• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

العلاقة بالآخرين في صلب حياتك

فرانسواز ريفييه/ ترجمة: عبير منذر

العلاقة بالآخرين في صلب حياتك
◄يبدو تحسين علاقاتنا بالآخرين أمراً أساسياً لغالبيتنا. نظرياً، تبدو هذه الرغبة في إقامة علاقات سليمة وودودة مع الأشخاص الذين نعيش معهم ونعمل معهم ونلتقيهم في حياتنا أمراً بديهياً. إلّا أنّ المسألة أصعب واقعياً. إنّ الانتباه للذات والانتباه للذات والانتباه للآخر نقطة الانطلاق لعلاقة زاخرة وحيّة.   إلقاء التحيّة من القلب: إلقاء التحيّة هو أوّل ما نتعلّمه ونحن أطفال، وهو ما يربط الطفل بالآخرين لا سيّما الراشدين. ومع مرور السنوات، يصبح إلقاء التحيّة دليل تهذيب أكثر مما هو سلوك نابع من القلب. حاول أن تستبدل كلمة "صباح الخير" بكلمة أو عبارة شخصية أكثر مثل "سرّني أن ألتقيك!"، "يا له من نهار جميل"، واحرص خاصة على أن تنبع التحية من داخلك وأن تركّز اهتمامك على الشخص الذي تتحدث إليه. ستلاحظ أنّ الكلمة ستأخذ حينئذ معنى موقفك الداخلي وسيتردد صداها بشكل مختلف لدى من يتلقاها.   عبّر بشكل عفوي عن كل ما يسرّك: يُسرّ المرء دوماً عند سماعه أيّ إطراء، لا سيّما إن كان هذا الإطراء صادقاً، فهو يحسّن المزاج ويعزز الثقة بالنفس. منذ أن أقامت في نيويورك، تفاجأت ابنتي الكبرى بكم الإطراءات العفوية التي تتلقاها في الشارع أو في المتاجر أو في المكتب، "للقرطين اللذين يتناسبان مع لون عينيها"، "لمعطفها المميز"، "لابتسامتها المشرقة"... ومنذ ذاك الحين، بدأت تفعل الأمر نفسه، وتشعر فعلاً بلذة في توجيه الإطراءات بدورها. يمكنك أن تهنأ حارس المبنى على عمله، وجارك على سيارته الجديدة، وساعي البريد على لطفه. لن تخلو حياتك اليومية من المناسبات التي يمكنك أن تستغلها لتوجيه الإطراءات.   احترام أولئك الذين تصادفهم: في المدن الكبرى، يتطلّب الانتقال من دون تدافع، وتجنّب العوائق، والركض للحاق بوسائل النقل، رشاقة كبرى، فعدم الصبر والاستعجال يسيطران على الشارع ووسائل النقل والمتاجر الكبرى وزحمة السير... إنما حذار، فهذا معدٍ! تدعوك الحكمة إلى ترك الشخص الأكثر استعجالاً منك يمر، أو إلى عدم المشاركة في التدافع أو إلى تقديم مكانك في النقل المشترك أو في طابور الانتظار لشخص أكبر منك سناً. فابتسامته والشعور بأنك أسعدته يكفيان لإسعادك وسيؤديان إلى ظهور حركات تعاطف أخرى. ويعيدك هذا الاهتمام بالآخر إلى احترام ما أنت عليه حقاً.   كلمة "أحبك" مرة واحدة في اليوم على الأقل: عندما نفقد شخصاً نحبه، نندم لأننا لم نعبّر له عن حبنا بما يكفي. لا تنتظر آخر لحظة أو اللحظات الحرجة لتعبّر عن مشاعرك للأشخاص الذين تحبهم، لأهلك، لجدّيك، لإخوتك وأخواتك، لأولادك، لشريك حياتك، لأصدقائك.. وابدأ منذ هذه اللحظة. عبّر بصوتٍ عالٍ أو عبر الهاتف أو خطياً أو عبر رسالة قصيرة... لا يتطلب هذا سوى بضع ثوانٍ لكنه يولّد أمواجاً من الفرح والسرور.   اعطي مجاناً: ما الذي نخفيه خلف أيّ هبة؟ هل هي هدية نقدّمها لذاتنا، طريقة لنفي ديناً قديماً، طلب مبطّن أم عرض مشروط؟ إلّا أنّ هذه التساؤلات ينبغي ألّا تكبح جودنا. عندما نمنح الآخرين الحب، الحنان، الرعاية والاهتمام من دون أن نتوقّع أيّ مقابل، فإنّ الشعور الذي يترافق مع هذا العطاء هو مكافأتنا. إنّ التواصل مع الآخرين لنعطي من ذاتنا، من وقتنا، ومن مهاراتنا ومن حناننا، أمر حيوي لكل واحد منا. يتغيّر العالم بفضل العطاء، اللانفعية؛ وهو يجف وينفد بسبب الانتهازية والمساومة.   تعلّم كيف تتلقى: إنّ تلقّي الإطراء، التوبيخ، الاقتراحات، الحب، الأشياء المادية، الهدايا من دون غيظ ليس بالأمر السهل. تفاجئنا أحياناً ردود أفعالنا على ما نتلقاه، فنرفض أحياناً بادرة اهتمام، ونصدّ بعض المبادرات، ونعتقد أننا لا نستحق هذه الهدايا أو نقول في سرّنا إنّ علينا أن نعامل صاحبها بالمثل لنصبح متساوين! أنت تجرح من يقدّم لك الهدية إن لم تتلقاها كما ينبغي. عندما يلبي الواحد رغبات الآخر وبالعكس، يسمح التلقّي للعلاقة بأنّ تتجسد في هذا الأخذ والرد الضروريين للمشاركة التي يولّدها العطاء واستقبال هذا العطاء. نحن ننفتح على الآخرين ونستسلم لامتنانه في عطاء متبادل من الذات.   قُلْ شكراً: تستحق أيّ هدية، أيّ وجبة، أيّ اهتمام، أيّ خدمة، أيّ إطراء، الشكر. والشكر يقرّب الناس من بعضهم البعض، ويهدئهم ويجعلهم أكثر لطفاً. قولي شكراً أو اكتبيها من دون تأجيل وبصدق. ولتعكس سرورك أو امتنانك، تتلوّن كلمة "شكراً" بدرجات مختلفة من رهافة الإحساس بحسب الموضوع والظروف. لا تبالغ، ما يهم فعلاً هو العفوية والرقة في اختيار الكلمة.   الاهتمام بالآخر يجعلك سعيداً! إنّ خدمة الآخرين من دون أن ننتظر أيّ فائدة مادية يضفي معنى على الحياة. ويربطنا هذا الشعور بأننا ذوو فائدة وأننا متجذرون في المجتمع الذي ننتمي إليه، بمصير عالمنا والإنسانية. والقضايا الصغيرة مهمة بقدر الكبير منها. إنّ تقديم خدمات صغيرة لشخص مسن، أو مساعدة طالب في دراسته، أو العمل لبضع ساعات في جمعية لحماية البيئة، أو عيادة جارٍ مريض، أو تنظيف الشاطئ، أو جمع الأوراق عن الطريق، أو حمل الأكياس الثقيلة عن سيدة مسنة، أو مساعدة ضرير على عبور الطريق... هي طرق عديدة كي تشعر أنك مسؤول عن العالم الذي تعيش فيه.►   المصدر: كتاب الجسم المثالي في 10 دقائق يومياً

ارسال التعليق

Top