أعراض التهاب الأنف التحسسي، والآخر بخاخ فموي لعلاج الربو، يمكن للأطباء وصفه، ضمن خطة علاجية شاملة لنوبات الحساسية، والتحكّم بالمرض.

 

بين الحساسية والربو:

إنّ أعراض الربو والحساسية تتزامن في الظهور، عادةً، حيث تبيّن الإحصائيات الطبيّة أنّ نحو 40% من المرضى، الذين يعانون من حساسية الأنف، يشكون أيضاً من عوارض الربو، وأنّ 80% من المصابين بالربو يعانون كذلك من حساسية الأنف. كما أنّ حساسية الأنف غالباً ما تساهم في تفاقم عوارض الربو إلى حدّ يستدعي دخول المريض إلى المستشفى للحصول على رعاية طبية طارئة، حسب رئيسة "الجمعية اللبنانيّة للأمراض الصدرية" الدكتورة ميرنا واكد.

وتتابع واكد قائلةً: "كانت نوبة الربو، منذ 20 سنة، قوية الأثر على المريض، وتواجه الأطفال في خلال فترات الليل، إنما في الوقت الحاضر يُفهم الربو على نحو أوضح، بحيث يؤشّر تعرّض الطفل أو الراشد المصاب بحساسيّة الأنف، عند استنشاق أحد المحسّسات إلى سعال، وضيق في الصدر، وصفير فيه، يؤشّر إلى مرحلة الربو، أو ما نسمّيه طبياً "طرف ربو"، وذلك لنخفّف من وطأة الخبر على الأهل!". وتوضح وأكد أنّ "المحسّسات، التي يتمّ استنشاقها، قد لا تكون مسؤولة بصورة رئيسة عن الإصابة بالربو، وإنما عامل مساعد على تشخيص المرض، من دون إغفال الوراثة التي تلعب دوراً في حصول الإصابة".

ويُقسم علاج الربو إلى قسمين، هما: علاج النوبة عبر توسيع مجرى الهواء، وعلاج السبب أي الالتهاب المزمن الموجود في الصدر، بواسطة "الكورتيزون"، وعقاقير أخرى. لكن، تكمن المشكلة عند تغاضي عدد كبير من المرضى عن تناول عقاقير الربو، معتقدين أنّه لمجرّد تخلّصهم من النوبة، فإنّهم قد تجاوزوا المرض، في حين أنّهم ما يزالون معرّضين للخطر طالما أنّ الالتهاب يلازمهم. لذا، يجب على مرضى الربو أن يستمعوا من طبيبهم المعالج عمّاهية حالتهم، والالتزام في الخطّة العلاجية التي يضعها هذا الأخير، ولمدى حياتهم.

وعموماً، إنّ الأطفال الذكور هم أكثر عرضة للإصابة بالربو مقارنة بالإناث، وكذلك هم الأطفال سليلو والدين مدخّنين، ومن يتابعون دروسهم في أحرام مؤسّسات تعليميّة لا تستوفي الشروط البيئية الصحية، ومن ينامون في غرف ذات جدران رطبة أو عفنة، أو على أسرّة مزوّدة بوسادات معدّة من الإسفنج، وفي منازل تحتوي على حيوانات أليفة. وكذلك، يشكو الأطفال، الذين يتعرّضون للالتهابات المتكرّرة في الأذن، من الربو.

 

تعزى أسباب الإصابة بالربو، لدى الفئة العمرية، التي تفوق الأربعين سنة، إلى:

·      وجود مشكلات في الجهاز التنفسي، منذ الصغر.

·      معاناة أفراد في العائلة من التهابات رئوية مزمنة.

·      وجود أهل من فئة المدخنين.

·      العرضة إلى تلوّث بيئي داخلي (التدفئة بواسطة الحطب، أو المازوت).

·      إهمال علاج الحساسية، في سنّ صغيرة.

 

الكاتبة: ريما لمع بزيغ

ارسال التعليق

Top