• ٢٥ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

السمع الانتقائي عند الطفل

السمع الانتقائي عند الطفل

ماذا تفعل لو كان طفلك دوماً لا يستجيب لندائك، فتنادي عليه مرات عديدة قبل أن يستجيب ويرد عليك، وكأنه يضع قطناً في أذنيه؟

يبدو أنّ ابنك يعاني من شيء شائع بين الأطفال يعرف بـ"السمع الانتقائي"، وهذا يعني أنّك قد ترفعين صوتك وتصرخين طالبة منه أن يخرج القمامة، لكنه لا يستجيب وكأن أذنيه محشوتان بالقطن، ولكن إذا أنت قلت له همساً: إنّك ستأخذينه لتناول الآيس كريم بالخارج، حينها تصبح حاسة السمع لديه قوية جدّاً، والجانب الإيجابي بخصوص هذه العلة أنّه من السهل – إن شاء الله – الشفاء منها باتباع الحلول التالية:

إذا كان ابنك يعرف أنّ أسوأ عقاب سيناله على عدم استجابته لندائك هو أن يظل يسمح صياحك المتكرر وأنتِ تنادين عليه؛ فإنّه سيدرك تماماً من السهل جدّاً تجاهلك، لقد علمته أن يأخذ نداءك بجدية فقط بعد أن يتحول وجهك إلى اللون الأحمر وتنفر عروق رقبتك وتجأري وأنتِ تنادين اسمه، إنّ التجربة هي التي تعلم الأبناء، فإذا اعتاد ابنك على أن يستمع إليك تنادينه عدة مرات ولا يستجيب للنداء إلّا بعدما ينفد صبرك، فأنت بذلك تعلمينه تجاهلك، لذلك ننصحك حين تريدين أن تستدعي ابنك أن تتبعي الخطوات التالية: حددي موقع ابنك، ناديه مرة واحدة بشرط أن يسمعك جيداً، انتظري ثلاث دقائق فربما يكون بيديه ما ينهيه، ثم اذهبي إليه وأمسكي به من يده برفق وقولي له: "عندما أناديك أتوقع منك الحضور على الفور"، ثم خذيه وسيري به حيث كنت تقفين وقولي له لماذا كنت تنادين عليه، إذا أنتِ فعلت مرتين أو أكثر أمام أصدقائه، أؤكد لك أنّه سوف يغير طريقة استجابته...

يشكل التحول من حالة إلى أخرى صعوبة لدى كثير من الأطفال، لذلك عندما يمارس ابنك نشاطاً يحبه وهو مندمج فيه ننصحك بدلاً من الصياح بالطريقة التقليدية: "تعال إلى هنا فوراً"، يمكنك أن تقولي قولاً منبهاً تنازلياً مثل: "عليك الحضور خلال خمس دقائق يا..."، وبعد عدة دقائق تنبهينه قائلة: "الباقي دقيقتان فقط"، ثم تقولين له: "تعال إلى هنا حالاً يا ..."، وإذا لم يستجب لندائك الأخير انتظري دقيقة لم اذهبي إليه وأمسكي بيده (برفق) وقولي له: "عندما أناديك، أتوقع منك أن تحضر" واذهبي به حيثما أردت... ويمكنك أن تتفهمي رغبة ابنك في الاستمرار في نشاطه المحبب بعبارة تقولينها ثم تتبعينها بعبارة أخرى حاسمة مع فعل يشجع على الاستجابة لما تريدين، كأن تقولي: "أعرف أنّك تريد البقاء في الحمام للأبد، لكن وقت الخروج قد حان، هاك المنشفة"...

انظري كيف ينادي أفراد العائلة من الكبار على بعضهم البعض، وكيف تكون استجابتهم للنداء، هل مَن ينادي يفعل ذلك وبينه وبين مَن يناديه غرفتان؟ هل يرد عليه مَن يناديه قائلاً: لحظة واحدة؟ ويتكرر النداء عدة مرات قبل أن يستجيب له فعليّاً؟ هل هذه هي القدوة التي يقتدي بها ابنك؟ هل هذه هي نوعية الاستجابة التي يلقاها منك طفلك عندما ينادي عليك أنت؟ هل هذه هي نوعية الاستجابة التي يلقاها منك طفلك عندما ينادي عليك أنت؟ غيروا أسلوبكم في النداء على بعضكم وفي استجابتكم لندائهم، وسوف تلحظون أنّ الأبناء سيتغيرون أيضاً...

استخدمي جرساً أو منبهاً أو رنة موبايل خاصة لاستدعاء أبنائك لوجبات الطعام، أخبريهم أنّه عندما يسمعون الجرس، يجب أن يحضروا قبل أن تستغفري الله عشرين أو ثلاثين مرة، وارفعي صوتك في الاستغفار عند المرات الأخيرة في العدد، وحددي عقاباً لمن يتأخر كأن يحرم من الحلوى أو يغسل الأطباق، المهم أن تطلعي ابنك على تفاصيل العقاب الذي سيطبق كشكل من أشكال التحذير، بل يمكنك أن تدعي المجال لأطفالك ليقترحوا هم العقاب الذي يرونه مناسباً، وكوني حازمة في تطبيق العاب، برفق ومرح...

إذا كان ابنك يشاهد التلفزيون أو مستغرقاً في نشاط ما؛ فلا تناديه وبينك وبينه ثلاث غرف، فقد يرد عليك بلسانه لكن عقله ليس معه، فيعدك بفعل شيء هو غير مدرك له، ثم يمر الوقت ولا يفعل ما طلبته فترمينه بالكذب، في حين أنّه مسكين قد سمعك بأذنه ولم يسمعك بعقله، وأجابك بلسانه ولم يجبك بعقله، فعقله مشغول تماماً مع فيلم الكرتون أو غيره، لذلك لكي تستحوذي على ذهنه تعالي نحوه والمسي ذراعه أو يده أو انظري في عينيه، ثمّ اطلبي منه ما تريدين، يمكنك أن تطلبي منه أن يعيد عليك ما قلته، وفي هذه الحالة يكون قد سمعك ويكون تنفيذ ما تريدينه احتمالاً وارداً...

تجربة: لقد شعرت "هناء" بالإزعاج والغضب، فأبناؤها الثلاثة أدمنوا إحدى ألعاب الكمبيوتر، وكانت دائماً تذكرهم بصوت عالٍ – من خمس إلى ست مرات على الأقل – عندما يحين موعد العشاء حتى يتوقفوا عن اللعب، وبعد أن عجزت عن حل تلك المشكلة استشارات أحد الخبراء فاقترح عليها أن تنادي على الأطفال للعشاء مرة واحدة فقط، وتتأكد من أنّهم قد ردوا عليها وسمعوها جيداً ثم تنتظر دقائق، فإذا لم يحضروا فإنّهم بذلك يخسرون حقّهم في تناول العشاء الجيد المعتاد، وتقدم لهم السلاطة فقط أو أي شيء آخر مغذٍّ لا يفضلونه، وعندما سمعت الأُم الفكرة قالت: الست بحاجة إلى أن أخبرهم أوّلاً أنّهم إن لم يستجيبوا لندائي ستكون العواقب سيئة؟ أليس من القسوة أن أمنع عنهم الطعام؟ ألن يجوعوا حتى الموت؟ ألا يجب تحذيرهم أوّلاً؟ وهنا قال لها الخبير: الأفعال أبلغ من الأقوال، وأولادك الذين يسيئون السلوك ولا يستجيبون لنداءاتك المتكررة لن يفهموا خطورة المعدة الخاوية حتى يجربوها، ولن يموتوا جوعاً وهم يتناولون الخضراوات أو السلاطة، ولكنهم سيفكرون مرتين قبل أن يتجاهلوا أُمهم عندما تنادي عليهم للعشاء في المرة التالية، وتأكدي أنّهم سيعوضون نقص الطعام عند الإفطار في صبيحة اليوم التالي إن شاء الله، والخلاصة، أنّه لا يشترط أن يعرف الأطفال العواقب مسبقاً، فيمكننا جعل العقاب – الرحيم – مفاجأة لتكون أكثر تأثيراً...

 

الكاتب: عبدالله محمد عبدالمعطي

المصدر: كتاب أطفالنا كيف يسمعون كلامنا؟

ارسال التعليق

Top