هناك عاملان رئيسان وراء الإصابة بالسمنة المفرطة:
العامل الأوّل: أسلوب حياة الطفل مثل عادات أكله وعاداته الرياضية.
العامل الثاني: الأسباب الطبية مثل عوامل الهرمونات أو العوامل الوراثية.
- أسلوب حياة الطفل:
لا شكّ في أنّ الغزو الكبير الذي حدث لحياتنا بدخول الكمبيوتر، الإنترنت، القنوات الفضائية، وألعاب الكمبيوتر، قد أدّى إلى تحوُّل حياة الأطفال وحتى حياة الشباب إلى أسلوب حياة يتسم بالجلوس أغلب الوقت.
لقد تزايد تفضيل الناس للجلوس في البيت لمجرد مشاهدة التلفزيون أو اللعب على الكمبيوتر عن قيامهم بأشياء تتطلب النشاط أو الحركة.
إنّ عدم ممارسة الأطفال للرياضة بانتظام وميلهم للجلوس سواء بسبب كسلهم أو بسبب نقص التشجيع والإرشاد من جانب آبائهم لممارسة النشاط البدني، قد ينتج عنهما أطفال غير أصحاء ويعانون سمنة مفرطة.
وتلعب عادات أكل الطفل، وكذلك نوعية الأغذية التي يتناولها، دوراً في حدوث السمنة المفرطة. على سبيل المثال، أكل الطفل لكميات أكثر من اللازم من الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية بدلاً من تناوله الأطعمة الصحّية، أو أكله دون أن يجوع، أو أكله في أثناء مشاهدة التلفزيون أو عمل الواجبات المدرسية، كلّ ذلك يؤدي إلى السمنة المفرطة.
كذلك فإنّ خدمة توصيل الأكلات السريعة للمنازل جعلت الأمر أسوأ، لأنّ ذلك يشجّع الأطفال على تناول الأطعمة غير الصحّية.
إنّ المحصلة النهائية لتناول الأطعمة غير الصحّية، وفي الوقت نفسه أسلوب حياة الطفل التي تتسم بالكسل، هي زيادة السعرات الحرارية التي يتناولها الطفل وقلة نسبة حرقها. ويضاف إلى ذلك الاعتقاد الخاطئ لدى كثير من الأُمّهات بأنّهنّ كلّما أطعمن أطفالهنّ أكثر أصبحوا أكثر صحّة.
- العوامل الطبية:
هناك عديد من الأسباب وراء السمنة المفرطة في الأطفال، ومن الأسباب الرئيسة التي تؤدي إلى السمنة المفرطة لدى الأطفال نقص نشاط الغدة الدرقية. والسمنة في هذه الحالة يصاحبها تأخر في التسنين، أرق، خشونة في الجلد، بالإضافة إلى خشونة شعر الطفل. وتحدث السمنة المفرطة أيضاً نتيجة نشاط زائد لمركز معين في المخ مسؤول عن تنظيم الشعور بالجوع والشبع، وهو ما يجعل الشخص يشعر بالجوع المستمر والرغبة في الأكل.
ومن الأسباب الأخرى المسببة للسمنة المفرطة عند الأطفال، الإفراز الزائد للكورتيزون من غدة موجودة أعلى الكلى، ويأتي الشك في أنّ الطفل مصاب بهذه الحالة عند تركّز السمنة في الجزء العلوي من الجسم وفي الذراعين ونحافة الساقين، بالإضافة إلى وجود خطوط حمراء على البطن.
من الأسباب الأخرى أيضاً التي تسبّب السمنة المفرطة، الاستخدام الخاطئ للكورتيزون عند علاج بعض الأمراض. أمّا بالنسبة للعامل الوراثي، فقد يلعب دوراً ولكنّه دور غير رئيس في الإصابة بالسمنة المفرطة.
المشكلات الصحّية التي تنتج عن السمنة المفرطة سواء حدثت السمنة المفرطة نتيجة سبب طبي أو بسبب أسلوب الحياة، فهي أمر يجب عدم التهاون فيه لدى الأطفال، إذ تفيد المراجع الطبية بأنّ "الطفل الذي يعاني سمنة مفرطة يكون أكثر عرضة لمشكلات صحّية معينة، مثل الربو، ارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب". كما أنّ الأطفال الذين يعانون سمنة مفرطة يُظهرون استعداداً للإصابة بنوع من السكري يصيب الكبار. كذلك فإنّ اضطراب النوم نتيجة عدم القدرة على التنفس بشكل طبيعي هو إحدى المشكلات الأخرى التي يعانيها هؤلاء الأطفال.
وهناك حقيقة أخرى يجب التنبّه لها، وهي أنّ الطفل الذي يعاني سمنة مفرطة عادةً يعاني أيضاً سمنة مفرطة عندما يكبر، وذلك لأنّ كمية الخلايا الدهنية التي تتكوّن في الطفولة لا تقل بتقدّم السن من حيث العدد، وعندئذ يكون هناك احتمال أكبر لتعرّضه للمشكلات التي تصيب الكبار الذين يعانون السمنة المفرطة.
- المشكلات النفسية الناتجة عن السمنة المفرطة:
الضغوط النفسية التي تواجه الطفل الذي يعاني السمنة المفرطة تعتبر أيضاً مشكلة، وهي كثيراً ما تتضمّن سخرية زملائه منه. وتؤكّد الدراسات أنّ "هؤلاء الأطفال يكونون دائماً في حالة اختبار، سواء في المدرسة أو في النوادي، حيث يطلب منهم ممارسة رياضات وألعاب ليست لديهم اللياقة على ممارستها. كذلك هناك عديد من المواقف الأخرى التي يتعرّض لها هؤلاء الأطفال وتشعرهم أنّ بهم خطأ ما. على سبيل المثال عندما يخرجون لشراء ملابس ولا يجدون مقاساتهم... إلخ".
- طرق تجنّب الإصابة بالسمنة المفرطة والحفاظ على التغذية السليمة:
يجب على الآباء والأُمّهات أن يقوموا بمساندة أطفالهم معنوياً، وفي الوقت نفسه أن يشجّعوهم على أن يكونوا أكثر صحّة، وإليكم بعض الاقتراحات:
1- تأكدا من أنّ طفلكما يعرف ويعي تماماً أنّه محبوب ومقبول، بغض النظر عن وزنه، فهذا مهم للغاية بالنسبة لتقديره لذاته وثقته بنفسه.
2- استمعا إلى ما يضايق طفلكما بخصوص وزنه، فقد يحتاج إلى أن يتحدّث معكما عن شيء حدث له في المدرسة مثل أن يكون قد سخر منه أحد زملائه بسبب وزنه، وفي مثل هذه الحالات سيحتاج الطفل إلى التحدّث مع شخص يحبّه ويفهم مشكلته.
3- تكلّما مع طفلكما بصراحة وبشكل مباشر عن وزنه دون إصدار أحكام، ولا تخافا من مواجهة مشكلة طفلكما، فبفتح الموضوع ستستطيعان في النهاية معرفة مشاعره حيال مشكلته وإيجاد حلول لها.
4- شجِّعا طفلكما على ممارسة الرياضة باستمرار.
5- خذا طفلكما بانتظام إلى النادي أو إلى أي حديقة عامّة، حيث يستطيع اللعب والجري بحرّية مع بقية الأطفال.
6- ضعا حدوداً حاسمة بالنسبة للوقت الذي يقضيه طفلكما يومياً أمام التلفزيون أو الكمبيوتر أو في اللعب بألعاب الفيديو.
7- اشركا طفلكما في التخطيط للوجبات وفي التسوق عند شراء حاجياته من البقالة، وانتهزا هذه الفرصة وعلِّماه كيفية اختيار الغذاء الصحّي.
8- تناولوا وجباتكم مجتمعين على مائدة الطعام بقدر الإمكان.
9- تجنّبوا الأكل أمام التلفزيون.
10- تناولوا الوجبات الخفيفة الصحّية مثل الفواكه والخضراوات الطازجة، العصائر الطازجة، الزبادي، الجبنة قليل الدسم، فهذه المأكولات أفضل من "البمبوني" و"الشوكولاتة".
11- لا تستخدموا الطعام كمكافأة أو كعقاب، فأحياناً تستخدم الأُمّهات "البمبوني" كوسيلة لمكافأة الأطفال، وهذا يجعل الأطفال يعشقونه.
* ناصر رمزي
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق