• ٢٠ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٨ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الدور التربوي للمنبر الحسيني

عمار كاظم

الدور التربوي للمنبر الحسيني

إنّ المنابر الحسينية، مدرسة يسهل فيها التعلّم والاستفادة لجميع طبقات الناس، فيتعلمون فيها التاريخ والأخلاق والتفسير والخطاب والشعر واللغة وغير ذلك، وتوقّف السامع على بليغ الكلام، من نظمٍ ونثر. إنّ وفرة المنابر الحسينية وتنوّع الخطباء في ثقافاتهم، وأساليب الطرح قد أسهمت إلى حدٍ كبير، في تثقيف الإنسان المسلم، ثقافة متعدّدة الجوانب متنوّعة الأبعاد.

إنّ من مهام الخطيب الحسيني، أن يكون حذقاً وماهراً في ملامسة قضايا الناس والواقع، ومقاربتها عبر رؤية تصحيحية نقدية تنسجم مع الحاجات والتطلّعات، من خلال تلاوة السيرة والحديث عن الثورة الحسينية بحيث تخدم الأهداف الكبرى في الربط الحيّ والفاعل لحركة الإمام الحسين (عليه السلام) في خطّ العدالة والحرّية ومواجهة الفساد وغير ذلك.

من هنا أهمّية وعي وظيفة المنبر الحسيني من قبل الخطباء، والعمل بكلّ مصداقية على خلق الأسلوب المناسب والفاعل لإخراج رسالة الحسين (عليه السلام) وأهدافه إلى الناس، بالشكل الذي يتفاعلون معه، وتتحرّك به عقولهم، وتتطوّر به حركتهم في الحياة، فحركة الحسين (عليه السلام) هي حركة الإسلام في كلّ أبعاده الحضارية والإنسانية والرسالية.

فعاشوراء وسيلة نحيي بها النفوس التوّاقة إلى مزيد من الكرامة والحرّية، ونحيي بها كلّ أملٍ في مواجهة الفساد والظالمين والمنحرفين الذين يخنقون الحياة، ويصادرون إرادة الناس وحاضرهم ومستقبلهم. وللخطيب الحسيني دور أساس في بثّ الوعي الإسلامي الرسالي في الناس، عبر إبراز مفاهيم الإسلام التي ضحّى من أجلها الحسين (عليه السلام)، وأن ينفتح على قضايا الناس الحيوية وما يواجهونه.

تقوم المنابر الحسينية، بدورٍ أساسي في تربية الأُمّة، وتنشئة أبنائها على الارتباط بالقيم والمفاهيم الإيمانية والروحية. إنّ المدرسة الروحية كانت، من أبرز مدارس المنبر الحسيني، وإنّ ممّا يميز الموالين للإمام الحسين (عليه السلام) في العالم، أنّهم يولون أيّام عاشوراء اهتماماً بارزاً، ممّا ينعكس على الحالة الروحية التي يعيشها الإنسان الموالي. فحتى غير الملتزمين دينياً منهم، يجدون أنفُسهم قريبون من أجواء الهداية والالتزام، ولهذا يكثر المصلّون في المساجد أيّام عاشوراء، وهناك الكثير ممّن قد اهتدى إلى طريق الالتزام الديني، بفضل المنابر الحسينية وخطبائها الذين يؤكّدون على مسائل تؤثّر كثيراً في توجيه الناس نحو طاعة الله تعالى.

إنّ الإمام الحسين (عليه السلام) لم يدَع الصلاة يوم عاشوراء رغم تلك الحرب القاسية والظروف الاستثنائية، حيث كان يصلّي ببعض أصحابه، فيما يقف البعض الأخر في موقف الدفاع عن المصلّيين. لهذا يعتبر مجلس المنبر الحسيني، نادٍ للوعظ والإرشاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ارسال التعليق

Top